مديرة صندوق النقد تدعو لسرعة إنهاء نظام «الحوكمة».. والبنك الدولي يحث الولايات المتحدة على البت بقضية الديون

كريستين لاغارد: العقد المقبل سيشهد زيادة نصيب الاقتصادات الصاعدة والناشئة

رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أثناء إلقاء خطابها خلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين (إ.ب.أ)
TT

دعت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي الدول الأعضاء إلى سرعة إنهاء نظام الحوكمة في الصندوق، وذلك تمهيدا للتحولات الاقتصادية المستقبلية في العالم.

وقالت لاغارد، خلال كلمة في الاجتماعات المشتركة السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي، إن العقد المقبل سيشهد زيادة في نصيب الاقتصادات الصاعدة والنامية في إجمالي الناتج المحلي العالمي من النصف إلى الثلثين تقريبا، مشيرة إلى أن مستويات نصيب الفرد من الدخل بين البلدين مختلفة، مع سرعة اتساع الطبقة المتوسطة في تلك البلدان. وزادت: «يمهد ذلك السبيل لعالم يأتي بعد 20 إلى 30 عاما تكون القوة الاقتصادية أقل تركزا إلى حد بعيد في الاقتصادات المتقدمة، وأكثر انتشارا بشكل واضح في شتى المناطق». ونظام الحوكمة الجديد في الصندوق يدعو لزيادة نصيب الدول الناشئة في الحصص التصويتية، بنحو 5 في المائة، وذلك بما يتناسب مع ثقلها الاقتصادي المتنامي، إضافة إلى توسيع الدور الرقابي للصندوق من المفهوم الضيق للرقابة على أسعار الصرف وميزان المدفوعات ليتضمن الرقابة على القطاع المصرفي والأسواق المالية، وهي القطاعات التي تسببت في وقوع الأزمة المالية الأخيرة بسبب غياب الرقابة الفاعلة عليها، ودعم السياسات المالية والنقدية والمالية اللازمة للنمو المستدام والمتوازن.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي: «يجب أن يكون الصندوق أكثر تمثيلا وانعكاسا لهذه التحولات، ونحن نمضي بالفعل في هذا الاتجاه، وأن بمجرد تنفيذ إصلاحات عام 2010 لنظام الحوكمة، سيكون للصندوق أساس يرتكز عليه لمواصلة البناء». وأكدت أن الاقتصاد العالمي بات شديد الترابط، وسيؤدي ذلك إلى دفع التكامل المالي لمستويات غير معلومة حتى الآن، وإلى إرجاء حول العالم لم يبلغها بعد، مشيرة إلى أنه مع نمو البلدان الصاعدة والنامية وزيادة تقاربها تصبح الروابط المالية المتبادلة بينها أكثر عمقا وتشابكا، لافتة إلى أن التكامل الأعمق يمكن أن يحفز النمو، لكنه لن يخلو من المخاطر، على حد تعبيرها. وأشارت إلى أن معدل التغيير ومداه سيكونان كبيرين على مدى الجيل المقبل، وفي ضوء ذلك، فإن احتياجات الدول الأعضاء ستختلف، وهو الأمر الذي يدعو ليتغير الصندوق، مشيرة إلى ضرورة أن يكون الصندوق مرنا في منحاه ومركزا في أهدافه الرئيسة على خدمة الدول بأفضل السبل، لافتة إلى أن «المرونة والتركيز والخدمة هي المبادئ التي توجه الدول الأعضاء». وقالت: «فترة الكساد العظيم أوجدت تحديات غير مسبوقة قام خلالها الصندوق بالتعامل معها بأسلوب غير مسبوق، ومنها عبر النطاق الكامل لدعمنا المالي، حيث قدمنا أكثر من 300 مليار دولار للمساهمة في التخفيف من عبء المواءمة لدولنا الأعضاء المحتاجة للمساعدة».

