الانقسام داخل مجموعة العشرين يتسع من السياسة إلى الاقتصاد

الاضطرابات في الأسواق الناشئة تدفع «بريكس» لتأسيس صندوق دعم بـ100 مليار دولار

قادة مجموعة العشرين لدى اجتماعهم في سان بطرسبرغ بروسيا أمس (رويترز)
TT

عززت جملة من القضايا الاقتصادية الانقسام القائم بين قادة مجموعة العشرين، في قمتهم التي انطلقت أمس في سان بطرسبرغ الروسية، بعد أن عجزوا عن التوصل إلى مواقف موحدة في قضايا النمو والتجارة والشفافية المصرفية ومكافحة التهرب الضريبي.

وسيطر النقاش حول قضايا الاضطرابات في الأسواق الناشئة وقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) وقف برنامج التحفيز النقدي للاقتصاد الأميركي، على آراء قادة ومسؤولي المجموعة التي تمثل ثلثي سكان العالم وتسهم بنحو 90 في المائة من إنتاجه، وتضم أكبر 20 اقتصادا في العالم.

وكانت مجموعة العشرين حققت تعاونا لم يسبق له مثيل بين الدول المتقدمة والنامية للحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي أثناء الأزمة المالية عام 2009 لكن هذا الانسجام بين دولها لم يعد قائما.

ومن المرجح التوصل إلى بعض الاتفاقات بخصوص قضايا مثل إجراءات مكافحة التهرب الضريبي من جانب الشركات متعددة الجنسيات.

وستقدم مبادرة لقادة القمة لتنقيح الإجراءات الخاصة بسوق المشتقات المالية العالمية التي يبلغ حجمها 630 تريليون دولار لمنع الانفجار المحتمل للأسواق.

ومن بين القضايا التي تبحثها القمة كذلك اتخاذ خطوات لمنح المؤسسات المالية غير الخاضعة للقواعد المنظمة لعمل البنوك مهلة حتى عام 2015 للالتزام بالقواعد العالمية الجديدة.

لكن التوافق يبدو صعبا بين الدول المتقدمة في ظل قيام الولايات المتحدة بإجراءات قوية لحفز الطلب وتحرك أوروبا ببطء أكثر للخروج من سياسات التقشف.

وحثت دول الاقتصاديات الناهضة في مجموعة بريكس وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا قمة العشرين على النهوض بالطلب العالمي وضمان التحديد الدقيق لأي تغيرات في السياسة النقدية لتقليل أي نتائج جانبية معرقلة.

ويأتي هذا النداء نتيجة شعور بالقلق بين الدول النامية من احتمال أن يقلص مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي نطاق سياسته النقدية الفضفاضة وتصورها أن أوروبا لا تقوم بما يكفي لحفز الانتعاش القائم على الطلب.

ووافقت «بريكس» أيضا على المساهمة بـ100 مليار دولار في صندوق مشترك لاحتياطي العملة ستلتزم الصين بواحد وأربعين مليارا منها والبرازيل والهند وروسيا بثمانية عشر مليارا لكل منها وجنوب أفريقيا بخمسة مليارات.

وحذرت روسيا والصين من التأثير المحتمل لقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي إنهاء برنامج شراء السندات لحفز الاقتصاد.

وقالت الصين وروسيا إن مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة ستقدم 100 مليار دولار لصندوق يسعى لتحقيق الاستقرار في أسواق الصرف التي تأثرت سلبا بقرار متوقع لتقليص التحفيز النقدي الأميركي.

وكان الدولار الذي غذى انخفاضه طفرة في دول بريكس - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - خلال العقد الماضي قد ارتفع منذ حذر بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في مايو من «تقليص» برنامج أميركي لشراء السندات.

وقال تشو قوانغ ياو نائب وزير المالية الصيني في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع مجموعة العشرين في سان بطرسبرغ بروسيا «المبلغ المخصص لصندوق الاحتياطات 100 مليار دولار وستتحمل الصين نصيب الأسد».

وقال كل من تشو ونظيره الروسي سيرجي ستورتشاك إن هناك حاجة للاتفاق على التفاصيل وأشارا إلى أن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه فيما يتعلق بصندوق الاحتياطيات.

ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حجم الصندوق خلال اجتماع لزعماء بريكس قبل قمة العشرين في وقت لاحق اليوم لبحث أوضاع الاقتصاد العالمي.

ودعت مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة مجموعة العشرين إلى تعزيز الطلب العالمي وضمان توجيه أي تغييرات في السياسة النقدية للحد من أي «تداعيات» سلبية على الدول الأخرى.

وقالت المجموعة «يحتاج تطبيع السياسات النقدية في نهاية المطاف إلى ضبطه بعناية والإعلان عنه بوضوح».

ويبرز البيان حجم المخاوف بين الدول النامية من احتمال أن ينهي مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سياساته النقدية الميسرة ومن أن أوروبا لا تفعل ما يكفي لتشجيع انتعاش يقوده الطلب.

في المقابل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي أمس إن الصين تقترح أن يكون التركيز الرئيس لقمة مجموعة الدول العشرين الكبرى على مناقشة التباطؤ الاقتصادي العالمي وتعزيز الحوكمة الاقتصادية والمالية العالمية، وجاءت تصريحات هونغ ردا على سؤال حول ما إذا كانت الصين تشعر بالقلق من أن الخلافات الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن سوريا ستهيمن على قمة العشرين المنعقدة في سان بطرسبرغ، بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وقال هونغ إن المجتمع الدولي يعلق آمالا كبيرة على هذه القمة في ظل الانتعاش البطيء للاقتصاد العالمي. وأضاف المتحدث أن الصين تعتقد أن القمة ينبغي أن تتعامل مع مخاوف المجتمع الدولي وتنسيق سياسات الاقتصاد الكلي في كل بلد وتعزيز الحوكمة الاقتصادية والمالية العالمية والتجارة الحرة وجدول أعمال التنمية، وذلك حتى تتمكن من ممارسة تأثير إيجابي على الاقتصاد العالمي.