وزير الخزانة يحذر من أن عجز واشنطن عن سداد ديونها سيضر بالأسواق العالمية «بشكل كبير»

وزير روسي: برنانكي وليو يقولان إن مأزق الدين الأميركي سينتهي بحلول 17 أكتوبر

TT

حذر وزير الخزانة الأميركية جاك ليو أمس من أن عجز الولايات المتحدة عن سداد التزاماتها المالية سيتسبب في تداعيات اقتصادية خطيرة من بينها إلحاق «ضرر كبير» بالأسواق المالية، وذلك قبل أسبوع من المهلة النهائية لرفع سقف الدين الأميركي. ويأتي ذلك في وقت يتوقع أن يستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس قادة البرلمانيين الجمهوريين قبل أسبوع من احتمال أن تؤدي الأزمة السياسية المترافقة مع شلل في الميزانية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) إلى تخلف عن سداد الدين غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة.

إلا أن الأنظار مسلطة على وزير الخزانة الذي توجه إلى مقر الكونغرس ليلقي كلمة أمام الكونغرس وهي أن عليهم إنهاء المواجهة السياسية والتحرك فورا لتجنب «أضرار تلحقها البلاد بنفسها» وكارثة مالية محتملة.

وقال ليو أمام لجنة المالية في مجلس الشيوخ «إذا لم يتمكن الكونغرس من القيام بمسؤولياته، فإن ذلك يمكن أن يلحق أضرارا كبيرة بالأسواق المالية وبالانتعاش الاقتصادي الحالي، وبوظائف ومدخرات ملايين الأميركيين»، مضيفا أنه «إذا لم يتحرك الكونغرس وأصبحت الولايات المتحدة غير قادرة فجأة على سداد فواتيرها، فإن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة».

وهذه الأزمة غير المسبوقة منذ 1996 التي تدخل يومها التاسع تتفاقم مع خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد دينها وهو أمر منقطع النظير في التاريخ الأميركي ويثير قلق الأسواق المالية والحكومات الأجنبية.

وقال وزير المالية الروسي أنتون سيلوانف إن وزير الخزانة الأميركي جاك ليو ورئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي بن برنانكي أبلغا نظراءهما في بلدان مجموعة العشرين يوم الخميس أن الأزمة الخاصة برفع سقف الدين الأميركي سيتم حلها بحلول 17 من أكتوبر.

وكانت الخزانة الأميركية قالت: إنها قد تتعرض سريعا لأزمة سيولة إذا لم يتم رفع سقف الاقتراض المتاح للحكومة بحلول 17 من أكتوبر.

وقال سيلوانوف للصحافيين بعد مأدبة عشاء مع نظرائه في مجموعة العشرين على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي «قال الزملاء في الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياطي الاتحادي إنهم يأملون حل المسألة قريبا. وقالوا: إن المشكلة ستحل في موعد أقصاه اليوم السابع عشر»من أكتوبر.

وأضاف سيلوانوف قوله «إنها قضية مهمة للجميع. ويعتقد ليو وبرنانكي أن هذه الصعاب يمكن التغلب عليها قريبا».

فبعد استحقاق 17 أكتوبر وفي حال عدم رفع السقف القانوني لدين الولايات المتحدة (محدد حاليا بـ16700 مليار دولار) من قبل الكونغرس فإن الاقتصاد العالمي الأول لن يتمكن من الاقتراض من أسواق السندات ولا من تسديد مستحقات بعض الدائنين.

وحذر ليو من «تأثيرات يمكن أن تكون كارثية بسبب العجز عن السداد، بما في ذلك اضطرابات في أسواق الائتمان، وخسارة كبيرة في قيمة الدولار، وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية بشكل كبير، وتأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، وخطر حقيقي من حدوث أزمة مالية وركود يشبه ما حدث في 2008 أو أسوأ».

