أوروبا تتبنى الإطار المالي متعدد السنوات حتى 2020

يتضمن تخصيص ما يقارب تريليون يورو.. وإيجاد فرص عمل ضمن الأولويات

TT

اعتمد المجلس الأوروبي في بروكسل ما يعرف بـ«الإطار المالي» متعدد السنوات، الذي يمتد خلال الفترة من 2014 إلى 2020، حسب ما جاء في بيان صدر على هامش اجتماعات مجلس التنافسية برئاسة إيفستاس كوستاس وزير الاقتصاد الليتواني الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد. وبذلك يعطي مجلس الاتحاد الذي يمثل حكومات دول الاتحاد الأوروبي الـ28 الضوء الأخضر للموازنة طويلة الأجل.

وقال البيان الأوروبي إن المجلس تبنى الإطار المالي المتعدد السنوات عقب إقراره من البرلمان الأوروبي في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. والقرار هذا يمثل نهاية عامين ونصف العام من المفاوضات، ويسمح لبدء تنفيذ برامج الإنفاق اعتبارا من مطلع يناير (كانون الثاني) 2014.

ويتضمن الإطار المالي متعدد السنوات تخصيص 959 مليارا و990 مليون يورو لتغطية الالتزامات. أما بالنسبة لما يتعلق بالمدفوعات، فهي تصل إلى 908 مليارات يورو، وذلك على مدى السنوات السبع المقبلة، وهذا يعني انخفاضا بنسبة 3.5 و3.7% على الترتيب مقارنة مع موازنة 2007 - 2013. وسيكون التركيز في الإطار المالي على تعزيز النمو وخلق فرص العمل، تماشيا مع الأولويات السياسية للاتحاد الأوروبي.

وكان البرلمان الأوروبي وافق على موازنة الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل للفترة من 2014 إلى 2020 بعد أشهر من المفاوضات الصعبة. وتوالت ردود الفعل من جانب قادة المؤسسات الاتحادية ببروكسل على موافقة البرلمان خلال جلسة عقدها في ستراسبورغ. وجاءت الموافقة بتأييد 537 صوتا مقابل رفض 126 صوتا على الموازنة الإجمالية للاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة. وعلق رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز على قرار البرلمان بالقول إن «موافقة البرلمان الأوروبي على الإطار المالي للفترة من 2014 إلى 2020 تعد تصويتا مهما للغاية»، معربا عن شكره للموافقة التي ستسمح ببدء تدفق الأموال في 1 يناير المقبل.

من جانبه، وصف رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو هذا اليوم بأنه «مشهود بالنسبة لأوروبا». وأوضح أن «الاتحاد الأوروبي سيستثمر بموجب قرار الموافقة على الموازنة ما يقرب من تريليون يورو لدعم النمو وفرص العمل بين عامي 2014 و2020»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن موازنة الاتحاد الأوروبي «تعد متواضعة في حجمها مقارنة مع ثروته الوطنية».

وفي يوليو (تموز) الماضي وافق ممثلو الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي على مشروع موازنة التكتل الأوروبي للعام المقبل، وتبلغ قيمتها أكثر من 142 مليار يورو وتترك هامشا للاحتياجات الضرورية يصل إلى 770 مليار يورو. وتعد تلك أول موازنة في الإطار المالي متعدد السنوات 2014 - 2020 بالنسبة للتكتل الأوروبي الموحد.

وقبل أسبوع انعقد اجتماع استثنائي لوزراء المال في منطقة اليورو، وحسب جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو، فقد خصص لمراجعة موازنات 13 دولة من الدول الأعضاء في منطقة اليورو، فضلا عن الوضع المالي وآفاق منطقة العملة الموحدة بشكل عام. وشدد المسؤول الأوروبي على أهمية تعزيز التنسيق ومراقبة السياسات المتعلقة بالموازنات داخل منطقة اليورو، من خلال تقييم الموازنات قبل اعتمادها من البرلمانات الوطنية، وهو ما يعزز الشفافية بين سياسات الدول الأعضاء المتعلقة بالموازنات، وشدد أيضا على أهمية الإصلاحات الهيكلية، وأشار إلى أن خطط الموازنات التي قدمت من ألمانيا ولوكسمبورغ والنمسا، جاءت من حكومات انتهت ولايتها وستقوم الحكومات الجديدة بتحديث تلك الخطط، و«سوف نقوم بالنظر من جديد في الخطط الجديدة بعد أن تخضع لتقييم من المفوضية الأوروبية» حسب قوله.

أما بالنسبة لدول أخرى؛ ومنها إسبانيا وإيطاليا ومالطا وفنلندا، فقد طلب الاجتماع من حكومات تلك الدول إجراءات إضافية حتى تتوافق موازناتها بشكل كامل مع المطلوب، وقد أظهر الوزراء من تلك الدول، الالتزام الكامل بمعالجة أي مخاطر، وأنهم يخططون لاحترام كامل لقواعد الموازنة. وبالنسبة لمالطا، فقد جرى اعتماد مجموعة من التدابير في سياق موازنة 2014. وبالنسبة لإيطاليا، فإن هناك تدابير هي في طور التنفيذ؛ ومنها مراجعة الإنفاق وخطة الخصخصة وتدابير ضريبية. وفي إسبانيا، يجرى حاليا الإعداد لتدابير جديدة في إطار برنامج إصلاح وطني بما في ذلك جولة ثانية لإصلاح سوق العمل. كما أن هناك تدابير جديدة سيعلن عنها في فنلندا.

وفي أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي سعت الحكومة الفرنسية إلى تطمين المفوضية الأوروبية ببروكسل، بشأن خطوات باريس على الطريق الصحيح فيما يتعلق بموازنتها وخفض العجز وتحقيق الإصلاحات سواء في سوق العمل أو غيرها من الإصلاحات الهيكلية الضرورية. وخلال محادثات أجراها وزير المالية الفرنسي بيار موسكوفيسي في مقر الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ببروكسل، نقل الوزير رسالة إلى المسؤولين الأوروبيين مفادها أن فرنسا سائرة على الخط الصحيح فيما يخص وضع ميزانيتها للعام المقبل؛ «حيث ستعمد إلى توفير 18 مليار يورو». وأعلن من بروكسل أن فرنسا قامت بإصلاحات مهمة في سوق العمل لم تشهدها طوال 40 عاما، وأنها خفضت عجزها العام وأنها ستعمل من الآن فصاعدا لأجل توفير الأمور الأساسية من خلال الاقتصاد. وكانت بروكسل قد منحت فرنسا سنتين إضافيتين من أجل التخلص من العجز في ميزانيتها، والحكومة الفرنسية تأمل أن تتمكن بعد عام من الآن من أن تجعل العجز لا يتخطى ثلاثة في المائة. ويعد الاقتصاد الفرنسي أحد الأعمدة الرئيسة ليس فقط لمنطقة اليورو التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة وتعاني مما يعرف بأزمة الديون السيادية؛ بل في التكتل الأوروبي الموحد بشكل إجمالي، ويأتي بعد الاقتصاد الألماني من حيث الأهمية بالنسبة للاقتصاد الأوروبي، الذي يواجه صعوبات منذ سنوات. وعندما تشتد الأزمات في منطقة اليورو أو في الاتحاد الأوروبي وتكون هناك حاجة لوضع سياسات للخروج منها يبقى دائما التنسيق الفرنسي - الألماني أحد أفضل السبل لتحقيق ذلك نظرا لمكانتهما وتأثيرهما على الاقتصاد في المنظومة الأوروبية الموحدة بشكل عام.