لقاء في الظهران يبحث سر التحول من «الذهب إلى غوغل»

شارك فيه سعوديون من خريجي جامعة ستانفورد الأميركية وخبيرة فيها لتحويل الموارد السعودية إلى صناعة ومعرفة

المشاركون في لقاء خريجي ستانفورد في السعودية طرحوا رؤى لتحويل بلادهم من قطاع موارد إلى قطاع معرفة وصناعة
TT

تحول اللقاء الرابع لجمعية خريجي جامعة ستانفورد الأميركية في السعودية الذي عقد مؤخرا بقاعة مركز التبادل الثقافي في «أرامكو السعودية» بالظهران، إلى حلقة نقاش حول قطاع خدمات الطاقة في السعودية والتحديات التي تواجه هذا القطاع، وفرص تحويله من اقتصاد معتمد على الموارد إلى اقتصاد معتمد على الصناعة والمعرفة.

وشدد اللقاء على أهمية قيام المبادرات لتطوير قطاع الطاقة وتحويله إلى قطاع تنافسي على مستوى العالم، يحقق أهدافا لتنمية وتوطين المنتجات والخدمات، حيث قدم المشاركون في اللقاء مبادرات عالمية ومحلية ساهمت في انطلاقة التنمية الاقتصادية لبلدان المبادرات واستثماراها للوصول إلى تنمية وتوطين المنتجات، لعل أبرزها مبادرة مؤسس جامعة ستانفورد الذي كوّن ثروته من بيع المعدات خلال طفرة الذهب في القرن الثامن عشر، واستثمار هذه الثروة في إنشاء الجامعة العريقة التي كان لها دور في تطوير وازدهار الحاسب وتقنية المعلومات، ومبادرة «أرامكو السعودية»، الشركة العملاقة في مجال النفط والطاقة من خلال برنامج التحول المتسارع لتطوير هذا القطاع في السعودية التي تسبح على بحيرة من الذهب الأسود، ليصبح هذا القطاع تنافسيا.

وفي اللقاء الذي تناول «قطاع خدمات الطاقة في السعودية: تحدّ أم فرص»، تحدث كل من عبد اللطيف العثمان، محافظ الهيئة العامة للاستثمار في السعودية، ومعتصم المعشوق نائب رئيس «أرامكو السعودية» للخدمات الطبية، وغسان الكبسي شريك في شركة «مكنزي»، وخالد الزامل رئيس مجلس إدارة «الزامل للصناعة»، وإدارة اللقاء الدكتورة كرستين جوجارث المحاضرة في جامعة ستانفورد وخبيرة الطاقة والتنمية، بحضور أكثر من 70 شخصا، من ضمنهم خريجو جامعة ستانفورد وموظفو شركة «أرامكو»، وضيوف آخرون لهم اهتمامات بموضوع خدمات الطاقة.

وعقب نقاش صريح وبناء عن التحديات التي تواجه اقتصاد السعودية، لتحويله من اقتصاد معتمد على الموارد إلى اقتصاد معتمد على الصناعة والمعرفة، طرح اللقاء الكثير من الأسئلة للمناقشين للخوض بشكل أعمق في الحلول الممكنة بما في ذلك الفائدة المرجوة من التنسيق بين القطاع الخاص والحكومة، وبناء القوة العاملة السعودية الشابة المتنامية للوصول إلى الهدف الذي تمحور حوله اللقاء.

واعتبرت الدكتورة جوجارث أن «موضوع كيفية قيام السعودية، باستخدام قطاع الطاقة نقطة انطلاقة للتنمية الاقتصادية ذو أهمية عظمى»، موردة في هذا السياق مثالا عن ليلند ستانفورد مؤسس جامعة ستانفورد الذي كوّن ثروته من بيع المعدات خلال طفرة الذهب في منتصف القرن الثامن عشر، ثم قام باستثمار هذه الثروة لإنشاء جامعة ستانفورد التي ساعدت في تطوير وازدهار الحاسب وتقنية المعلومات، متسائلة: «في كاليفورنيا ذهبنا من الذهب إلى (غوغل)، وبالنسبة للسعودية سيكون أخذ الاقتصاد من النفط إلى ماذا؟».

