«النقد الدولي» يتوقع نجاح السعودية في تقليص بطالة الشباب وزيادة التنافسية

تعد الدولة الأكثر إنفاقا على التعليم في العالم

السعودية أكثر دول العالم إنفاقا على التعليم («الشرق الأوسط»)
TT

بات تزايد أعداد شريحة الشباب في السعودية أمرا إيجابيا لإمكانية توفر فرص جديدة لعمليات التقدم الاقتصادي المحلي.. يأتي ذلك في الوقت الذي كان قد أكد فيه صندوق النقد الدولي إمكانية أن تنجح السعودية في تقليل معدلات البطالة من خلال رفع فرص التوظيف في القطاع الخاص، وزيادة معدلات التنافسية في هذا القطاع.

وفي هذا الإطار، ما زالت وزارة العمل السعودية، بحسب معلومات جديدة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، تبحث عن إمكانية ابتكار برامج جديدة من شأنها زيادة معدلات توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وسط توقعات بأن تكون البرامج الجديدة المتوقع ابتكارها على غرار برنامج «نطاقات» الذي نجحت الوزارة في تطبيقه خلال العامين الماضيين.

من جهة أخرى، أشادت «بيرسون»، عملاق توفير خدمات التعليم في العالم، بتقرير صندوق النقد الدولي، الذي أفاد بإمكانية تقليل معدل البطالة في السعودية إذا ما تناقص الاعتماد على وظائف القطاع العام ورفعت تنافسية اليد السعودية العاملة في القطاع الخاص.

وتأتي هذه الإشادة في الوقت الذي يعد فيه ما نسبته 50% من التعداد السكاني في السعودية دون سن 25 عاما، وهو معدل مؤهل للزيادة في المستقبل، فيما يختلف الاقتصاديون حول تأثير هذا التزايد في شريحة الشباب على الاقتصاد السعودي، حيث سيكون بإمكان هذا العدد الكبير من الشباب جلب فرص هائلة للنمو من خلال ابتكار أفكار جديدة وتطوير قوة عاملة كبيرة كافية لتحويل هذه الأفكار إلى واقع عملي.

ويشير تقرير صندوق النقد الدولي الخاص بالمملكة إلى أن عددا كبيرا من الشباب سيدخلون سوق العمل على مدار العقد المقبل، مما يجعل فرص إيجاد شواغر مجزية لهم تحديا حقيقيا، يأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه إيجاد ما يقارب مليوني فرصة عمل جديدة بين عاميي 2008 و2012 في السعودية، ذهبت ثلاثة أرباعها إلى غير السعوديين في المملكة.

وأدركت السعودية أهمية تعزيز القطاع التعليمي، حيث تم توجيه أكثر من 204 مليارات ريال (54.4 مليار دولار) من ميزانية عام 2013 إلى قطاع التعليم، وهو ما يعكس نسبة 25% من الإنفاق السنوي الحكومي، أي ما يقارب 10% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تحتل البلاد حاليا أعلى معدل إنفاق على قطاع التعليم في العالم. وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة «بيرسون»، فإنه قد ساعدت هذه المبادرات على التأثير إيجابا في نتائج تعليم الأفراد في الدولة، حيث بلغت نسبة المتعلمين البالغين في البلاد نحو 97% وفقا لبيانات البنك الدولي بعدما كانت 30% في عام 1970، كما أن عدد الأفراد الذين ينهون تعليمهم المدرسي والثانوي بارتفاع أيضا.

ورغم ذلك، فإن مارك آندروز، مدير المؤهلات لمؤسسة «بيرسون - الشرق الأوسط»، قال إنه من الضروري أن تكون التحسينات للنظام التعليمي السعودي منضبطة بشكل يسد حاجة السوق المحليى.

وقال آندروز: «ستوفر الزيادة في أعداد الشباب في السعودية فرصا هائلة للمملكة والمنطقة ككل؛ لأنها ستساعد زيادة النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة وتحقيق هدف الحكومة لزيادة التنويع الاقتصادي، لكن كما يوضح تقرير صندوق النقد الدولي، فإن تجهيز الشباب بالمؤهل التعليمي والتدريبي الفعال أمر بالغ الأهمية، وذلك لكي تصبح هذه الطفرة الشبابية داعمة وليست عبئا، ويحتاج التعليم والتدريب إلى التركيز على إعداد الشباب لسوق العمل».

ولفت إلى أن أبحاث «بيرسون» في منطقة الخليج تشير إلى أن غالبية أصحاب الأعمال المحليين يعتقدون أن النظام التعليمي غير كاف لتأهيل الموظفين الجدد لسوق العمل، وقال: «حصلنا على أدلة تؤكد فشل الخريجين الجدد في إبراز المهارات التي يطلبها أصحاب الأعمال في القرن الـ21، مثل مهارات التواصل والتعاون وتحمّل المسؤولية وإيجاد حلول للمشكلات». وتشير دراسة «بيرسون» الدولية لعام 2009 الخاصة بالربط بين التعليم والتوظيف، التي تتوفر بشكل مفصل في تقرير «التعليم الفعال من أجل التوظيف»؛ إلى أن فجوة المهارات موجودة في كل الموظفين الجدد والذين يمتلكون خبرة في مجالاتهم. وتتمثل هذه الفجوات في القيادة والعمل الجماعي والإبداع والابتكار، وتعد مشكلة دولية لا توجد فقط في السعودية وإنما في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد آندروز أن إعطاء الشباب السعودي المهارات المناسبة في سوق العمل سيساعد هذه الكثافة الشبابية المتزايدة على الدخول والنجاح في أعمالهم والمساهمة في تطور كبير على المدى الطويل. وأضاف: «إعطاء الشباب السعودي التعليم المناسب سيمنحهم الفرصة للمساهمة الفعالة في حياتهم المهنية ومساعدة خفض مستويات عالية من البطالة بين الشباب، كما سيجعلهم أكثر فعالية وإنتاجية في وظائفهم وتعزيز النمو الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة في المملكة، حيث إن الفئة الشبابية في السعودية لديها القدرة على أن تصبح قوة اقتصادية فاعلة في المنطقة، لكن المسألة هي توجيه تلك الإمكانية إلى نتائج إيجابية ومثمرة».