خبراء: المساعدات الخليجية الداعم الوحيد لاقتصاد مصر

تساءلوا عن مدى جدوى الإجراءات الحكومية

TT

انتقد خبراء اقتصاديون أداء الحكومة الحالية، وقالوا إنهم لم يروا حتى الآن أي مردود إيجابي على البلاد من عملها، في الوقت الذي لا تزال تعاني فيه البلاد من ارتفاع في مستويات الأسعار وزيادة معدلات البطالة والفقر. وأضافوا أن المساعدات الخليجية التي حصلت عليها مصر بعد 30 يونيو (حزيران) هي الداعم الوحيد للاقتصاد المصري حتى الآن.

وتعهدت الإمارات والسعودية والكويت، بتقديم مساعدات نقدية وعينية لمصر عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي تقدر بنحو 12 مليار دولار، وصدر قرار جمهوري بنهاية الأسبوع الماضي بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي (2013 / 2014) لتضمين المساعدات النقدية التي حصلت عليها مصر من الدول العربية بقيمة 8.78 مليار دولار حتى أغسطس (آب) الماضي وستنفق نصف تلك المساعدات لتنفيذ حزمة من البرامج الاستثمارية والاجتماعية، كما وقعت الإمارات مساء أول من أمس اتفاقية لدعم البرنامج التنموي لمصر تقدم بموجبها الإمارات دعما إضافيا يقدر بنحو 3.9 مليار دولار لتنفيذ عدد من المشاريع لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية بمصر.

وقالت الخبيرة الاقتصادية بسنت فهمي، إن «الحكومة الحالية لم تتخذ أي إجراءات لعلاج المشكلات التي تعاني منها مصر، فهناك إجراءات كان يجب أن تتخذها منذ اليوم الأول لعملها ولكن لم يحدث شيء».

وأضافت فهمي أنها «تتفق مع الحكومة الحالية على شيء واحد فقط وهو سياسات الإنفاق التوسعية التي تتخذها»، وتابعت: «حتى تلك السياسة التوسعية سببها الدعم الخليجي الذي حصلت عليه مصر، ومن دون هذا الدعم لم تستطع الحكومة تنفيذ أي شيء»، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى إصلاح، وتلك الأمور صعبة وتحتاج إلى جرأة لتنفيذها، وكنا نعول على تلك الحكومة لاتخاذها، ولكنها «خذلتنا»، بحسب تعبيرها.

وأضافت بسنت فهمي أن «إصلاح منظومة الدعم وتطبيق الحد الأقصى للأجور وعلاج الأزمات التي نمر بها مثل أزمة المواصلات وارتفاع مستوى الأسعار، كان يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة، وحتى الآن لم يتم إصلاح تلك القرارات»، وتابعت: «نحتاج إلى حكومة لديها حلول مبتكرة، الحكومة الحالية أيديها مرتعشة».. أخطر ما يواجه الاقتصاد المصري حاليا، هو عجز الموازنة، وتقليصه لن يأتي إلا بترشيد الإنفاق الحكومي وليس الإنفاق العام، فلك أن تتخيل أن دولة مثل مصر التي تعاني من أزمات مالية يوجد بها بذخ في الإنفاق على الوزارات والسفارات والمراكز الثقافية الخارجية، بالإضافة إلى أعداد المستشارين التي تتجاوز إجمالي رواتبهم مليارات الجنيهات.

وتقول الحكومة المصرية إنها تقوم حاليا بحصر أعداد المستشارين العاملين بالحكومة، وأكدت أن الأعداد التي يتم تداولها في الفترة الأخيرة غير صحيحة.

وقال رئيس المنتدى الاقتصادي المصري الدكتور رشاد عبده، إن الشق «الاقتصادي في الحكومة ضعيف جدا، وأرى أن الحكومة خائفة، لم نر لها سياسات محددة، وكل ما اتخذته عبارة عن مجموعة من الإجراءات، مثل إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية وغيره»، وتابع: «لولا المساعدات العربية لم تستطع مصر أن توفر غذاءها».

وساهمت المساعدات العربية في صعود احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري ليصل إلى 18.7 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي، وهو ما يغطي الواردات السلعية لمصر لأكثر من ثلاثة أشهر، وهو معدل آمن وفقا لمعايير صندوق النقد الدولي.

