الشركات الأجنبية في مصر بين ترحيل موظفيها وانتظار تطور الأوضاع

وسط مخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل التردي الأمني

التأزم الأمني والسياسي يلقي بظلاله الكثيفة على الاقتصاد المصري (أ.ب)
TT

قالت شركة «إلكترولوكس» السويدية، ثاني أكبر شركة للأجهزة المنزلية في العالم، إن نشاطها سيستمر في مصر، وإنها ستعيد الإنتاج بمصانعها بعد توقفها منذ الأربعاء الماضي فور التأكد من استقرار الأوضاع الأمنية لضمان سلامة موظفيها.

وبحسب «رويترز» أضافت الشركة التي يعمل بها ما يقرب من 6000 عامل في مصر في بيان صحافي حصلت «رويترز» على نسخة منه أن «السوق المصرية من الأسواق المهمة لنا.. قرار تعطيل العمل يومي الأربعاء والخميس الماضيين كان بصورة مؤقتة وجاء كإجراء احترازي للحفاظ على سلامة الموظفين».

وأجبرت الاضطرابات التي تشهدها مصر شركات أجنبية على إيقاف إنتاجها يوم الخميس الماضي، وأثارت مخاوف من أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ عامين.

وتعاني مصر من تراجع أنشطة السياحة وارتفاع أسعار الغذاء وصعود معدلات البطالة منذ الإطاحة بحسني مبارك في عام 2011.

وقالت «إلكترولوكس» التي استحوذت على «أوليمبيك» المصرية أكبر شركة لصناعة الأجهزة المنزلية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2011: «نتابع الوضع الأمني وسنحدد موعد استئناف النشاط في مصر فور التأكد من استقرار الأوضاع الأمنية وعودة الهدوء للشارع لضمان سلامة الموظفين وعدم تعرضهم لأي مخاطر».

ودعت جماعة الإخوان المسلمين لأسبوع من الاحتجاجات في جميع أنحاء مصر يبدأ من أمس السبت، وذلك في تحد بعد يوم من مقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات بين الإسلاميين وقوات الأمن دفعت البلاد بصور أقرب إلى الفوضى من أي وقت مضى.

وقد قررت بعض الشركات الأجنبية الموجودة في مصر وقف أنشطتها وإعادة موظفيها إلى بلدانهم في ظل أعمال العنف في البلاد، في وقت تراقب فيه شركات أخرى تطور الوضع.

وفي هذا الإطار، أعادت شركة «بويغ كونستروكسيون» الفرنسية التابعة لمجموعة «بويغ» خمس عائلات لموظفين أجانب وصل أفرادها إلى مطار رواسي في باريس صباح الجمعة. كذلك تم «وقف العمل وتأمين» ورشة إنشاء الخط رقم ثلاثة في مترو الأنفاق في القاهرة، حيث يعمل هؤلاء الموظفون الأجانب وفق المجموعة.

وأضافت الشركة: «قبل سنتين، عندما انطلقت الأعمال، كان ثمة 80 موظفا أجنبيا في الموقع، بينهم نحو 40 يعملون لحساب بويغ (...) لكن منذ يونيو - حزيران وانتهاء حفر النفق، لم يبق سوى نحو 15 شخصا في المكان».

وبحسب معلومات صحافية فإن مجموعة «فينسي» الفرنسية للإنشاءات التي تعمل على المشروع نفسه قامت أيضا بإعادة موظفيها الأجانب إلى بلدانهم الجمعة. وقالت المجموعة إنها لن تدلي بأي تعليق حتى الساعة.

كذلك قامت شركة «شل» النفطية البريطانية بإغلاق مكاتبها في مصر حتى الأحد؛ «بهدف ضمان أمن موظفيها» كما حدت من رحلات العمل إلى البلاد. وقال متحدث باسم الشركة: «إننا نواصل مراقبة الوضع في مصر».

واستثمار موقع الإنتاج الرئيسي للمجموعة في مصر تتولاه «شركة بدر الدين للبترول» التي تتقاسم ملكيتها شركة «شل» والهيئة المصرية العامة للبترول.

والخميس، أعلنت شركة «إلكترولوكس» السويدية المصنعة للأدوات المنزلية الكهربائية والتي توظف نحو 6700 شخص في مصر، إغلاق مصانعها في القاهرة والمناطق المحيطة بها مؤقتا بهدف «مراقبة الوضع من الناحية الأمنية».

وتبعتها في هذا القرار شركة «جنرال موتورز» الأميركية المصنعة للسيارات والتي أعلنت في اليوم نفسه تعليق إنتاج مصنعها المحلي الذي يوظف «أكثر من 1400 مصري».

أما شركة «لافارج للإسمنت» فأعلنت أنها لا تعتزم في الوقت الراهن إغلاق معاملها أو ترحيل موظفيها الأجانب.