من جهته، قال جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي إن العام الحالي شهد نموا بطيئا في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، لكن ينبغي أيضا أن يلاحظ أن هذه هي المرة الأولى منذ عدة سنوات التي تتحرك فيها هذه القوى الثلاث جميعا في اتجاه إيجابي. وأضاف: «تباطأ النمو في البلدان النامية في النصف الأول من العام، لكن المؤشرات الأولية تنبئ بتسارع الزخم في الربع الثالث». وأكد أن المأزق السياسي الذي تشهده واشنطن، واقتراب الموعد النهائي لرفع سقف الدين الأميركي بدأ يزعزع الأسواق العالمية، وحث واضعي السياسات في واشنطن على إيجاد حل في أقرب وقت ممكن لتفادي ما قد تكون آثارا كارثية جراء التخلف عن سداد الدين. واستشهد بما حدث قبل عامين، في عام 2011، حيث كان اقتراب الولايات المتحدة من التخلف عن سداد ديونها كانت له آثار خطيرة استمرت شهورا.

وبين أن هذه المرة قد تكون أشد خطورة، حيث إن حالة عدم اليقين والغموض والتقلبات تزيد من صعوبة حصول البلدان النامية على ما تحتاج إليه من تمويل، وسيؤدي هذا إلى إبطاء الاستثمار، ويؤثر بشكل سلبي على النمو. وسيكون الفقراء والمحرومون أشد الناس تضررا. وكانت اقتصادات البلدان النامية قد تعرضت بالفعل لهزة قبل بضعة أشهر، في أعقاب إعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي في مايو (أيار) الماضي عن عزمه إلغاء إجراءات التيسير النقدي في نهاية المطاف. وزاد كيم: «مجرد احتمال تقليص مشتريات السندات أدى إلى تراجع تدفقات رأس المال وزيادة أسعار الفائدة وانخفاض قيمة العملات في بعض البلدان الكبرى متوسطة الدخل». وأضاف: «قبل ثلاثة أسابيع، ساعد إعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي عن تأجيل خطط إلغاء التيسير النقدي على انتعاش الأسواق، وأوقف الاتجاه المتصاعد لأسعار الفائدة العالمية طويلة الأجل. وأتاح هذا متنفسا لتلك الاقتصادات الأكثر تعرضا للضرر». وهيمنت قضية الديون الأميركية على الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد والبنك الدولي، في الوقت الذي أشارت فيه عدد من المصادر إلى أن تأخير اتخاذ القرار تسبب في تباطؤ اتخاذ القرار الاقتصادي لجميع القطاعات في انتظار ما سيسفر عنه نتائج تلك القضية. وبالعودة إلى رئيس البنك الدولي، الذي قال: «ذلك المتنفس لا يعني أنه ينبغي لواضعي السياسات أن يهدأ لهم بال. ولكن بدلا من ذلك، يجب عليهم أن يغتنموا هذه الفسحة الصغيرة لبناء قدرة اقتصاداتهم على الصمود، من خلال وضع سياسات اقتصادية كلية ملائمة لتحسين ميزانياتهم ووضع نظمهم المالية على أساس سليم».

إلى ذلك عززت مجموعة البنك الدولي واليمن الشراكة بينهما بالتوقيع على مشروعين جديدين. مشروع التنسيق بين شبكة المعلومات حول المناخ والبرنامج التجريبي لمواجهة آثار التغير المناخي، الذي تم تمويله بمنحة قدرها 19 مليون دولار. وسيطور المشروع قدرة اليمن على إيصال معلومات موثوقة عن الطقس والمياه إلى المواطنين في جميع أنحاء البلاد، لا سيما إلى الفئات الفقيرة والأكثر تضررا بالكوارث الطبيعية. أما مشروع تطوير البنية الأساسية للقطاع المالي، الممول بمنحة قدرها 20 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، وهو صندوق البنك الدولي المعني بمساعدة البلدان الأكثر فقرا، فسيسعى إلى زيادة الاستقرار والشفافية في النظام المالي.

وقد تم توقيع الاتفاقيتين في جلستين منفصلتين بين إنغر أندرسن نائبة رئيس البنك لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممثلة البنك الدولي، ومحمد الصعيدي من الجانب اليمني وزير التخطيط والتعاون الدولي، محمد بن همام محافظ البنك المركزي.

وقال الصعيدي وزير التخطيط والتعاون الدولي إن اليمن ما زال عرضة لعوامل التغير المناخي الأمر الذي يهدد أمنه الغذائي، وأن أكثر من 50 في المائة من اليد العاملة في اليمن تتركز في القطاع الزراعي، وهو أحد القطاعات الأكثر تضررا من هذه العوامل، الجفاف المستمر مقرونا بكوارث طبيعية غالبا ما تكبد المجتمعات الفقيرة مشقات اقتصادية.