وتابع عبده: «نحن نمر بمرحلة انتقالية دقيقة، كان يجب أن تتحرك الحكومة لمكافحة الفساد، والحد من البيروقراطية، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار وحل مشكلات المستثمرين، إلا أنها لم تقم بأي شيء حتى الآن».

وتقول الحكومة، إن «تلك المشكلات تحتاج إلى فترة ليست قصيرة لحلها وإصدار قوانين بها»، إلا أن رئيس المنتدى الاقتصادي يرى أن الحكومة الحالية أمامها الطريق ممهد لإصدار أي قرارات وقوانين في فترة وجيزة، فتستطيع خلال فترة قصيرة أن تصدر قوانين للحد من تلك المشكلات، فلا يوجد في مصر مجلس تشريعي لكي يناقش قوانين أو يؤخرها أو يعدل عليها.

وتابع: «الحكومة فتحت اعتمادا جديدا في الموازنة العامة للدولة، وأدرجت فيها حتى الودائع القادمة من دول الخليج، هذا الأمر قد يزيد العبء على الحكومات المقبلة، خصوصا إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي بشكل كبير، لأنها ستعجز معها على سداد ديونها».

ويشير تقرير حديث للمجموعة المالية «هيرمس» إلى أن الاقتصاد المصري شهد خلال الفترة من يوليو (تموز) حتى سبتمبر (أيلول) تباين بين المخاطر الكلية والنشاط الاقتصادي العادي. ففي الوقت الذي شهد الاقتصاد نكسة كبيرة بسبب زيادة التوتر السياسي والأمني، انحصرت المخاطر الكلية للاقتصاد بشكل كبير بسبب الدعم المالي من السعودية والكويت والإمارات بقيمة 12 مليار دولار.

وتابع التقرير: «أدت تلك المساعدات إلى تراجع تكلفة التأمين ضد العجز عن سداد الديون، كما تراجع العائد على أدوات الدين الحكومية، وارتفع سعر العملة المحلية».

وأضاف التقرير أن «النشاط الاقتصادي تراجع بسبب الأوضاع الأمنية، وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات العام أن النشاط الاقتصادي وصل في شهري يوليو وأغسطس إلى أدنى مستوى له منذ 30 يونيو، كما تراجعت معدلات السياحة.

وتعتقد «هيرمس» أن النشاط الاقتصادي وصل إلى القاع في الربع الثالث من العام الحالي (الربع الأول من العام المالي الحالي) مع تراجع معدلات السياحة وتضرر الخدمات اللوجيستية بسبب حظر التجوال. ولكنها ترى أنه مع رفع تحذيرات السفر إلى مصر من الأسواق الأوروبية الرئيسة وتقليص ساعات الحظر، سيؤدي إلى بدء تعافي الاقتصاد بدءا من الربع الأخير من عام 2013.

وقالت «هيرمس»، إن «الاستقرار قصير الأجل المتوقع للعملة والتي سببها الرئيس الدعم الخليجي، بدأت تبث الثقة في الاقتصاد، ودعم من تلك الثقة أيضا التقدم في خارطة المرحلة الانتقالية».

واستخدم البنك المركزي الحزم المالية القادمة من الخليج في تخفيف سياسته النقدية لتحفيز النمو، وقام بتخفيض الفائدة مرتين منذ أغسطس بمقدار مائة نقطة. وأدى ذلك إلى تراجع أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية، ما أدى إلى تراجع أسعار العائد على سندات الخزانة إلى مستويات قبل الثورة، فيما تراجع العائد على أذون الخزانة بنحو 300 نقطة مقارنة بالشهرين السابقين. وهذا جاء بسبب تحسن موقف السيولة وتحسن مستوى المخاطر السياسية. وتعتقد «هيرمس» أن سعر الفائدة الحالي مناسب خلال الفترة الحالية وتستبعد أن يتخذ المركزي أي إجراءات بتخفيضها خلال الفترة المقبلة.

وترى «هيرمس» أن الحزمة التحفيزية وتخفيض أسعار الفائدة ستكون داعمة للنمو خلال العام المالي الحالي، التي تتوقع وصوله إلى ثلاثة في المائة، مشيرة إلى أن تراجع معدلات السياحة تزيد من معاناة الاقتصاد.