ومن جانبه، شدد المهندس عبد اللطيف العثمان على أن «التركيز على المحتوى المحلي مهم وحتمي في هذه الفترة. حيث تعيش السعودية في الوقت الحالي نموا غير معهود مدعوما من قبل الاستثمارات الهائلة من قبل الحكومة والشركات المملوكة لها»، وزاد بالقول: «نحن بحاجة لتغيير نموذج العمل والتعاقد لتمكين تطوير وتنمية الاستثمارات المحلية والأجنبية في المملكة. المحتوى المحلي للمنتجات والخدمات في قطاعات مختلفة غير مرضي بسبب غياب الشركات المحلية بصورة متكاملة للوصول للمنتج النهائي (السلسلة القيمية)»، مشيرا إلى أنه، وبالمقارنة مع الدول الأخرى، «يبقى في اقتصادنا فقط جزء ضئيل من الأموال الطائلة التي تنفق بينما الجزء الأكبر يتسرب لجلب المواد والخدمات الفنية. نحتاج للمزيد من الاستشارات الهندسية والمنتجات والخدمات المصنوعة في السعودية، هذه فرصة ثمينة ويجب استغلالها لتنمية وتوطين المنتجات والخدمات في قطاعات مختلفة في المملكة».

وفي اللقاء، ثمّن معتصم المعشوق مبادرة جمعية خريجي جامعة ستانفورد لتركيزها على قطاع الطاقة في المملكة، لافتا إلى أن لدى شركة «أرامكو» مبادرة مهمة في هذا الموضوع وهي «برنامج التحول المتسارع»، موضحا: «نحن في (أرامكو السعودية) ملتزمون من خلال برنامج التحول المتسارع لتطوير قطاع طاقة تنافسي، ومن خلال هذه المبادرة نمنح فرصا اقتصادية تتيح لهذا القطاع أن يصبح تنافسيا على المستوى العالمي، ومن المنطقي بأن نركز على الطاقة، لأنها ستقلل التكلفة على المستهلكين السعوديين من الأفراد والشركات، كما ستعطي لاقتصادنا قطاعا تنافسيا».

وقال لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز العريفي نائب رئيس جمعية خريجي جامعة ستانفورد بالسعودية إن الجامعة الأميركية ترتبط بعلاقة وثيقة مع السعودية منذ قيام شركة «أرامكو»، حيث كان الجيولوجي ماكس ستينيكي الذي اكتشف أول حقل بترول تجاري خريج جامعة ستانفورد، وقد تم تأسيس جمعية خريجي جامعة ستانفورد في السعودية في السادس من يناير (كانون الثاني) 2013م، حيث كان اللقاء التأسيسي برعاية الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة، ونائب رئيس جامعة ستانفورد البروفسور إتشمندي، في حين كان اللقاء الثاني في رحاب مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية باستضافة الأمير الدكتور تركي بن سعود نائب رئيس المدينة.في حين خصص اللقاء الثالث لمحاضرة البروفسور فيفر عضو هيئة التدريس في كلية إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، مشيرا إلى أن لدى الجمعية ثلاثة أهداف رئيسة تتمثل في إتاحة فرص للتطوير الشخصي والمهني لأعضاء الجمعية من خلال عدد من اللقاءات الفكرية وحلقات النقاش، وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين خريجي جامعة ستانفورد، ودعم الربط ما بين خريجي الجامعة الأميركية في المملكة والجامعة الأم.

واعتبر العريفي أن اللقاءات العربية الماضية ساهمت في طرح رؤى لخريجي الجامعة العريقة في السعودية للمواضيع المحددة، ولعل اللقاء الرابع، الذي تناول موضوع خدمات الطاقة في السعودية من مختصين وخريجي الجامعة الذين يتسنمون مراكز وأعمالا في قيادية لقطاع الاستثمار والاقتصاد توصل إلى حلول وآليات، للوصول إلى إمكانية تحويل قطاع الطاقة في السعودية إلى قطاع تنافسي منتج.