تأجيل الربط بين بورصتي مصر وإسطنبول بسبب التوترات السياسية

سوق القاهرة تنهي الأسبوع على تماسك بعد أن بدأته بخسائر

جانب من البورصة المصرية (رويترز)
TT

في ما قد يكون أول تأثير اقتصادي مباشر لتوتر العلاقات بين مصر وتركيا منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، اتفقت بورصتا القاهرة وإسطنبول على تأجيل اتفاقية الربط الإلكتروني بينهما.

وقال محمد عمران، رئيس بورصة مصر، في اتصال هاتفي مع «رويترز» أمس «اتفقنا مع بورصة إسطنبول على تأخير عملية الربط بسبب التطورات السياسية، وقمنا بعمل بيان مشترك مع بورصة إسطنبول خرج لجميع وسائل الإعلام في وقت واحد».

وبرزت تركيا كواحدة من أشد الدول انتقادا لما وصفته بـ«انقلاب غير مقبول»، بعدما عزل الجيش المصري الرئيس مرسي الشهر الماضي، ودعت مجلس الأمن الدولي للتحرك لوقف إراقة الدماء. واستدعت تركيا سفيرها في القاهرة للتشاور بعد الإدانة القوية من أنقرة لقمع قوات الأمن المصرية لمؤيدي الرئيس الإسلامي المعزول. وردا على ذلك قرر وزير الخارجية المصري نبيل فهمي استدعاء سفير مصر في أنقرة للتشاور.

وكانت بورصة مصر وقعت مذكرة تفاهم مع بورصة إسطنبول في يونيو (حزيران) من 2012 خلال حكم الإخوان المسلمين، وكانت تعتزم تفعيل الربط في سبتمبر (أيلول) المقبل. وقالت بورصة مصر في بيان صحافي أمس «سيكون هناك نوع من التأخير في الجدول الزمني لتنفيذ المشروع الربط.. كلتا السوقين ستواصل الاتصالات لتقييم الوضع على نحو منتظم».

ولم يخض بيان بورصة مصر في أي تفاصيل حول الموعد الجديد المزمع لعملية الربط بين البورصتين. وقال عمران لـ«رويترز»: «لا يوجد أي وقت متوقع لعملية الربط. لا أحد يعرف ما يمكن أن تكون عليه التطورات السياسية».

وتظاهر الأسبوع الماضي ما يصل إلى ألفي محتج حاملين أعلاما إسلامية ومرددين شعارات مناهضة للولايات المتحدة في أكبر مدينتين في تركيا احتجاجا على قمع قوات الأمن في مصر لأنصار الرئيس المعزول. وقال بيان بورصة مصر «لا تزال عملية الربط مسألة معلقة لا سيما أن شركات السمسرة من الجانبين في انتظار توقيع لبدء تخصيص الموارد الخاصة بالمشروع».

وقال إيهاب رشاد، من «مباشر مصر لتداول الأوراق المالية»، وهي إحدى الشركات التي كان سيسمح من خلالها بالتداول في اسطنبول «كنا مستعدين بالفعل للربط، وعقدنا اجتماعات مع شركات سمسرة في تركيا، لكننا لم نوقع اتفاقيات معهم بعد». وأضاف «(مباشر) لن تتأثر بتأخير الربط لأننا لم نر بعد مزايا فعلية». كما قالت «بلتون القابضة»، وهي أيضا من الشركات التي كان سيسمح من خلالها بالتداول في إسطنبول، إنها لن تتأثر بتأخير الربط لأنه كان ضمن الخطط المستقبلية للشركة. وكانت بورصة مصر تهدف من الربط مع إسطنبول لجذب مستثمرين جدد للسوق التي تعاني من شح السيولة وتخوف المستثمرين الأجانب والمصريين من ضخ أموال جديدة في ظل حالة من عدم التيقن السياسي والاقتصادي في البلاد.

وبعد أن تكبدت خسائر حادة في جلسة الأحد، تمكنت البورصة المصرية من استعادة توازنها بفضل هدوء نسبي في الشارع مع تراجع احتجاجات مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وإلقاء القبض على بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين.

وهبط المؤشر الرئيس لبورصة مصر بشكل حاد خلال معاملات الأحد تحت ضغط من أعمال العنف التي اجتاحت مدن مصر إثر فض اعتصامين لمؤيدي مرسي، وكذلك بعد وقف معاملات البورصة والبنوك الخميس الماضي. لكن السوق استعادت تعافيها وتمكنت من التماسك خلال باقي جلسات الأسبوع بدعم من انحسار أعمال العنف، باستثناء مقتل 25 جنديا من قوات الأمن المركزي في هجوم في سيناء يوم الثلاثاء، واستمرار بعض الاحتجاجات من جانب مؤيدي الإخوان المسلمين في الشوارع بعد القبض على كبار قيادات الجماعة.

وقال نادر إبراهيم من «آرشر للاستشارات»: «إذا تم القبض على باقي قيادات جماعة الإخوان بعد القبض على مرشد (الإخوان) وصفوت حجازي فقد يعكس ذلك هدوءا في الأوضاع الأمنية في مصر وهو بالتأكيد في مصلحة السوق». وألقت قوات الأمن المصرية القبض على كبار قادة جماعة الإخوان منذ عزل الرئيس مرسي وحتى الآن، مثل المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر ومحمد الكتاتني رئيس الحزب السياسي للجماعة وصفوت حجازي والمتحدثين باسم الجماعة والحزب.

وتشهد مصر أسوأ أعمال عنف في تاريخها الحديث، حيث سقط نحو 900 قتيل بينهم 100 من أفراد الشرطة والجيش.

وقال أحمد أبو السعد من «دلتا رسملة لإدارة المحافظ المالية» إنه كان من الطبيعي نزول السوق يوم الأحد، مؤكدا أن الانخفاض «كان أمرا محتوما سواء حدث القلق السياسي أو لم يحدث، لأن السوق صعدت بقوة منذ عزل مرسي».

وبحسب «رويترز»، فإنه رغم كون سوق الأسهم تراجعت أربعة في المائة تقريبا منذ اندلاع العنف الأسبوع الماضي، فهي لا تزال مرتفعة بنحو 21 في المائة عن مستواها في يونيو (حزيران).

ويرى أحمد عصام من «الوطني كابيتال» في القاهرة إن «الجميع يراقب الوضع الأمني والسياسي في الشارع. المؤشر الرئيس سيتحرك عرضيا بين 5100 و5500 نقطة خلال الفترة الحالية حتى يتيقن الجميع من الوضع في مصر».

وما زالت الجماعة تحاول الدفع بمؤيديها إلى الشوارع للاحتجاج على ما تصفه بـ«انقلاب عسكري». ودعا أنصار مرسي إلى المشاركة في مظاهرات في «جمعة الشهداء» اليوم ضد «الانقلاب العسكري» الذي أطاح به قبل نحو سبعة أسابيع. وقال أبو السعد «لا أحد ينكر أن الأحداث الدموية سرعت من وتيرة النزول وأدت لحالة من الفزع انتابت المتعاملين الأجانب، لكن السوق تماسكت الآن. السوق قوية ماليا من حيث الشركات المقيدة، وهذا سيساعدها على الارتفاع مرة أخرى».

وأظهرت بيانات البورصة أن تعاملات الأجانب مالت إلى البيع بعكس تعاملات المصريين والعرب خلال معاملات الأسبوع. وعادت سوق المال للعمل في أوقاتها الطبيعية بعد أن توقفت عن العمل الخميس الماضي ثم قلصت ساعات التداول خلال جلستي الأحد والاثنين. وأضاف أبو السعد «كلما هدأت الأوضاع الأمنية زاد التفاؤل لدى المتعاملين. الناس معهم سيولة خاصة المؤسسات المحلية من صفقة (أوراسكوم للإنشاء)، وهذا أيضا سيساعد على الصعود».

واستحوذت «أو سي اي إن في» الهولندية على نحو 97 في المائة من أسهم «أوراسكوم للإنشاء» في يوليو (تموز) الماضي مقابل 255 جنيها للسهم أو المبادلة مع سهم الشركة في هولندا. وقال إبراهيم من «ارشر»: «يجب أن نعمل جميعا. طبعا سيكون هناك تأثير إيجابي للدعم العربي للاقتصاد المصري».

وبعد عزل مرسي وعدت السعودية والكويت والإمارات مصر بمساعدات وقروض وشحنات وقود بإجمالي 12 مليار دولار. وصل من هذا المبلغ خمسة مليارات فعليا بسرعة غير معتادة تشي بالأهمية التي توليها دول الخليج لاستقرار مصر. ويتفق أبو السعد مع إبراهيم في أن «الدعم العربي الاقتصادي لمصر من أهم أسباب استقرار المرحلة الحالية. أنا متفائل جدا بالمستقبل وهذه ليست مشاعر لكنها حقائق من وقائع على أرض الواقع».