السعودية: المنافسة على كعكة السوق تدفع شركات الإسمنت إلى زيادة الإنتاج

توقع تحقيقها معدلات ربحية أكبر خلال الربع الأخير من هذا العام

الطلب على الإسمنت في السعودية في تزايد مستمر مع المشاريع الضخمة التي تشهدها المملكة («الشرق الأوسط»)
TT

باتت شركات الإسمنت في السوق السعودية مرشحة، بشكل كبير جدا، لتحقيق أرباح إضافية خلال الربع الأخير من العام الحالي، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه وتيرة تنفيذ المشروعات الحكومية في التسارع الملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط تحركات كبرى تقوم بها الشركات المحلية نحو زيادة قدراتها التنافسية من خلال توسيع دائرة خطوط الإنتاج.

وأمام هذه التوقعات، أغلقت سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاتها، يوم أمس، على تراجع ملحوظ، بلغ مجموعه النقطي نحو 48 نقطة، ليقفل بالتالي المؤشر العام عند مستويات 8359 نقطة، وذلك تحت ضغط عمليات جني أرباح طبيعية، فيما لم تشهد تعاملات الأمس ارتفاعات ملحوظة في معدلات السيولة النقدية المتداولة.

ولفت مختصون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إلى أن قطاع الإسمنت السعودي من المتوقع أن يكون القطاع الأكثر ربحية على مدى السنوات الخمس المقبلة، مرجعين هذه التوقعات إلى ارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية، وقدرة الشركات المحلية على زيادة معدلات خطوط الإنتاج.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية باتت خلال السنوات القليلة الماضية من أكثر دول المنطقة إنفاقا على المشروعات الحكومية. وقال «هذا الإنفاق دفع شركات الإسمنت إلى محاولة توسيع دائرة خطوط الإنتاج، خصوصا أن السوق المحلية تستطيع بشكل كبير جدا استيعاب عدد أكبر من الشركات».

ولفت الدكتور باعجاجة إلى أن زيادة معدلات الإنفاق الحكومي في البلاد عززت من إمكانية إنشاء شركات جديدة في قطاعات عدة يتقدمها «الإسمنت»، و«البناء والتشييد»، و«التطوير العقاري»، متمنيا في الوقت ذاته أن تكون هناك قدرة على تنفيذ المشروعات وفق أعلى المواصفات.

من جهة أخرى، أكد فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية، خلال تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن معدلات تنفيذ المشروعات خلال الربع الأخير من كل عام عادة ما تكون أعلى من الأرباع الثلاثة الأولى، وقال «الوزارات والجهات الحكومية تسارع في دفع الالتزامات التي عليها للمقاولين الذين يرفعون من وتيرة تنفيذ المشروعات خلال هذا الربع، خصوصا أن الجهات الحكومية هذه تستهدف الحصول على ميزانيتها دون نقص من العام المالي الجديد».

إلى ذلك، أكد فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن قطاع الإسمنت السعودي من المتوقع أن يكون القطاع الأكثر ربحية على مدى السنوات الخمس المقبلة، مضيفا «سنشهد ارتفاعا ملحوظا في معدلات الإنفاق الحكومي على المشروعات الجديدة، كما أن شركات الإسمنت المحلية ستسعى إلى توسيع دائرة خطوط الإنتاج، وذلك لزيادة معدلات التنافسية والربحية».

وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تستمر الحكومة السعودية في ضخ مليارات الريالات خلال السنوات القليلة المقبلة على مشروعات البنية التحتية، خصوصا أنها بدأت فعليا خلال الأيام القليلة الماضية في إطلاق مشروعات وزارة «الإسكان» التنموية، التي تهدف إلى تقديم 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين في البلاد.

وكانت شركات الإسمنت المدرجة في سوق الأسهم السعودية قد حققت نموا في أرباحها في الربع الثاني من العام الحالي، بلغت نسبته 21 في المائة، ونموا في النصف الأول ككل بنسبة 13 في المائة، رغم تحقيقها نموا في أرباحها التشغيلية في الربع الثاني بنسبة 17 في المائة وفي النصف الأول بنسبة 7 في المائة.

كما أن هذا النمو يأتي رغم تراجع متوسط سعر الطن في الربع الثاني بنسبة 4.9 في المائة، وفي النصف الثالث بنسبة 5.1 في المائة، وهو ما يشير إلى أن هناك سببا آخر غير المبيعات والأسعار، ساعد على ارتفاع الأرباح الصافية للقطاع بهذه النسبة، وهو ما يظهر جليا في ما ذكرته الشركات في إعلانات أرباحها من أسباب للارتفاع، كثير منها غير تشغيلية وغير متكررة. وبلغت أرباح شركات الإسمنت في النصف الأول من العام الحالي نحو 3.6 مليار ريال (960 مليون دولار)، بنسبة ارتفاع 12.79 في المائة، مقارنة بالفترة المقابلة التي بلغت فيها 3.2 مليار ريال (853 مليون دولار)، وجاءت تلك الارتفاعات رغم تراجع متوسط سعر الطن للقطاع إلى 265.2 ريال (70.6 دولار) في الربع الثاني من 2013، مقارنة بـ278.9 ريال (74.4 دولار) للطن في الربع المقابل.

يذكر أن وزارة التجارة والصناعة السعودية قالت في وقت سابق «نسقت الوزارة مع شركات الإسمنت في المملكة لتوفير نحو ستة ملايين طن من الإسمنت المستورد قبل نهاية العام الحالي، وذلك لإمداد السوق باحتياجاتها من السلعة، وضمان توافرها بالأسعار المحددة للمستهلكين في جميع المناطق».

وبحسب وزارة التجارة والصناعة السعودية فإن حجم كميات الإسمنت السائب والمكيس التي وصلت إلى الموانئ والمنافذ الحدودية للمملكة خلال الفترة الماضية، إلى جانب الكميات المتعاقد عليها فعليا حتى شهر مايو (أيار) الماضي، بلغ أكثر من 1.2 مليون طن، وهو الأمر الذي أسهم بشكل كبير في استقرار السوق وسد الاحتياج المتزايد لإقامة المشروعات.