السياحة في مصر تواجه خطر الانهيار مع تدهور الوضع الأمني

«مصر للطيران»: حركة الطيران مع تركيا تسير بشكل طبيعي * شركات السياحة الروسية تخشى الإفلاس جراء عدم الاستقرار في مصر

لقطة لشاطئ مهجور تماما في مدينة نويبع الساحلية في سيناء نظرا لضعف الإقبال (أ.ف.ب)
TT

يواجه قطاع السياحة في مصر خطر الانهيار مع إصدار العديد من الحكومات الغربية تحذيرات لرعاياها بالبقاء داخل الفنادق، بينما بدأت العديد من شركات السياحة بإلغاء رحلاتها إلى البلد الذي يشهد أعمال عنف.

ودفعت المخاوف من حدوث اضطرابات في جميع أنحاء البلاد عقب أحداث العنف الدامية، التي أودت بحياة نحو 600 شخص، الأربعاء، بالعديد من الدول إلى إصدار تحذيرات من السفر إلى مصر.

ودعت كثير من الدول رعاياها من السياح إلى البقاء داخل الفنادق والمنتجعات، حتى في المناطق التي لم تصل إليها الاضطرابات.

وتعد السياحة من الروافد الرئيسة للاقتصاد المصري؛ إذ إنها كانت تشكل أكثر من 11 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، قبل موجة الاضطرابات السياسية التي بدأت في مصر في 2011.

وأكد رئيس القطاع التجاري بشركة «مصر للطيران» حسين شريف أن حركة الطيران بين مصر وتركيا منتظمة وتسير بشكل طبيعي، كما تتسم نسبة الركاب على رحلاتها بـ«الامتلاء»، رغم حالة التوتر الدبلوماسي بين البلدين.

وقال شريف، في تصريحات صحافية، أمس (السبت)، إن «مصر للطيران» تسير ثلاث رحلات يومية إلى إسطنبول، وتبلغ سعة الطائرة المستخدمة في تلك الرحلات 140 راكبا، وتشهد هذه الرحلات، ورغم توتر العلاقات الدبلوماسية، حالة من الإقبال على السفر، والوصول من إسطنبول، وهو الأمر الذي ينفي أي فكرة أو شائعة بتقليص عدد الرحلات إلى إسطنبول أو إلغائها.

وقالت وكالة السياحة الاتحادية الروسية إنها لا تستبعد أن يتعرض عدد من شركات السفر في روسيا للإفلاس، بسبب التطورات الحالية في مصر.

وقال يفجيني بيساريفسكي، وهو نائب رئيس وكالة السياحة الاتحادية، لوكالة أنباء «إيتار تاس» الروسية، أمس، إن «الوضع صعب جدا.. فالوكالة، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تطوير السياحة وحماية السياح الروس في الخارج، لا تريد أن يحدث ذلك.. لكن مثل هذه المخاطر قائمة».

وأضاف بيساريفسكي: «وعلاوة على ذلك، فإنه قد صدرت تحذيرات للشركات قبل شهر من أن الوضع يمكن أن يتطور في ظل أسوأ السيناريوهات، كما يمكن أن تزيد التوترات. وصدرت لها توصيات بتقليص برامجها. بعضها قام بذلك، والبعض الآخر لم يفعل».

وفي وقت سابق، قدرت مايا ليميدز، المديرة التنفيذية للجمعية الروسية لشركات السفر، الخسائر الأولية التي قد تعاني الشركات السياحية الروسية منها جراء عدم الاستقرار في مصر بـ35 مليون دولار. ووفقا لليميدز، فإن الشركات السياحية الروسية تتيح للسياح رحلات إلى مصر في الفترة من أواخر سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، وحتى أوائل نوفمبر (تشرين الثاني).

وقالت ليميدز إنه وفقا لتقديرات تقريبية، فإنه قد تم بالفعل بيع ما يصل إلى 50 ألف تذكرة سفر، مضيفة أن «متوسط سعر رحلة السفر إلى مصر يتراوح ما بين 600 إلى 700 دولار للشخص الواحد».

ويزور ملايين الأجانب مصر سنويا للاستمتاع بشواطئها وزيارة آثارها القديمة، والقيام برحلات بحرية في نهر النيل، لكن ألمانيا حذرت مواطنيها من السفر إلى منتجعات البحر الأحمر السياحية، بينما نصحت أميركا مواطنيها بعدم الذهاب إلى مصر.

قال محمد الشوربجي: «ألغي نحو 10 في المائة من الحجوزات لدينا».

والشوربجي صاحب مركز للغطس في الغردقة، وهي إحدى البلدات القليلة المعزولة على البحر الأحمر، التي تبعد عن المدن المصرية، ولا يزال أداؤها جيدا نسبيا.

وتوجه التحذيرات من السفر إلى مصر، التي صدرت مؤخرا، ضربة قاسية لأناس، مثل الشوربجي، الذي قال إن التغطية الإعلامية لأعمال العنف القاتلة مسؤولة جزئيا عن الإضرار بالصناعة.

وقال لـ«رويترز» في اتصال تليفوني: «معظم الأحداث تقع على بعد 600 كيلومتر في القاهرة والإسكندرية، لكن الناس لا يدركون ذلك».

