ارتفاع الضريبة والتقشف يعجلان برحيل المستثمرين السعوديين من منطقة اليورو

خبراء يتوقعون عودة 50% من استثماراتهم إلى المملكة

TT

دفعت الأزمة المالية العالمية، أو ما تعرف بأزمة «الديون السيادية» التي تعصف بدول منطقة اليورو، واجتاحت عددا من الدول في المنطقة، وإفرازات الربيع العربي وما نتج عنها من تضييق على المستثمرين، رجال أعمال سعوديين لسحب استثماراتهم تدريجيا من تلك الدول، والعودة للبحث عن فرص استثمارية داخل المملكة، تفاديا لإشهار إفلاسهم في حال تحمل تلك المخاطر. ويتوقع بحسب مختصين في الشأن الاقتصادي، أن تشهد الأربع سنوات القادمة عودة 70 في المائة من حجم الاستثمارات السعودية المهاجرة، والتي تعاني من فرض سلسلة من القيود في الدول العربية، ورفع الضرائب في دول منطقة اليور، فيما قدرت عودة 50 في المائة من هذه الاستثمارات للمملكة التي حققت نتائج في القطاعات غير النفطية من عام 2005 وحتى نهاية 2012 نموا سنويا متوسطه 8.2 في المائة، وتسجيل ميزان المدفوعات فائضاً بلغ 3.1 تريليون ريـال، وبلغت المصروفات الفعلية للمالية العامة نحو 4.7 تريليون ريـال.

وهنا يقول الدكتور صالح الطيار أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، إن عددا من رجال الأعمال والشركات السعودية في دول منطقة اليورو، قاموا ببيع ما لديهم من استثمارات والعودة إلى موطنهم، بسبب الظروف الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة، إضافة إلى المستثمرين في دول الربيع العربي، الذين يسارعون في الخروج السريع والتخلص من استثماراتهم بسبب التخبط السياسي والاقتصادي في تلك الدول. وأرجع الطيار الأسباب في عودة المستثمرين إلى السعودية بعد سنوات طويلة من الهجرة في الأسواق العالمية، إلى ارتفاع الضرائب المفروضة على المستثمرين، فإذا زادت الأرباح زادت الضريبة، وهي قيمة تصاعدية قد تصل إلى 80 في المائة في بعض الأحوال، وهذا يدفع كثيرا من رجال الأعمال وتحديدا في فرنسا للذهاب إلى بروكسل، لانخفاض الضريبة التي تختلف كليا عما هي عليه في فرنسا وبريطانيا التي تتمركز فيها الاستثمارات السعودية. ولفت الأمين العام للغرفة العربية الفرنسية، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة القبرصية، حيال الودائع في جميع البنوك، والمتمثل في استقطاع ما مقدراه 30 في المائة من تلك الودائع، بهدف إنقاذ اقتصادها، سيدفع الكثير من المستثمرين للتفكير في الخروج السريع قبل أن تسير باقي الدول التي تعاني من أزمات مالية على هذا النهج في تحسين أدائها الاقتصادي، وهي إشكالية كبيرة ستقع فيها المنطقة إذا ما اتخذت هذه الخطوة لحل ديونها. وقال الطيار، إنه لا توجد إحصائية رسمية عن حجم استثمار السعوديين في دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تتجاوز مليارات الدولارات، وتتركز في الصناعات الثقيلة، والعقار، والفنادق والسياحة، التي تعرضت في الآونة الأخيرة لضربة موجعة من تدني السياح وإشغال الفنادق في عموم دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن أكثر الشركات المتوسطة، هي أكثر الشركات التي تعرضت لهزات اقتصادية، وتجد صعوبة في إيجاد مكان لها، بخلاف الشركات الصناعية الكبيرة التي لها عقود من الحكومات تساعدها على الاستمرار والبقاء.

في المقابل شهدت عدد من الشركات السعودية، في عدد من الدول العربية، جملة من المشاكل والتي أصبحت عائقا في استمرار مشاريعهم في تلك الدول، والمتمثلة في صعوبة تحويل أرباحهم من البنوك في تلك الدول للخارج، إضافة إلى قانون الضرائب، والذي سيلغي جزءا من المميزات والإعفاءات. ويبدو أن المستثمرين، بحسب الاقتصاديين يجدون صعوبة في الخروج من تلك الدول، وتعويض خسائرهم المالية، وتحديدا في قطاع السياحة والفنادق، وهو ما ذهب إليه الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ رئيس الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي – المصري، بقوله، إن الاستثمارات السعودية في المنطقة العربية تأثرت بشكل مباشر، فيما تمكن عدد من المستثمرين مع بداية الأزمة الاقتصادية للعودة للمملكة والبحث عن فرص استثمارية في قطاعات مختلفة، خاصة أن هناك أكثر من 260 فرصة استثمارية متاحة فقط في منطقة مكة المكرمة. ورادف ابن محفوظ: أن «ما تعرض لها المستثمرون خارج المملكة من خسائر وفرض أنظمة جديدة تعوق تحركاتهم يعد درسا قاسيا، إلا أنه دليل على قوة ما ذهب إليه المستثمرون السعوديون في الداخل من صلابة الاقتصاد المحلي، إضافة إلى الحرية المتاحة والمميزات التي تقدمها الجهات المعنية بالاستثمار». وأكد ابن محفوظ، أنه وخلال عامين سيشهد تراجع للاستثمارات السعودية خارجيا، في المقابل سيكون هناك عودة إلى نحو 50 في المائة من الاستثمارات السعودية المهاجرة في عدد من الدول العربية، خاصة بعد أن تم تقليص وسحب المميزات الممنوحة للسعوديين في تلك الدول قبل الربيع العربي، بدعوى أنها تصطدم مع قوانين الاستثمار المعمول بها. وأشار ابن محفوظ، أن عددا من المستثمرين في دول الاتحاد الأوروبي ومع ظهور الأزمة، عادوا فعليا للسوق السعودية، وشرعوا في تنفيذ عدد من المشاريع في تخصصاتهم، وذلك بعد أن فرضت عدد من دول الاتحاد ضريبة على المستثمرين، في حين ما زال عدد من المستثمرين يبحثون عن حلول لتعويض خسائرهم، وهم لا يدركون أن عامل الوقت مهم في تقليص حجم الخسائر. وعلى الرغم من عدم وجود بيانات رسمية لحجم استثمارات السعوديين في الخارج، إلى أن التقديرات الاقتصادية تشير ألى تخطيها 3 تريليونات ريال, وفي حال عودتها للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في عدد من القطاعات والبنية التحتية، وسيساعد ذلك في خلق فرص وظيفية جديدة للكوادر الوطنية.

وهنا يؤكد زياد البسام نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة، بقوله إن الاستثمار داخل السعودية، له عدة مزايا على كافة المستفيدين والطامحين للدخول في السوق المحلية خاصة وأن الإنفاق الحكومي يفوق كل التوقعات كل عام، كذلك الاستقرار الاقتصادي والسياسي، والذي ينعكس على عوائد الاستثمار التي تعتبر أفضل مما هي عليه في دول أخرى. وزاد نائب رئيس الغرفة التجارية في جدة، إلا أن الاستراتيجية التي تم اعتمادها من سنوات تضع المملكة في مقدمة الدول التي تتملك المقومات الاستثمارية، للباحثين عن الاستقرار والفرص الواعدة والكبيرة، لافتا إلى أن غرفة جدة تلعب دورا محوريا لموقعها الاستراتيجي في أحد أهم المدن الصناعية المطلة على البحر الأحمر، وذلك من خلال طرح هذه الفرص بشكل مباشر على المستثمرين، أو عبر المنتديات الاقتصادية، التجارية.