مجموعة العشرين: الانتعاش الاقتصادي العالمي يبقى «ضعيفا جدا»

حذرت من المخاطر المرتبطة بالاقتصادات الناشئة

أبدت دول مجموعة العشرين في اجتماعها في روسيا توافقا في بعض القضايا الاقتصادية ومن بينها التهرب الضريبي ومعالجة مشاكل الدول الناشئة (رويترز)
TT

اعتبرت الدول المجتمعة في قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ، أمس الجمعة، في بيانها الختامي، أن الانتعاش الاقتصادي العالمي يبقى «ضعيفا جدا» بسبب «مخاطر» مرتبطة خصوصا باقتصادات الدول الناشئة. وقالت المجموعة في بيان ختامي تبنته في ختام يومين من الاجتماعات إن «الانتعاش ضعيف جدا، والمخاطر لا تزال قائمة»، لا سيما تلك المرتبطة بـ«النمو البطيء في اقتصادات الدول الناشئة الذي يعكس تأثير تقلبات تدفق الرساميل والظروف المالية الأكثر صعوبة وتقلب أسعار المواد الأولية».

وأبدت دول مجموعة العشرين، التي عبرت عن خلافاتها بشأن سوريا، بعض التعاون في القضايا الاقتصادية على الأقل، ومن بينها التهرب الضريبي أو معالجة مشاكل الدول الناشئة. وقد عبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، عن ارتياحهما لهذا التعاون، ونسيا للحظة الانقسامات بشأن تدخل عسكري ضد سوريا تدعمه باريس وترفضه برلين. وقال هولاند خلال اجتماع عمل خصص لقطاع الوظائف «هناك توافق كبير في الحوار في مجموعة العشرين هذه». وأضاف أن «هدفنا المشترك هو النمو».

ومن جهتها، رحبت ميركل «بالتقدم الكبير» للقوى الاقتصادية العظمى حول مسألة التهرب الضريبي وتهرب الشركات المتعددة الجنسيات من دفع الضرائب. وقالت «إنه موضوع يطال الناس. من جهة نكافح ضد البطالة ومن جهة أخرى هناك شركات مزدهرة جدا لا تدفع الضرائب في أي مكان».

ومن جهته، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة دول مجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، أمس الجمعة، إلى تأمين مصادر جديدة للنمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل في دول المجموعة. وقال بوتين في اليوم الثاني لقمة العشرين المنعقدة حاليا في قصر قسطنطين خارج مدينة سان بطرسبورغ «يمكننا من خلال التنمية فقط أن نتجنب عودة الأزمة وتأمين استدامة الاقتصاد على المدى البعيد». وأشار الرئيس الروسي إلى أن المستويات العامة للبطالة داخل دول مجموعة العشرين تظل أعلى مما كانت عليه قبل بداية الأزمة المالية خريف عام 2008، خاصة معدلات البطالة الحادة بين الشباب. ودعا بوتين إلى إيجاد «أساليب منهجية» لسياسات التوظيف تكون مرتبطة بالنمو الاقتصادي والسياسات الاجتماعية.

من ناحيته، قال وزير الاقتصاد الفرنسي بيار موسكوفيسي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن القمة جرت «بتوافق» في ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية الكبرى. وأضاف على هامش اللقاء «بالمقارنة مع الوضع قبل عام واحد مناخ التغيير واضح».

وتشكلت مجموعة العشرين لتكون منتدى للمناقشات الاقتصادية والمالية. لكن الأزمة السورية طغت على هذا الجانب في هذه القمة. وقال موسكوفيسي إنه في الدورات السابقة التي هيمنت عليها أزمة الدين في منطقة اليورو تناولت المناقشات التقشف خصوصا، لكن «التركيز اليوم هو على النمو والوظيفة». وكان مصدر دبلوماسي فرنسي صرح مساء أول من أمس الخميس قال إنه يشعر بالارتياح «للطريق الهائل الذي تم قطعه منذ قمة العشرين في تورونتو في 2010 التي حددت طرق العلاج» خصوصا الأهداف المحددة بالأرقام وخفض العجز، في أوج أزمة اليورو. وتبنى وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف لهجة أكثر اعتدالا. وقال إن «مسألة تعزيز الميزانية خصوصا في الدول التي تعاني من مديونية كبيرة ما زالت مطروحة، لكن عددا من القادة رأوا أن هذا لا يمنع من تشجيع النمو الاقتصادي».

وقال الوزير الفرنسي إن النص الذي تم التفاوض حول كل فاصلة فيه لأشهر سيتطرق للمرة الأولى إلى شركات «التراستس» التي تشكل مخارج قانونية تستخدمها الشركات المتعددة الجنسيات للإفلات من الضرائب، وأصبحت مصدر ازدهار الجنات الضريبية. ورحبت منظمات غير حكومية بهذا التقدم. وقال ناطق باسم «أوكسفام» إن تبادل المعطيات بشكل آلي «هو ما كنا نريده». إلا أنه عبر عن أسفه «لعدم وجود برنامج زمني» لفتح هذا التعاون أمام الدول الأكثر فقرا التي تعاني من مشكلة التهرب الضريبي.

ولم تهيمن أزمة اليونان أو معدلات الفائدة في إسبانيا على هذه القمة، لكن الاضطرابات في الدول الناشئة حلت محلها. والخلافات قائمة مع الدول المتطورة خصوصا منذ أن قرر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إنهاء سياسته السخية جدا، مما تسبب في حركة هائلة لرؤوس الأموال على حساب الاقتصادات الناشئة. لكن في سان بطرسبورغ قرر الجانبان تهدئة التوتر. فقد حصلت دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) التي عقدت اجتماعا خاصا لها، على تأكيدات من الجانب الأميركي. فخلال أول اجتماع عمل أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن رفع الإجراءات الاستثنائية للاحتياطي الفيدرالي سيتم تدريجيا، كما قال وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف. وأضاف أن الدول الناشئة «نظرت إلى ذلك بشكل إيجابي جدا»، مشيرا إلى أنه «بات من الواضح للعالم أن عصر الأموال البخسة قد ولى».