جحا ووارن بافيت!

ماجد العمري

TT

يحكى أن «جحا» كان يفكر بحيلة جديدة يمارسها على أهل قريته، وبينما هو في لحظة التفكير الشرير تلك، طلبت منه زوجته أن يذهب لجاره ويطلب منه إناء تريده لحاجتها في المطبخ فذهب وأحضر لها ما أرادت، وفي صباح الغد ذهب لجاره وأعطاه إناءه ومعه إناء صغير إضافي، وعندما تعجب جاره قال له جحا: لقد ولد إناؤك هذا الوعاء الصغير! وبعد الظهر ذهب لجاره الآخر ومارس معه نفس الطريقة، فانتشر الخبر وبدأت آنية القرية تتدفق لبيت جحا طمعا منهم في أن تلد آنيتهم أوعية وآنية إضافية! فعندها خرج جحا لأهل قريته وهو يبكي ويصيح «آنيتكم ماتت!».

وعندما حاول جيرانه تكذيبه وأنه محتال رد عليهم بقوله يا لكم من ظلمة أتصدقون أن آنيتكم تلد ولا تصدقون أنها تموت! يقول السيد وارن بافيت الملياردير الشهير الذي يسمى «أعظم مستثمر في العالم» إن أي سهم تريد تملكه لمدة تقل عن 10 سنوات لا يستحق أن تفكر فيه لمدة 10 دقائق! ويقول أيضا إن المضاربة اليومية في البورصات ليست تجارة بل هي نوع من المقامرة كالتي في كازينوهات «لاس فيغاس!» فالمفترض أن لديك مدخرات أو مبالغ مالية تريد الدخول بها كشريك في شركة لتنميتها وتحقيق العوائد المالية منها وبدلا من الجهد الكبير في البحث عن الشركة المناسبة والشريك المناسب وغير ذلك فإن البورصات أفضل خيار لك للدخول كشريك في إحدى الشركات المدرجة والتي تجد عوائدها السنوية مناسبة لما تطمح له ونموها المتوقع، كما ينصح السيد بافيت بالتعامل مع هذه الشركة قبل شراء أسهمها سواء بتجربة منتجاتها أو خدماتها والتعامل مع موظفيها.

والغريب أن السيد وارن بافيت الذي لم ينزل ترتيبه عن المركز الخامس ضمن أغنى أغنياء العالم منذ أكثر من 15 عاما وذلك من خلال شركته «بيركشاير هاثاواي» كان في بداياته يبيع صحيفة «واشنطن بوست» واليوم يعتبر أحد أكبر مالكي الصحف! ويقول إنني لا أحب الاستثمار في مجال لا أفهم فيه حيث يستثمر في جيليت وكوكاكولا ويرغب الآن بالاستثمار في كاتشاب «هاينز» بينما يرفض الاستثمار في غوغل وأبل ومايكروسوفت ويقول رغم أن بيل غيتس شرح لي أكثر من مرة عن عمل مايكروسوفت وقطاع تقنية المعلومات فإنني لم أستثمر في التقنية لأنني لا أفهمها وبرغم ذلك فإنه سلم مؤسسة بيل ومليندا الخيرية التي يرأسها بيل غيتس حاليا أكثر من 40 مليار دولار والتي تمثل أكثر من 80% من ثروة بافيت ثقة منه بقدرة بيل غيتس على حسن إنفاقها وكرما وإحسانا من هذا الرجل العظيم وارن بافيت الذي يحذر مرارا من أمثال السيد جحا في البورصات بمختلف دول العالم والذين يمنحون الناس في البداية أولادا وبنات من آنيتهم التي لا تلد وعندما يأتي وقت الحصاد يقولون: إنها ماتت وعظم الله أجركم.

وكما قال صاحبنا أبو الطيب المتنبي:

ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيمن تصيدا