تزايد خسائر البورصات الخليجية يجعل تعليق التداولات «خيارا ممكنا»

متعاملون يدعون إلى خطوات احترازية لوقف نزيفها مع تطورات ضرب سوريا

TT

زادت البورصات الخليجية من حدة الانخفاضات والخسائر المتراكمة خلال تعاملاتها يوم أمس، يأتي ذلك في الوقت الذي ما زال فيه المتعاملون يتابعون عن كثب تطورات الضربة العسكرية المحتملة تجاه النظام السوري، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يزيد من حدة التراجعات خلال الفترة المقبلة.

وطالب متداولون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أمس، بإحدى صالات التداول الواقعة وسط العاصمة الرياض، هيئات الأسواق الخليجية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، باتخاذ إجراءات احترازية تساعد على وقف النزيف الذي تعاني منه سوق الأسهم المحلية في البلاد هذه الأيام، بسبب أحداث سوريا.

وقال هؤلاء خلال حديثهم: «أمام استمرار الانخفاضات، فإن هيئة السوق المالية مطالبة بحماية أموالنا من خلال تعليق التعاملات، حتى تنتهي الأزمة السورية والضربة العسكرية المحتملة»، يأتي ذلك في الوقت الذي لمحت فيه الحكومة الأميركية إلى أن الضربة المحتملة تجاه النظام السوري «محدودة للغاية».

وتعليقا على هذه المطالب، أكد مسؤول خليجي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن وقف تداولات أسواق الأسهم في دول المنطقة أمر خاص بكل دولة على حدة، وقال: «لن يكون هناك قرار يقضي بإيقاف التداولات بشكل جماعي، الأمر يبقى خيارا لكل دولة، دون أن يكون هناك تدخلات بينية».

وفي هذا الإطار، خسرت سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاتها يوم أمس نحو 168.8 نقطة، بنسبة تراجع بلغت 2.19 في المائة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 5.9 مليار ريال (1.57 مليار دولار)، وهو الأمر الذي قاد إلى حدوث تراجع جماعي لقطاعات السوق المدرجة.

وعلى صعيد الأسواق المالية الخليجية، تراجعت سوق دبي للأوراق المالية بنسبة 3.72 في المائة، فيما تراجعت سوق أبوظبي بنسبة 2.29 في المائة، كما تراجعت سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 2.64 في المائة، وسوق قطر بنسبة 1.89 في المائة، وتراجعت سوق مسقط بنسبة 2.85 في المائة، فيما شهدت سوق البحرين ارتفاعا طفيفا.

من جهته، أكد مشاري الفهيد وهو متداول في سوق الأسهم السعودية، أن استمرار نزيف السوق المحلية في البلاد سيزيد من حدة خسائر محفظته الاستثمارية، وقال: «لماذا لا تقرر هيئة السوق تعليق التداولات إلى حين اتضاح الصورة حول مشروع الضربة العسكرية المحتملة للنظام السوري».

وأشار الفهيد إلى أن إيقاف التداولات أثناء حدوث الضربة العسكرية سيجنب المتداولين كثيرا من الخسائر، مضيفا: «أسواق العالم توقف تداولاتها في حال حدوث توتر أمني أو سياسي في المنطقة، وشاهدنا هذا الإجراء في كثير من أسواق المنطقة العربية خلال الآونة الأخيرة».

وحول أثر الضربة العسكرية المحتملة لسوريا، قال عصام مصطفى خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس: «من المتوقع أن تلقي الضربة العسكرية على سوريا بظلالها السلبية على اقتصادات العالم واقتصادات المنطقة والاقتصاد السعودي على المدى القصير والطويل، ففي المدى القصير من المتوقع أن تتأثر سلبيا أسواق المال العالمية بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة، حيث ستتعرض سوق المال لبعض الخسائر نتيجة تخوف المستثمرين الذي بدأت نتائجه السلبية تظهر في الأيام الأخيرة». وأضاف خليفة: «على المدى البعيد فإنه من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط منطقة استراتيجية، تتركز فيها أهم الدول المصدرة للنفط، كما أن النفط سلعة استراتيجية حساسة تتأثر بكثير من المؤثرات، خصوصا المؤثرات السياسية، لذا فمن المتوقع أن تؤدي هذه الضربة إلى ارتفاع أسعار النفط رغم الاحتياطيات التي اتخذتها الدول المستهلكة للنفط»، مشيرا إلى أنه من المتوقع ارتفاع أسعار التأمين والشحن.

وتابع خليفة حديثه قائلا: «كل ذلك سيسهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع المستوردة من خارج المملكة أكثر من السابق، وبالتالي زيادة نسبة التضخم، ومع ثبات دخل المواطن السعودي فإن القوة الشرائية للريال السعودي ستنخفض نتيجة هذه الارتفاعات في الأسعار»، مضيفا: «إلا أنني أنصح أصحاب رؤوس الأموال الذين لديهم سيولة عالية بعدم تحويل أموالهم إلى الخارج، وإنما تحويلها إلى استثمارات أخرى مثل العقارات والذهب، حيث أثبتت التجارب التاريخية أن المملكة أكثر الدول أمانا مقارنة بدول أخرى».

فيما كانت سوق الأسهم السعودية قد منيت خلال تعاملاتها يوم أول من أمس بخسائر حادة بلغت نحو 102 نقطة، بنسبة تراجع بلغت 1.29 في المائة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 7.8 مليار ريال (ملياري دولار)، يأتي ذلك في الوقت الذي انخفضت فيه جميع قطاعات السوق المدرجة، من خلال انخفاض أسعار أسهم 143 شركة، وارتفاع أسعار أسهم 10 شركات فقط.