المخاوف بشأن سوريا تهوي بالبورصات الخليجية

السوق السعودية عكست مسارها الإيجابي إلى انخفاض حاد بلغ أكثر من 100 نقطة

البورصات الخليجية باتت تتحرك وفقا للأخبار الواردة حول الضربة العسكرية المحتملة لسوريا («الشرق الأوسط»)
TT

ما زالت المخاوف تحاصر المتعاملين في أسواق المال الخليجية حول إمكانية وجود آثار سلبية للضربة العسكرية المحتملة تجاه سوريا، جاء ذلك بعد أن عكس مؤشر سوق الأسهم السعودية يوم أمس تداولاته الإيجابية التي كان عليها في الساعة الأولى من التعاملات، إلى انخفاض حاد بلغ مداه أكثر من 100 نقطة، في ظل تواتر أنباء عن إطلاق صاروخين شرق البحر المتوسط.

وفي هذا الخصوص، يترقب العالم أجمع الضربة العسكرية الدولية المحتملة تجاه النظام السوري خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط توقعات بوجود آثار سلبية على اقتصاديات العالم، إلا أن هذه الآثار من المرجح أن تنحصر في مرحلتها الأولى على البورصات، التي تعتبر من أكثر الأسواق تفاعلا مع التداعيات السياسية والأمنية، والأخرى الاقتصادية.

وتعليقا على هذه التطورات، قال عصام مصطفى خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «من المتوقع أن تلقي الضربة العسكرية على سوريا بظلالها السلبية على اقتصاديات العالم واقتصاديات المنطقة والاقتصاد السعودي على المدى القصير والطويل، ففي المدى القصير من المتوقع أن تتأثر سلبيا أسواق المال العالمية بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة، حيث ستتعرض سوق المال لبعض الخسائر نتيجة تخوف المستثمرين الذي بدأت نتائجه السلبية تظهر في الأيام الأخيرة».

وأضاف خليفة: «على المدى البعيد فإنه من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط منطقة استراتيجية، تتركز فيها أهم الدول المصدرة للنفط، كما أن النفط سلعة استراتيجية حساسة تتأثر بكثير من المؤثرات، خاصة المؤثرات السياسية، لذا فمن المتوقع أن تؤدي هذه الضربة إلى ارتفاع أسعار النفط رغم الاحتياطيات التي اتخذتها الدول المستهلكة للنفط»، مشيرا إلى أنه من المتوقع ارتفاع أسعار التأمين والشحن.

وتابع خليفة حديثه قائلا: «كل ذلك سيسهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع المستوردة من خارج المملكة أكثر من السابق، وبالتالي زيادة نسبة التضخم، ومع ثبات دخل المواطن السعودي فإن القوة الشرائية للريال السعودي ستنخفض نتيجة هذه الارتفاعات في الأسعار»، مضيفا: «إلا أنني أنصح أصحاب رؤوس الأموال الذين لديهم سيولة عالية بعدم تحويل أموالهم إلى الخارج، وإنما تحويلها إلى استثمارات أخرى مثل العقارات والذهب، حيث أثبتت التجارب التاريخية أن المملكة أكثر الدول أمانا مقارنة بدول أخرى».

من جهة أخرى، منيت سوق الأسهم خلال تعاملاتها يوم أمس بخسائر حادة بلغت نحو 102 نقطة، بنسبة تراجع بلغت 1.29 في المائة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 7.8 مليار ريال (ملياري دولار)، يأتي ذلك في الوقت الذي انخفضت فيه جميع قطاعات السوق المدرجة، من خلال انخفاض أسعار أسهم 143 شركة، وارتفاع أسعار أسهم 10 شركات فقط.

وعلى الصعيد ذاته، شهدت أسواق المال الخليجية يوم أمس تراجعات حادة وفق مستويات مختلفة، حيث انخفضت سوق دبي للأوراق المالية بنسبة 3.72 في المائة، فيما تراجعت سوق أبوظبي بنسبة 1.83 في المائة، وسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 1.73 في المائة، وسوق البحرين بنسبة 0.36 في المائة، وسوق مسقط بنسبة 0.54 في المائة، فيما انخفضت بورصة قطر بنسبة 0.85 في المائة.

وفي الوقت الذي بدأت فيه تتشكل ملامح ضربة عسكرية محتملة لسوريا خلال الساعات القليلة المقبلة، شهدت أسواق المال الخليجية منتصف الأسبوع الماضي تراجعات حادة لم يسبق لها مثيل منذ أكثر من عامين، يأتي ذلك وسط توقعات باستمرار موجة الهبوط في ظل توتر الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة العربية.

وكانت أسواق دبي والسعودية والكويت، هي الأكثر تراجعا خلال تعاملات أسواق المنطقة حينها، وسط تسابق محموم من قبل الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية على تحقيق النسبة القصوى من الانخفاض، وسط عمليات بيوع جماعية شهدتها تعاملات السوق، في ظل إمكانية حدوث ضربة عسكرية وشيكة لسوريا.

وكانت سوق دبي للأوراق المالية قد خسرت خلال ذلك اليوم نحو 7 في المائة، فيما تراجعت السوق المالية السعودية بنسبة 4.12 في المائة، وسط تراجع سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 2.92 في المائة، فيما انخفضت سوق أبوظبي بنسبة 2.83 في المائة، وتراجعت كل من أسواق قطر والبحرين ومسقط بنسبة 1.28 و1.23. و1.05 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي بدأت فيه «الحرب» تقرع طبولها في سوريا، أكد متعاملون في سوق الأسهم السعودية حينها أن الأزمات تقود إلى تزايد الفرص الاستثمارية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن كثيرا من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية ستشكل فرصا قادمة في حال تزايد عمليات التراجع.

ولفت هؤلاء خلال حديثهم إلى أن الاقتصاد السعودي أثبت قوته ومتانته أمام الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تحدث من حين إلى آخر، مؤكدين أن ما يحدث هذه الأيام من تراجع حاد هو تراجع «وقتي»، قد يسفر عنه ارتفاع كبير في حال انتهاء الأزمة السورية.