البنك المركزي التونسي يدق ناقوس الخطر

تواصل الأزمة السياسية وتراجع المؤشرات

TT

أكد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي «عميق انشغاله إزاء تفاقم التوتر الذي بات يهيمن على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وأشار المجلس في بيان أصدره الخميس بعد اجتماعه الدوري أن «الإعداد للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية على المستويين الحكومي والتشريعي، أفرز مناخا فاقدا للرؤية المستقبلية» منبها أن هذا المناخ «لا يسمح باعتماد سياسة نقدية تستجيب لمتطلبات الصيرفة المركزية الرشيدة»، ويظل حسب نص البيان «غير ملائم لدعم الاستثمار وخلق مزيد من مواطن الشغل والحد من الفجوة بين الجهات». وأهاب مجلس إدارة البنك المركزي بجميع الأطراف والفرقاء السياسيين وكل مكونات المجتمع المدني، كي «يبذلوا كل ما في وسعهم حتى يضمنوا توفير الأسباب الكفيلة بكسب الرهان التنموي المصيري الذي تنطوي عليه الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية».

واستعرض بيان مجلس إدارة المركزي التونسي مختلف نقاط الضعف التي يعاني منها الاقتصاد التونسي وخاصة «تواصل الضغوط على ميزان المدفوعات مع بقاء العجز الجاري في مستوى مرتفع خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية (4. 5 من الناتج المحلي الإجمالي) واستمرار تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر (-0.7 خلال الثمانية أشهر 2013) وانخفاض فائض ميزان العمليات المالية بنحو 790 مليون دينار تونسي» (1 دولار أميركي يساوي نحو 1.65 دينار تونسي). كما تعرض بيان المركزي التونسي إلى «تواصل انخفاض الدينار التونسي الذي تداعى بنحو 7.7 منذ بداية السنة الحالية مقابل اليورو وبـ5.4 مقابل الدولار الأميركي». كما أشار البيان إلى أن «حاجة البنوك التونسية من السيولة كانت مرتفعة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الجاري وذلك للشهر الخامس على التوالي مما أدى إلى مواصلة البنك المركزي توفير تسهيلات نقدية للجهاز المصرفي» مبينا من جهة أخرى «تواصل تباطؤ نسق الإيداعات لدى القطاع المصرفي خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية».

كما أشار نفس البيان إلى انخفاض مساهمة الجهاز المصرفي في تمويل الاقتصاد خلال نفس الفترة (4 مقابل 6. 9) نتيجة تراجع القروض متوسطة الأجل وتباطؤ نسق القروض طويلة الأجل» وذلك في علاقة بفتور نشاط الاستثمار.

وتعيش تونس منذ 25 يوليو (تموز) 2013 تاريخ اغتيال محمد البراهمي عضو المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) والقيادي السياسي في التيار الشعبي (حزب قومي عربي) أزمة سياسية حادة وأجواء من التوتر والاحتقان. حيث يطالب شق واسع من المعارضة الليبرالية واليسارية والقومية باستقالة الحكومة وتكوين حكومة كفاءات غير متحزبة تتولى بالخصوص معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وهو ما يرفضه الائتلاف الحاكم بقيادة حزب حركة النهضة (إسلامي) رغم تأكيده الاستعداد للحوار على قاعدة تسوية الكثير من الخلافات السياسية الأخرى قبل أي حديث عن استقالة الحكومة الحالية التي يقودها علي العريض القيادي في حركة النهضة. علما أن أربع منظمات وطنية هي نقابة العمال واتحاد الأعراف، وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان تقدمت في الفترة الأخيرة بخارطة طريق لتجاوز هذه الأزمة السياسية لم يتسن إلى حد الآن الاتفاق بشأنها بسبب التحفظات التي أبدتها حركة النهضة عليها. مما دفع بالاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في تونس) إلى الدعوة إلى تنظيم مسيرات هذا الأسبوع. ويخشى في هذا الصدد أن يصل الأمر إلى الاعتصامات والإضرابات مما سيخلق مصاعب جديدة للاقتصاد التونسي.

وقد احتلت الأوضاع الراهنة للاقتصاد التونسي حيزا هاما في الجدل القائم الذي فجرته الأزمة السياسية التي تعرفها تونس حيث ترى أحزاب المعارضة أن الوضع الاقتصادي «خطير جدا» ومرشح «لمزيد التدهور» بسبب ما تراه «أخطاء الحكومة الحالية». في حين تؤكد الجهات الحكومية أن خطاب المعارضة فيه الكثير من التهويل وأن الوضع الاقتصادي لتونس «صعب ولكنه غير كارثي» وأن جزءا من هذه المصاعب هو نتيجة طبيعية للفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد. كما تشير نفس هذه الجهات في الكثير من الأحيان إلى الإضرابات والاعتصامات والتحركات الاجتماعية لتؤكد أنها «أثرت بشكل سلبي على أداء الاقتصاد التونسي».