مختصون: التطور التقني النوعي لاقتصاد أميركا يحبط أزمة سقف الدين

ترجيح نمو الاقتصاد الأميركي 5.2 في المائة عام 2015

جانب من بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

أرجع مختصون تجاوز الأزمة المالية الأميركية الراهنة التي استدعت رفع سقف الدين، إلى التطور التقني النوعي الذي يسير عليه اقتصاد البلاد، مشددين على أن الاقتصاد الأميركي لم ينمُ عضويا بقدر نموه من الناحية التقنية عبر تطور الخدمات ورفع سقف الإنفاق على البحث العلمي.

وأرجع هؤلاء خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، في الوقت نفسه، استقرار أسعار الذهب في الفترة الماضية إلى ظهور بوادر للاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط، في إشارة منهم إلى أن الأسعار قد تعاود الصعود إلى قمة جديدة في حال حدوث أي اضطراب في المنطقة.

وفي هذا الخصوص، أكد مازن السديري مدير الأبحاث في شركة «استثمار كابيتال» أن الاقتصاد الأميركي يعيش مرحلة انتقال وتطور نوعي بين التحديات والفرص الاقتصادية تبعا لاختلاف المعطيات والبنية التحتية لكل اقتصاد، وعلى الرغم من أن أميركا تشهد نموا بطيئا، فإنه إيجابي مدعوم بالتطور العلمي.

ورأى السديري خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن رفع سقف الدين الأميركي كان حلا قانونيا للعالم بأكمله تم التصويت عليه ودعا إليه الكونغرس الأميركي لتحسسه بجوهرية الموضوع وأنه لا يقبل العبث.

وعن إمكانية مواجهة الاقتصاد الأميركي الدين في المستقبل، بيّن السديري أن الاقتصاد الأميركي كان أكثر الاقتصاديات المتقدمة نموا، وأنه مبني على قواعد علمية في نموه، لافتا إلى أن الاقتصاد الأميركي يسجل نموه عادة نتيجة تطور الخدمات الناتجة عن تطور البحث العلمي الذي يحظى بإنفاق مدروس.

وأوضح مدير الأبحاث في شركة «استثمار كابيتال» أن الاقتصاد الأميركي شهد تطورا نوعيا، حيث نما الناتج المحلي الأميركي بمعدل 0.8 في المائة كنسبة مركبة بين عامي 2008 و2012، مدعوما بالتطور التقني والعلمي، ونما الإنفاق على البحث في مجال الاستثمارات بمعدل يفوق النمو العام للاقتصاد الأميركي، بمعدل 0.9 في المائة كنسبة مركبة، إضافة إلى الاستثمار في مجال الأبحاث والتطوير.

وشدد السديري على أن التطور النوعي أنتج آثارا إيجابية أدت إلى رفع كفاءة الاقتصاد الأميركي، أبرزها تطور تقنية الغاز الأحفوري، التي كانت سببا في نمو قطاعات أميركية عدة، مثل ارتفاع الطلب على المركبات بمعدل 1.5 في المائة وأجهزة النقل بمعدل 4.3 في المائة، ونمو الاستيراد بنسبة 1 في المائة أقل من التصدير بنسبة 1.5 في المائة، مما ساعد على تقليص العجز التجاري.

وبيّن أن تطور الاقتصاد الأميركي يخلق نظرة تفاؤل تتفق مع متوسط توقعات النمو، متوقعا أن تكون 3.2 في المائة خلال العام الحالي، و4.6 في المائة في العام المقبل، على أن تصل إلى 5.2 في المائة في عام 2015.

ورأى مدير الأبحاث في شركة «استثمار كابيتال» أن حجم الدين يتناسب مع حجم الاقتصاد الأميركي الذي تجاوز 16 تريليون دولار، مبينا أنه في السنوات الأخيرة شهد الاقتصاد الأميركي نموا غير حقيقي وغير منتج، نتيجة ارتفاع أسعار العقار، مما جعل نمو ناتج الاقتصاد الأميركي غير منتج، يعتمد على القطاع العقاري، وهذا ما شوه توازن النمو الأميركي في السنوات الماضية، أما الآن فهذا التوازن أصبح يهتم أكثر بالجوانب العلمية على حساب جوانب أخرى مثل تضخم العقار.

وفي المقابل، بيّن سامي المهنا خبير الذهب والمعادن النفيسة أن رفع سقف الدين الأميركي سيؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل سلبي على المدى البعيد والقريب، مما قد يضر بالكثير من الشركات الداخلية في أميركا.

ورجح المهنا أن يواصل الذهب والمعادن النفيسة انخفاضهما في حال حدوث حالة من الاستقرار السياسي في الدول المضطربة، مضيفا «أما في حال عدم استقرارها سياسيا فإنه من المتوقع حدوث ارتفاع غير مشهود للذهب كما حدث في الفترة الماضية، ومواصلة ارتفاعه».

وأوضح المهنا أن السبب في انخفاض الذهب في العام الحالي هو التوصل إلى حالة من الاستقرار في الدول المضطربة في الشرق الأوسط، مما انعكس بشكل إيجابي على أسعار الذهب وجعلها تسير في الاتجاه الطبيعي.

وعن الأسباب التي أدت إلى وصول الدين الأميركي إلى أرقام فلكية، أوضح المهنا أن الأسباب كثيرة، ومنها إعلان الكثير من الشركات الأميركية إفلاسها، والوضع الاقتصادي والتدخلات السياسية في الشأن العربي والعالمي التي لم تكلل بالنجاح المرسوم لها، وهذا ما اعترف به الكونغرس.

واعتبر المهنا أن التدخلات غير المنطقية التي اتخذتها أميركا في الكثير من الدول ستعيق كثيرا من تغيير مصاريفها العالية خلال العام المقبل، إلا إذا قامت بتصحيح وضعها وتحسين العلاقات مع الدول الأخرى، لافتا إلى أنها في الفترة الأخيرة بدأت تتخذ خطوات للتواصل مع الدول التي انقطعت عنها سنوات عدة.