الأزمة ستكلف واشنطن 24 مليار دولار وأسئلة حول الدولار كعملة احتياط عالمية

وسائل إعلامية صينية: سندات الخزانة الأميركية ربما لم تعد آمنة

TT

أعلنت وكالة التصنيف المالي «ستاندرد آند بورز» أن تعثر إقرار الميزانية في واشنطن الذي أرغم مئات آلاف الموظفين الأميركيين على البقاء في منازلهم لأكثر من أسبوعين، سيكلف الاقتصاد الأميركي 24 مليار دولار.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية قالت الوكالة، إن الإغلاق الجزئي للخدمات الفيدرالية سوف يؤدي إلى تراجع نمو صافي الناتج المحلي الأميركي في الفصل الرابع من السنة بواقع 0.6 نقطة، أي 24 مليار دولار. وقد توقفت الإدارة عن العمل جزئيا منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بسبب الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس حول الميزانية ورفع سقف الدين. وأوضحت وكالة الائتمان أنه «في سبتمبر (أيلول) كنا نأمل بنمو سنوي بمعدل 3% للفصل الرابع من العام لأننا كننا نعتقد أن السياسيين تعلموا دروسهم منذ عام 2011». وأضافت: «لكن توقعاتنا لم تصح ويتوجب علينا أن نخفض تقديراتنا لتقترب من 2%».

من جهة أخرى، هبط الدولار أمام سلة عملات رئيسة اليوم (الخميس) مع تحول انتباه المستثمرين إلى الآثار المترتبة على الاقتصاد جراء مأزق ديون الولايات المتحدة وتوقف الحكومة الأميركية عن العمل طوال أسبوعين. وبعد أن أجاز الكونغرس الأميركي اتفاق اللحظة الأخيرة لتفادي التخلف عن سداد الديون في الوقت الحالي قال محللون، إن أسبوعين من الضبابية التي هزت ثقة المستثمرين ورجال الأعمال أثرا سلبا على آفاق النمو في أكبر اقتصاد في العالم. ومن شأن هذا أن يحول دون إقدام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي على سحب خطة التحفيز النقدي حتى بداية العام المقبل على الأقل. وتبعا لذلك انخفضت العوائد على أذون الخزانة الأميركية مما دفع الدولار للهبوط أمام معظم العملات الرئيسة بما فيها الين الياباني. وتراجع مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه أمام سلة عملات 2.‏0 في المائة إلى 304.‏80 انخفاضا من أعلى مستوى في شهر عند 754.‏80 الذي بلغه أمس (الأربعاء).

كما هبط الدولار 3.‏0 في المائة إلى 40.‏98 ين متراجعا عن أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 01.‏99 ين الذي سجله في وقت سابق من أمس. وفقد الدولار قوة الدفع بعد أن صعد مبدئيا توقعا لانتهاء المأزق المالي وهبط إلى أدنى مستويات اليوم مقابل الين بعد أن وافق مجلس النواب الأميركي على اتفاق اللحظة الأخيرة الذي أقره مجلس الشيوخ بالفعل.

ويمثل الاتفاق علاجا مؤقتا للأزمة ولا يحل القضايا الرئيسة للإنفاق والعجز التي تثير الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين. وأدت خسائر العملة الأميركية إلى ارتفاع اليورو 2.‏0 في المائة ليصل إلى 3557.‏1 دولار، كما عززت عملات أخرى ذات عائد أعلى تشمل الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي.

من جهتها، قفزت أسعار الذهب بما يزيد على ثلاثة في المائة أمس مع هبوط الدولار والاعتقاد أن الصفقة المؤقتة لتفادي تخلف تاريخي عن سداد الدين في الولايات المتحدة ربما تدفع الاحتياطي الاتحادي لإرجاء تقليص برنامجه للتحفيز النقدي. وارتفع الذهب أكثر من ثلاثة في المائة عن الإغلاق السابق إلى 56.‏1322 دولار للأوقية (الأونصة) أثناء الجلسة. وفي بكين ذكرت وسائل إعلامية صينية رسمية أمس (الخميس) أن الخلاف السياسي بشأن زيادة سقف الدين الأميركي يشير إلى أن سندات الخزانة الأميركية ربما لم تعد استثمارا آمنا ويجب أن يدرس حائزوها خططا بديلة. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» في تعليق لها عقب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في اللحظة الأخيرة في الكونغرس الأميركي، إن «الملحمة في واشنطن تعلم دائني أميركا درسا».

وأضافت الوكالة: «السياسيون الأميركيون على استعداد لقتال بعضهم البعض على حساب مصالح حاملي الدين، وإن سندات الخزانة الأميركية ربما لم تعد استثمارا آمنا». وقالت إنه «من ثم، قد يجري نصح المستثمرين المحليين أو الأجانب بوضع خطة بديلة في ضوء أنه لا يلوح في الأفق بعد حل طويل الأجل لأزمة الدين الأميركية». وجاء في التعليق أن الولايات المتحدة يجب أن «تنهي هذه اللعبة الخطيرة لسياسة حافة الهاوية لاستعادة الثقة إذا كانت تريد أن تحتفظ بدورها كقائدة للعالم». وقال تعليق ثان للوكالة، إن الصين يجب أن تدرس التحرك «بشكل أسرع وأكثر حزما» لجعل عملتها عملة دولية «والتحرك تدريجيا بعيدا عن الأخطار التي تفرضها آلية مالية أميركية متعثرة». وقد رحبت بكين بـ«التقدم» الذي أنجزه البرلمانيون الأميركيون لإيجاد تسوية للميزانية وإبعاد خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ: «إن الحل المناسب لهذه المشكلة لا يعود بالفائدة على مصالح (الولايات المتحدة) الذاتية فحسب، بل وأيضا على استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته». وأضافت: «إننا نرحب بالتقدم المنجز لحل المشكلة». وكانت بكين قد كثفت في الأيام الأخيرة التحذيرات والدعوات إلى إيجاد تسوية للميزانية مشيرة إلى العلاقات «المتلازمة» التي تربط اقتصادي البلدين. وتعد الصين البلد الرئيس الذي يملك دين الولايات المتحدة بحيازتها سندات خزينة بقيمة 1277 مليار دولار بحسب الأرقام الأخيرة للحكومة الأميركية. لكن الصين أبدت أيضا قلقها من الصدمة التي قد تصيب الأسواق العالمية في حال تعثر واشنطن عن السداد، وخصوصا أن النمو الصيني يعتمد بشكل كبير على الصادرات والاستثمارات الأجنبية.