وسيلتقي زعماء البرلمانيين الجمهوريين وخاصة رئيس مجلس النواب جون باينر، أوباما في البيت الأبيض لكن يبدو أنه عاقد العزم على عدم التراجع عن موقفه في مواجهة الحكومة بشأن الميزانية.

وثمة سيناريوهات عدة للخروج من الأزمة مطروحة للدرس في واشنطن بما فيها قانون حول تمويل قصير الأجل ورفع مؤقت لسقف الدين لكن الاستراتيجية التي يمكن أن تعتمد ما زالت بعيدة المنال.

وفي إشارة إلى انعدام الثقة السائد بين البيت الأبيض والجمهوريين، لم يتوصل الطرفان حتى إلى تفاهم على لائحة المدعوين الذين سيشاركون في المحادثات المرتقب أجراؤها في قاعة روزفلت.

وقد دعا أوباما جميع الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب إلى هذه الجلسة.

لكن الجمهوريين الذين يتهمون الرئيس الأميركي بأنه لا يملك أي نية جدية بالتفاوض، أعلنوا أن قادة الحزب وليس برلمانيي القاعدة سيلبون دعوة البيت الأبيض.

وصرح متحدث باسم باينر أن 18 «مفاوضا» فقط من الحزب سيتوجهون الخميس إلى مقر السلطة التنفيذية. وقال هذا المتحدث برندان باك «إن عقد لقاء لا يستحق العناء إلا إن كان هدفه إيجاد حل».

ورد البيت الأبيض بحدة أن أوباما «خيب أمله لمنع باينر أعضاء كتلته من المجيء إلى البيت الأبيض. إن الرئيس يعتقد أنه من المهم التحادث مباشرة» معهم.

وقد بدأ أوباما بعد ظهر الأربعاء استقبال برلمانيين في مسعى للخروج من أزمة الميزانية. وبعد هذا اللقاء الأول مع مائتي ديمقراطي في مجلس النواب، كرر البيت الأبيض دعوته لباينر الذي يعتبر صاحب القرار في مجلس النواب، لكي ينظم جلسات تصويت في أسرع وقت بشأن الميزانية ورفع سقف الدين.

ويؤكد أوباما أن عددا كافيا من الجمهوريين المعتدلين سينضمون إلى الديمقراطيين في هذا المجلس المؤلف من 435 عضوا للتوصل إلى غالبية.

لكن باينر الذي ينتمي قسم من مناصريه إلى الحركة الشعبوية اليمينية المتطرفة المعروفة باسم حزب الشاي (تي بارتي) الرافضة لأي تسوية، يطالب أولا السلطة التنفيذية بتقديم تنازلات في مجال النفقات الاجتماعية وبخاصة ما يتعلق بإصلاح الضمان الصحي الذي أقره أوباما في العام 2010.

وفي حال التخلف عن دفع المستحقات فإن النفقات العامة الأميركية قد تتراجع على الفور بنسبة 4% من إجمالي الناتج القومي للبلاد كما يتوقع الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

وأشار البيان أيضا إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة المقدر حاليا بـ7. 3% سيرتفع إلى مستويات قياسية خلال الأزمة المالية ليصل إلى 10%. ويتوقع أيضا أن يقلص أول اقتصاد عالمي وارداته مما يؤثر «بشكل كبير» على البلدان الأخرى كما حذر غوريا الذي دعا الكونغرس الأميركي إلى «التعقل».

وبعد الهلع الذي أصيبت به بسبب التعطيل الحكومي في واشنطن في الأيام الأخيرة استعادت بعض الأسواق العالمية بعض النشاط الأربعاء في اتجاه نسب إلى تعيين جانيت يلين المعروفة بتأييدها لنهج الليونة في السياسة النقدية.

وبسبب عدم التوصل إلى اتفاق في الكونغرس فإن الإدارات الأميركية الفيدرالية تعمل بوتيرة بطيئة منذ ثمانية أيام بعد وضع مئات آلاف الموظفين في إجازة غير مدفوعة.