مساعد وزير البترول السعودي: تحولات الاقتصاد العالمي تبرز أنماطا جديدة من تدفقات تجارة الطاقة

الأمير عبد العزيز بن سلمان أكد أن سعر النفط الحالي جيد للجميع

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مؤتمر جيبكا أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

صرح الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، أمس، بأن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه تيارات معاكسة لا يمكن إغفالها، حيث تكمن أبرز التحولات في تصاعد التغير في ميزان القوى الاقتصادية نحو الشرق، وتزايد حجم الطبقة الوسطى في كثير من الاقتصادات الناشئة، وبلورة أنماط جديدة من تدفقات تجارة الطاقة وعلاقاتها، حيث إن العالم يعيش في مرحلة غير مسبوقة من التحولات السريعة، والبالغة التعقيد، في عالم الطاقة.

وأضاف الأمير عبد العزيز بن سلمان في الكلمة الافتتاحية للمنتدى السنوي الثامن للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) يوم أمس في مدينة دبي الإماراتية: «إضافة لاستمرار التغيرات على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، وفي مثل هذه المرحلة المتغيرة، ذات الدرجة المتدنية من اليقين، عادة ما يبرز الكثير من الفرص، وهذا الأمر ينطبق تماما على قطاع الطاقة وصناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي».

وأضاف مساعد وزير البترول: «لم يكن التحدي الذي يواجه صناعة الطاقة نقصا في الموارد، بل في كيفية استخراجها، وتوصيلها إلى الأسواق بطريقة تتسم بالكفاءة، والموثوقية، والاستدامة، والسعودية ترحب بالموارد الجديدة من إمدادات الطاقة لمواجهة تزايد الطلب على الطاقة والمنتجات البتروكيماوية النهائية، نتيجة لاتساع حجم الطبقة الوسطى عالميا خلال العقدين المقبلين، ولكن مع فرص ازدياد الطلب تأتي أيضا تحديات كثيرة، تتمثل في زيادة المنافسة في قطاع البتروكيماويات العالمي، وارتفاع موجة الحمائية والحواجز التجارية في كثير من أنحاء العالم، وصغر حجم أسواق منتجات البتروكيماويات في المنطقة، ومحدودية مساهمة صناعة البتروكيماويات في تنويع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي».

وأكد أنه يتوجب على صناعة البتروكيماويات في المنطقة الاستعداد جيدا لمواجهة تلك التحديات من خلال الابتكار، كونه عاملا رئيسا لضمان تنافسية الصناعة، وبناء وتطوير قاعدتها من الكوادر البشرية المحلية، وإعطاء جانب الكفاءة والحفاظ على الطاقة أولوية قصوى. وكذلك توافق عملياتها مع القوانين الدولية حتى تكون أقل عرضة لقضايا الدعم والإغراق، والعمل بجدية لمقابلة الطلب الراهن على المنتجات البتروكيماوية.

وزاد: «إضافة إلى إيجاد طلب إضافي عليها في منطقة الشرق الأوسط، واستثمار شركاتها البتروكيماوية في كل مراحل سلسلة الصناعات التحويلية وصولا إلى المنتجات النهائية، وتنويعها عبر تطوير مناطق صناعية ومجمعات بتروكيماوية، وكذلك الاهتمام بالتنويع الأفقي المتمثل في قطاعات الخدمات المساندة».

ولفت مساعد وزير البترول إلى أن «التحدي الأكبر بالنسبة لنا جميعا، حكومات، ومصنعين، هو كيف نحول إمكانات الشباب، ومواهبهم، إلى أصول تؤدي إلى تحقيق فوائد لاقتصاداتهم، ومجتمعاتهم، عوضا عن تركهم عبئا على الاقتصاد ونظم الرعاية الاجتماعية، ويتطلب تجاوزه تنويع المعرفة عبر إحداث تغيرات هيكلية واسعة، تشمل إيجاد مؤسسات جديدة، وتحويل أنماط التفاعل داخل المؤسسات والمجتمع. وتطوير نظام تعليم قادر على تزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، ورسم سياسات حكومية شاملة ومنسجمة، وتوطيد التعاون بين المؤسسات المختلفة والصناعة، وبأجهزة حكومية تعمل كفريق واحد لديه مجموعة متنوعة من الكفاءات، والمعرفة، والمهارات، ذات رؤية واضحة ملتزمة بخطة طريق تسير بها إلى الأمام».

وفي تصريحات صحافية على هامش المؤتمر حول قلق السعودية بارتفاع إمدادات النفط الصخري قال الأمير عبد العزيز: «المملكة لا تشعر بالقلق من ذلك ولا ترى حاجة لخفض الإنتاج لدعم أسعار النفط».

