ارتفاع أسعار النفط يعيد الضغط على مالية الحكومة المغربية

ترقب انعكاس الزيادة على الأسعار الداخلية في سبتمبر المقبل

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

عاد الضغط على الموازنة الحكومية والحسابات الخارجية للمغرب للارتفاع مع زيادة أسعار النفط على خلفية التطورات الأخيرة في سوريا ومصر. ويرتقب أن تشرع الحكومة في رفع اليد عن أسعار المحروقات ابتداء من سبتمبر (أيلول) المقبل، في إطار التزامها بتطبيق نظام المقايسة مما سيؤدي إلى انعكاس تقلبات الأسعار الدولية على أسعار السوق الداخلية.

وتعذر أمس الاتصال بنجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، باعتباره الوزير المكلف بالإشراف على صندوق دعم المواد الأساسية. غير أن مصدرا إداريا مسؤولا قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة المغربية قررت قبل أسابيع العمل بنظام المقايسة الجزئية، والذي يسمح لها بعكس جزئي لتقلبات الأسعار العالمية على الأسعار المحلية للمواد المدعمة. وأضاف المصدر أن هذا القرار يدخل في إطار التزامات الحكومة إزاء صندوق النقد الدولي. وأشار المصدر إلى أن متوسط سعر النفط يفوق حاليا مستوى السعر الافتراضي الذي بنت عليه الحكومة موازنة السنة الحالية، والمحدد بـ105 دولارات للبرميل، مشيرا إلى أن الأسعار الدولية عادت للارتفاع بعد التراجع النسبي خلال الأشهر الأخيرة، وإذا استمرت في مستويات أعلى من السعر الافتراضي المعتمد في الموازنة فإن الحكومة ستكون مجبرة على إقرار الزيادة في أسعار المحروقات.

وعرف المغرب انفراجا نسبيا خلال الأشهر الماضية نتيجة انخفاض أسعار النفط، وتحسن عجز ميزانه التجاري خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة بنسبة 5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، مستفيدا من انخفاض قيمة وارداته من النفط الخام بنسبة 16 في المائة خلال الفترة نفسها، وانخفضت قيمة وارداته من الفيول والغازول بدورها بنسبة 3.3 في المائة خلال الفترة نفسها.

وعرفت تكاليف صندوق دعم أسعار المواد الأساسية (صندوق المقاصة) خلال الفترة نفسها انخفاضا بنسبة 5.1 في المائة مقارنة مع الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، وبلغت هذه النفقات 30.16 مليار درهم (3.5 مليار دولار)، مثلت 76 في المائة من عجز الموازنة الحكومية خلال هذه الفترة والذي بلغ 39.5 مليار درهم (4.6 مليار دولار). وتسعى الحكومة إلى حصر العجز السنوي لموازنتها في نحو 53 مليار درهم (6.2 مليار دولار)، أي 6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.

ويرى عزيز لحلو، المحلل الاقتصادي والأستاذ في المدرسة الوطنية للعلوم الإدارية، أن الزيادة في أسعار النفط سيكون لها أثر سلبي كبير على الاقتصاد المغربي بشكل عام، إذ ستؤدي إلى ارتفاع شامل في الأسعار. وقال لحلو لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع الداخلية للمغرب حاليا، وحالة الترقب والانتظار التي يعيشها الاقتصاد المغربي بسبب عدم وضوح الرؤية نتيجة الأزمة الحكومية، تحد من قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات الخارجية. وأضاف أن «تحقيق معدلات نمو اقتصادي قوية هو وحده الكفيل بالتخفيف من آثار هذه الصدمات واحتوائها». وأشار لحلو إلى أن المغرب انتهج سياسة جديدة في مجال الطاقة خلال السنوات الأخيرة، تعتمد تنويع مصادر الطاقة وتقليص الارتباط بالنفط من خلال تطوير بنيات استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وقال إنه «على المغرب أن يسرع في هذا المخطط. كما أن التطورات الأخيرة تفرض على المسؤولين إحياء مشروع بناء محطة نووية لإنتاج الكهرباء بعد أن تم تجميده لمدة طويلة، خاصة بعد التجربة الناجحة للمركز الوطني المغربي للأبحاث النووية الذي يستغل منذ زهاء عشر سنوات مفاعلا نوويا تجريبيا من صنع أميركي في مركز معمورة شمال الرباط».