وقالت متحدثة باسم شركة «لافارج» لوكالة الصحافة الفرنسية: «إننا نراقب بانتباه شديد الوضع. تم اعتماد تدابير وآليات للسلامة في المكان ونبدي يقظة كبيرة بغية تطويرها تبعا لتطور الوضع». وأضافت المتحدثة أن «القسم الأكبر من أنشطتنا موجود خارج القاهرة، إذ إن المصنع الرئيسي للإسمنت التابع للمجموعة في مصر موجود في الصحراء على بعد 200 كلم من العاصمة، ولا يزال هذا المصنع يمارس نشاطه بشكل طبيعي».

وتوظف شركة «لافارج» التي استحوذت عام 2008 على الأنشطة المتعلقة بالإسمنت لمجموعة «أوراسكوم» المصرية، نحو 2000 شخص في البلاد، لكن قلة منهم هم من الأجانب؛ إذ إن أنشطتها في مصر تركز بشكل أساسي على السوق المحلية. وحاليا، وخصوصا بسبب العطلة الصيفية، لا يزال 10 إلى 15 موظفا أجنبيا فقط يعملون في الشركة.

من جانبها اتخذت شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات تدابير أمنية تشمل موظفيها الـ6000 العاملين في مصر، خصوصا بالنسبة لشركة «موبينيل» التابعة لها، داعية إياهم إلى العمل من منازلهم. «أما بالنسبة للأشخاص الذين يتعين عليهم التوجه إلى مكاتبهم، فإن ساعات العمل تم تعديلها بشكل يسمح لهؤلاء بالعودة إلى منازلهم قبل موعد حظر التجول» الساري في 14 محافظة مصرية. كما أن كافة مراكز البيع التابعة للشركة في البلاد «مقفلة» وتم «إرجاء» مواعيد العمليات التقنية الخارجية. كذلك عمد عملاق الطاقة الفرنسي «جي دي إف سويز» الذي يعد بضع عشرات من الموظفين في البلاد، إلى «تعزيز» تدابيره الأمنية، قائلا إنه يعيد تقويم الوضع «على نحو يومي».

أما منافسته الفرنسية «توتال» الموجودة في مصر من خلال شركة «توتال مصر» لتوزيع المحروقات، فأعلنت أنها ستتخذ «كل الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة موظفيها ومنشآتها»، من دون تقديم مزيد من الإيضاحات. وتعد شركة «توتال مصر» نحو 130 موظفا.

من جهته تقدم رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل بالشكر للدول التي «تفهمت ما يحدث في مصر ودعمت تمسك أبناء مصر وتطلعهم إلى تحقيق المزيد من الديمقراطية التي نصبوا إليها جميعا، وكذا الدول الصديقة التي لم تتفهم نظرا لوصول معلومات مغلوطة أو غير كاملة لها».

وقال الوكيل في بيان صحافي أمس إن هذه الدول لم يتضح لها أن ما يحدث اليوم هو «إرهاب مسلح»، عانت منه تلك الدول نفسها مرارا، واضطرت حماية لأبناء وطنها إلى أن تتخذ إجراءات أشد وأعنف مما يحدث في مصر، وأن الجميع يبذلون قصارى جهدهم لعودة مصر كما كانت دائما بلد الأمن والأمان والسماحة والوفاق.

وصرح الوكيل بأن الاتحاد بدأ في مخاطبة أكثر من 30 ألف اتحاد وغرفة في مختلف دول العالم لتوضيح الصورة بشفافية كاملة لتحريك دعم مجتمع الأعمال في تلك الدول مع حكوماتها.

وأكد الوكيل أن شراكتنا التجارية والاستثمارية مع دول العالم كافة لا علاقة لها بالسياسة؛ «فمصر ستظل داعمة للمستثمر الأجنبي، الذي خلق فرص عمل لأبناء الوطن، بغض النظر عن جنسيته، وموقف دولته السياسي، ومصر أيضا حريصة كل الحرص على احترام اتفاقياتها التجارية الدولية».

وأضاف أنه لا مجال لـ«المزايدات السياسية» فيما يخص الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتي تمس صميم جميع الجوانب الحياتية لأبناء مصر؛ «فكافة شركائنا في التنمية كانوا وسيظلون دولا صديقة، وعلاقاتنا الاقتصادية ستستمر، بل ستتنامى مع كافة دول العالم، تلك التي دعمت سعينا للديمقراطية وحربنا ضد الإرهاب، أو تلك التي لم تتفهم حقيقة الموقف بعد».

وعاشت مصر الأربعاء الماضي أكثر أيامها دموية منذ سقوط نظام حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011، حيث تم تسجيل سقوط 578 قتيلا في عملية قامت بها قوات الأمن لفض اعتصامين مركزيين لأنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي في القاهرة.

وقتل 70 شخصا على الأقل في «يوم غضب» دام أول من أمس الجمعة شهد اشتباكات جديدة تحولت إلى ما يشبه حرب الشوارع في مناطق متفرقة بين قوات الأمن ومتظاهرين مؤيدين لمرسي.