وتابع قائلا: «وسط المدينة في الغردقة هادئ تماما. كل ما شاهدته اليوم هو بعض الناس وأفراد الشرطة يحرسون كنيسة».

وقررت الوحدة الألمانية لمجموعة «توماس كوك» السياحية وشركة «توي ترافل» الألمانية، وهي فرع من مجموعة «توي» الأوروبية الأكبر إلغاء كل رحلاتها إلى مصر، بعد أن حذرت وزارة الخارجية الألمانية مواطنيها من السفر إلى منتجعات البحر الأحمر.

وقالت الشركتان إنه يمكن للزبائن تغيير رحلاتهم لمصر إلى جهات أخرى، دون دفع أي رسوم إضافية.

وقالت شركة «إير برلين» ثاني أكبر شركة طيران ألمانية، التي تملك شركة الاتحاد الخليجية نحو ثلث أسهمها، إن رحلاتها لا تزال منتظمة إلى منتجعات البحر الأحمر، لكنها لن تقبل أي حجوزات جديدة لمصر حتى 15 سبتمبر (أيلول).

ونصحت وزارة الخارجية الألمانية الآن بعدم السفر إلى المنتجعات التي تجذب نحو 1.2 مليون ألماني إلى مصر سنويا، لكنها لم تصل إلى حد إصدار تحذير شامل، مما يعني إجلاء السياح.

وحث وزير الخارجية جيدو فسترفيله المواطنين الألمان على أخذ هذه النصيحة على محمل الجد.

ودفعت نصيحة مماثلة من وزارة الخارجية السويدية كبرى شركات السياحة السويدية إلى وقف جميع رحلاتها إلى منتجعات شرم الشيخ التي تبعد 400 كيلومتر عن القاهرة والغردقة.

وحذت بلجيكا حذو الدولتين، ووسعت تحذيرا ضد السفر إلى المنتجعات السياحية، أول من أمس (الجمعة)، مما دفع شركتي «نيكرمان» و«جيت إير» إلى إلغاء جميع رحلاتهما إلى مصر.

وتحولت الاحتجاجات التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين، أول من أمس (الجمعة) إلى أعمال عنف في أنحاء متفرقة من مصر، حيث سقط نحو 50 قتيلا في القاهرة وحدها، خلال «جمعة الغضب»، التي دعا اليها أنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي للتنديد بحملة شنتها قوات الأمن.

وكانت الولايات المتحدة حذرت رعاياها من السفر إلى مصر، وحثت رعاياها في مصر على مغادرة البلاد.

وتفيد بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن مصر جذبت 14.7 مليون سائح في عام 2010، من بينهم 2.8 مليون روسي و1.5 مليون بريطاني و1.3 مليون ألماني.

وأفادت بيانات منظمة السياحة العالمية بأن الصناعة التي تقدر قيمتها بنحو 13 مليار دولار، كانت تشكل نحو 11 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي قبل ثلاث سنوات.

وتراجع عدد السياح إلى 9.5 مليون في عام 2011، قبل ارتفاع عددهم إلى 11.2 مليون سائح في عام 2012. وزاد عدد السياح في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2013، بنسبة 12 في المائة، مقارنة بالعام السابق.

وعندما جاء مرسي إلى السلطة، عبّر كثير من العاملين في السياحة عن خشيتهم من أن حكومته ستحظر المشروبات الكحولية، وتضيق على السياح، مما يبعد زبائنهم الأوروبيين.

ولم يتحقق أي من هذه المخاوف.

لكن صورة مصر كمكان يرحب بالسياح تلقت ضربة أخرى في يونيو (حزيران)، قبل أسابيع من الإطاحة بمرسي، عندما قدم وزير السياحة هشام زعزوع استقالته احتجاجا على قرار مرسي تعيين عضو بجماعة إسلامية متشددة يلقى عليها بمسؤولية قتل 58 سائحا بالأقصر في عام 1997 محافظا للأقصر.

وقالت روسيا إنه لا ينبغي لمواطنيها السفر إلى مصر، ونصحت شركات السياحة بعدم الترويج للسياحة في مصر.

وقالت شركة «كوني للسياحة» إنها تتصل بجميع زبائنها في بريطانيا الذين كان من المقرر أن يتوجهوا إلى مصر خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لتعرض عليهم أماكن بديلة، أو رد أموالهم إذا لم تكن البدائل مقبولة لديهم.

وتعد مصر واحدة من أكبر عشرة مقاصد سياحية بالنسبة لشركتي «توي» و«توماس كوك»، وتزداد جاذبيتها كمقصد سياحي في فصل الشتاء.

لكن التحذيرات التي أصدرتها الحكومات تؤثر على سياحة الإجازات، ولن يطبق إلغاء التأمين غالبا على مواقع تعد غير مناسبة للسفر.

ونُصح السياح الموجودون في مصر بالبقاء في المنتجعات، وألغيت رحلات إلى مقاصد رئيسة، من بينها الأقصر ووادي الملوك ودير سانت كاترين في سيناء، الذي يعد أقدم دير مسيحي في العالم.

وكانت فرنسا نصحت بعدم السفر إلى سائر أرجاء مصر، منذ أول يوليو (تموز)، ومددت سويسرا، أمس، العمل بنصيحتها بعدم السفر نهائيا إلى مصر في تحديث لبيان نشر على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت .