تراجع حاد لأسواق المال الخليجية بسبب المخاوف من ضربة عسكرية لسوريا

سوق دبي سجلت أكبر الانخفاضات بهبوط بلغ 7%

المخاوف من توجيه ضربة عسكرية لسوريا ألقت بظلالها على الأسهم السعودية والخليجية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي بدأت تتشكل فيه ملامح ضربة عسكرية محتملة لسوريا خلال الساعات القليلة المقبلة، شهدت أسواق المال الخليجية، يوم أمس، تراجعات حادة لم يسبق لها مثيل منذ أكثر من عامين. يأتي ذلك وسط توقعات باستمرار موجة الهبوط في ظل توتر الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة العربية.

وكانت أسواق دبي والسعودية والكويت الأكثر تراجعا خلال تعاملات يوم أمس، وسط تسابق محموم من قبل الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية على تحقيق النسبة القصوى من الانخفاض، وسط عمليات بيع جماعية شهدتها تعاملات السوق، في ظل إمكانية حدوث ضربة عسكرية وشيكة لسوريا.

وفي هذا الاتجاه، خسرت سوق دبي للأوراق المالية أمس نحو 7 في المائة، فيما تراجعت السوق المالية السعودية بنسبة 4.12 في المائة، وسط تراجع سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 2.92 في المائة، فيما انخفضت سوق أبوظبي بنسبة 2.83 في المائة، وتراجعت كل من أسواق قطر والبحرين ومسقط بنسبة 1.28 و1.23 و1.05 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي بدأت فيه «الحرب» تقرع طبولها في سوريا، أكد متعاملون في سوق الأسهم السعودية أن الأزمات تقود إلى تزايد الفرص الاستثمارية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن كثيرا من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية ستشكل فرصا مقبلة في حال تزايد عمليات التراجع.

ولفت هؤلاء خلال حديثهم إلى أن الاقتصاد السعودي أثبت قوته ومتانته أمام الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تحدث من حين لآخر، مؤكدين أن ما يحدث هذه الأيام من تراجع حاد هو تراجع «وقتي» قد يسفر عنه ارتفاع كبير في حال انتهاء الأزمة السورية.

وفي هذا الاتجاه، أغلقت سوق الأسهم السعودية يوم أمس عند مستويات 7722 نقطة، عقب انخفاض حاد بلغت قيمته 332 نقطة، بنسبة انخفاض بلغت 4.12 في المائة، وسيولة نقدية متداولة بلغت نحو 8.4 مليار ريال (2.2 مليار دولار)، وسط تراجع جماعي للقطاعات المدرجة.

وقال فهد المشاري، الخبير المالي والاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ما يحدث من تراجعات حادة في أسواق المنطقة الخليجية هو نتيجة طبيعية للمشهد السوري خلال الأيام الحالية، ومن الممكن استمرار هذا الانخفاض لكن بحدة أقل خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو أمر من خلاله ستتزايد أعداد الفرص الاستثمارية المتاحة».

وبين المشاري خلال حديثه أن الاقتصاد السعودي أثبت خلال السنوات الماضية قوته ومتانته أمام الأزمات الاقتصادية العالمية التي بدأت بالاندلاع منذ 2008، وقال: «كما أنه أثبت قوته أمام الأوضاع الجيوسياسية التي أخذت بالتوتر منذ 3 سنوات تقريبا، وهو أمر يؤكد أن ما يحدث حاليا من تراجعات حادة لا يمكن أن تتجاوز الأزمة الحالية من حيث التوقيت الزمني».

وعلى صعيد متصل، أكد خالد الغامدي، وهو متداول التقته «الشرق الأوسط» في إحدى صالات التداول بالعاصمة الرياض أمس، أن استمرار مؤشر سوق الأسهم بالتراجع الحاد سيعجل من إمكانية خروج مزيد من السيولة النقدية من تعاملات السوق، لافتا إلى أن استقرار الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة سيعيد الزخم الإيجابي إلى سوق الأسهم السعودية خلال الفترة المقبلة.

وفي هذا السياق، تعيش مرحلة الاستثمار طويل المدى في السوق السعودية خلال الفترة الحالية، تغيرات كبرى، بحسب مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، إذ أكد هؤلاء أن الاستثمار في سوق الأسهم بدأ يسحب البساط من الاستثمار في السوق العقارية خلال هذه الأيام. يأتي ذلك في ظل حالة الركود الملحوظة التي تسيطر على السوق العقارية في البلاد.

ولفت هؤلاء إلى أن كثيرا من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية توزع أرباحا سنوية تراوح بين 5 و8 في المائة، وسط أفضلية مطلقة بأن يكون هنالك عائد مجز على رأس المال في الوقت ذاته، خصوصا في ظل بداية دورة جديدة لسوق الأسهم السعودية انطلقت من مستويات 6800 نقطة مع مطلع العام الجاري.

ولفت هؤلاء خلال حديثهم إلى أن الاستثمار في القطاع العقاري بدأ يشوبه الخطر خلال الفترة الحالية، وتأتي هذه التلميحات في الوقت الذي بدأت فيه وزارة الإسكان في البلاد باتخاذ خطوات فعلية نحو معالجة قضية السكن، في ظل اهتمام كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين، الذي أقر أخيرا مشروع «أرض وقرض».

وأمام هذه التطورات، ما زال المستثمرون الأفراد منقسمين فعليا حول إمكانية أن يكون هنالك تصحيح مقبل لأسعار العقارات من عدمه، إلا أن بعض الخبراء الاقتصاديين تحدثوا في فترات سابقة عن قرب انفجار فقاعة العقارات في البلاد، في ظل حالة كبيرة من الركود بدأت تسيطر على الأسواق المحلية خلال الفترة القريبة الماضية.

وكانت هيئة السوق المالية السعودية قد أكدت الشهر الماضي أن المتعاملين والمستثمرين في السوق المالية المحلية في البلاد يحق لهم التقدم بشكوى رسمية في حال تعرضهم لأي عمليات غش أو تدليس أو تلاعب، أو حتى ممارسات غير عادلة أثناء تعاملهم في السوق المحلية، وهو أمر يدل على زيادة معدلات الشفافية والإفصاح.

وتنوي هيئة السوق، بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» حينها، فتح المجال بصورة أكبر للمستثمرين الأفراد في التقدم بالشكاوى، وبالتالي معاقبة المخالفين، وسط مؤشرات واضحة تدل على أن هيئة السوق بإدارتها الجديدة تنوي عدم الخوض بشكل كبير جدا في الممارسات اليومية أثناء التعاملات، إلا أنها ستتدخل في حال وجود مخالفات صريحة تضر بمصالح المتعاملين وأموالهم.