وأضاف: «يتعين ضمان استقرار الاقتصاد العالمي على مسار النمو وهو ما سيجعل النمو العالمي كافيا لاستيعاب التوسع في شتى أنواع الطاقة مثل النفط الصخري والغاز الصخري والمصادر المتجددة»، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي سيحتاج في المدى البعيد إلى كل مساهمة من كل مصادر الطاقة المتاحة، مبديا ترحيب بلاده بإمدادات الطاقة من المصادر الجديدة.

وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها السنوي عن سوق النفط قالت إنها تتوقع انخفاض الطلب العالمي على نفطها في السنوات الخمس المقبلة بسبب نمو الإمدادات خارج المنظمة نتيجة طفرة استغلال موارد الطاقة الصخرية وموارد أخرى، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».

وعلى الرغم من نمو تلك الإمدادات، فإن الأمير عبد العزيز أكد وجهة النظر السعودية التي عبر عنها وزير البترول علي النعيمي حين قال: «الطلب العالمي يكفي لاستيعاب النفط الصخري الأميركي والنفط السعودي، وإن زيادة المعروض في السوق تساعد على خفض أسعار الخام العالمية إلى مستويات مريحة للجميع».

وتزيد تكلفة إنتاج النفط الصخري الأميركي بفارق كبير على تكلفة إنتاج خام الشرق الأوسط، لكن ارتفاع أسعار النفط العالمية على مدى السنوات الأربع الماضية جعل لإنتاجه جدوى اقتصادية وخفض الطلب على خامات النفط الأخرى.

وقد أسهمت طفرة النفط الصخري في أميركا الشمالية إلى جانب الإنتاج القياسي من السعودية في وقف ارتفاع أسعار النفط في العام الماضي، إذ جرى تداول خام برنت القياسي بين 100 دولار و120 دولارا للبرميل في معظم الأشهر الاثني عشر الماضية.

ولفت مساعد وزير البترول إلى أن السعودية ستدرس خفض إنتاجها لدعم أسعار النفط إذا هبطت الأسعار بنسبة كبيرة، وأبلغ الصحافيين على هامش المؤتمر بأن السعر جيد للجميع ويسمح للمنتجين بمواصلة الإنتاج ولا يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي، وقال: «الجميع يتمتعون بسوق مستقرة حتى الآن».

إلى ذلك، أشار الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا)، إلى أن ناتج البتروكيماويات في منطقة الخليج وصل إلى 97.3 مليار دولار في عام 2012، بزيادة بلغت 3.2 مليار دولار عن الناتج الذي جرى تسجيله في عام 2011.

وبحسب تقرير «الحقائق والأرقام حول الكيماويات والبتروكيماويات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2012»، والذي صدر أمس خلال فعاليات منتدى «جيبكا» السنوي الثامن، فقد حقق ناتج البتروكيماويات في المنطقة زيادة سنوية بنسبة 19% خلال السنوات الخمس الأخيرة، مما يشكل أعلى نسبة تسجلها منطقة لإنتاج البتروكيماويات في العالم، بحسب ما خلص إليه التقرير.

ويذكر أن قطاع البتروكيماويات في منطقة الخليج حقق العام الماضي 52.7 مليار دولار كعوائد على التصدير.

وقال الدكتور عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا): «على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، شهد قطاع البتروكيماويات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نموا واضحا وارتقى من قطاع يعتمد على استيراد الكيماويات إلى قطاع يعمل على تصدير الغالبية العظمى من السلع عالية الجودة التي ينتجها إلى الأسواق العالمية، وقد ساعدت هذه النقلة النوعية في إضفاء تحول جذري إيجابي على اقتصاد المنطقة ككل، كما أسهمت في تزويد فرص التوظيف للآلاف من الأفراد».

ونوه الدكتور السعدون بأن على شركات الإنتاج الإقليمية أن تكون دوما حذرة من مستقبل قطاع البتروكيماويات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، رغم الوضع المتميز الذي يشهده في اليوم الحاضر.

وزاد: «لطالما كان القطاع رائدا على الصعيد العالمي في مجال خفض التكاليف، ويعود ذلك في المقام الأول إلى توافر المواد الخام بأسعار مناسبة، بيد أن التوجهات العالمية تشير إلى أن المواد الخام رخيصة الثمن أصبحت تتوفر في مناطق أخرى من العالم، الأمر الذي يستوجب على شركات إنتاج الكيماويات في المنطقة رسم استراتيجيات جديدة قائمة على معارف أعمق ومعلومات أوسع، بما يساعدها على المحافظة على ريادتها في خفض التكاليف».

وأكد السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) أن الاتحاد يبحث دوما على النقاش والحوار البناء حول أهم المواضيع المتعلقة بالقطاع.