تقرير: ثلاث دول خليجية جاهزة للانتقال إلى الصناعات المعرفية

مستشارة التخطيط الاستراتيجي في «جويك»: اقتصاد المعرفة بديل لمرحلة ما بعد النفط

TT

أظهر تقرير جديد عن الاقتصاد المعرفي، أن دول مجلس التعاون الخليجية تسير بخطى حثيثة نحو الانتقال إلى الصناعات المعرفية؛ ولكن هذه الدول ليست سواء في تحقيق متطلبات الوصول إلى الاقتصاد المعرفي.

وقالت الدكتورة ليلى ذياب إشرير، مستشارة التخطيط الاستراتيجي في «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية» (جويك)، فيما يتعلق بجاهزية دول المجلس للانتقال إلى الصناعات المعرفية: «إن دول الخليج الست تنقسم إلى مجموعتين من حيث تلبية الحاجة إلى تحقيق هدف الوصول إلى الصناعات المعرفية». وأضافت أن المجموعة الأولى تضم السعودية، والإمارات، وقطر، وهي الدول التي أحرزت تقدما ملحوظا في جاهزيتها نحو الصناعة المعرفية، ويمكن لتلك الدول الولوج إلى الصناعات المعرفية بحلول عام 2020 إذا عملت على معالجة نقاط الضعف الموجودة حاليا. أما المجموعة الثانية، فتشمل كلا من: الكويت، وعمان، والبحرين، وتحتاج بذل مزيد من الجهود للتحول إلى الصناعة المعرفية.

وترى مستشارة التخطيط الاستراتيجي في «جويك»، أن الأساس المنطقي للتحول إلى الاقتصاد المعرفي وتطوير الصناعات القائمة على المعرفة يتبلور من احتياجات دول المجلس إلى أنشطة واقعية للتنويع الاقتصادي، وإيجاد مصادر للدخل وفرص العمل في اقتصاد ما بعد النفط، كما يتبلور من خلال الحاجة إلى توافر عمالة منتجة بأجور عالية، وإيجاد الآليات المناسبة للانتقال إلى المجتمعات الحديثة، وهذا ما جرت الإشارة إليه أو تأكيده في الرؤى الوطنية واستراتيجيات وخطط التنمية الوطنية لدول المجلس. كما أظهر التقرير أن دول المجلس ما زالت متأخرة نسبيا عن الدول المتقدمة وفقا لركائز الاقتصاد المعرفي والصناعة المعرفية - حسب تقرير منهجية تقييم المعرفة لعام 2012 الصادر عن البنك الدولي - الذي يعبر عن أحد أوجه التقدم العلمي في الدول. وتتفاوت دول مجلس التعاون في المراتب التي حصلت عليها؛ حيث نجد أن الإمارات في المرتبة الـ42 من أصل 146 دولة عالميا والأولى خليجيا، تليها البحرين في المرتبة الـ43 عالميا والثانية خليجيا، وحصلت السعودية على المرتبة الـ50 عالميا. ويعد مؤشر الاقتصاد المعرفي من أهم المؤشرات بالنسبة للاقتصاد المعرفي والصناعات المعرفية، وقد حصلت البحرين على 6.78 نقطة وفق هذا المؤشر لعام 2012م، متصدرة دول المجلس، مع أنها نسبة متواضعة، وتوضح المستشارة أن «دول مجلس التعاون وفقا لهذا المؤشر تحتاج مزيدا من التحسينات؛ حيث تعد نقاطها منخفضة بالنسبة لمتغير التعليم مقارنة مع دول متقدمة مثل آيرلندا التي أحرزت 8.87 نقطة في العام ذاته».

وأوضحت الدكتورة ليلى ذياب إشرير، أن نموذج الأعمال في الصناعة التقليدية يعتمد بشكل أساسي على الأيدي العاملة، ورأس المال، والمواد الأولية، بينما يعتمد نموذج الأعمال للصناعة المعرفية على القدرات والمهارات البشرية المطورة، من خلال التعليم، والتدريب، والثقافة والخبرات. كما يعتمد على التقاطع بين العلوم. كذلك تعتمد الصناعة المعرفية بشكل كبير على عملية تجهيز المعلومات، والتكامل في تحويل المعلومات إلى أنشطة أخرى، وتوليد ونشر أنواع جديدة من المعرفة والمنتجات.

وأوضحت: «خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفي ظل التغيرات العالمية التي أصبحت فيها الصناعة المعرفية إحدى ركائز الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار والمستند إلى التقنيات المتقدمة بعدها مصدرا للقيمة المضافة العالية، أولت دول مجلس التعاون عناية خاصة للصناعات المعرفية؛ حيث جرى تأكيدها في الرؤى الوطنية والاقتصادية وفي استراتيجية التنمية لدول المجلس؛ لكن التقدم في التطبيق ما زال متواضعا، وأقل من الطموحات المرجوة، كما أن هناك تفاوتا بين دول مجلس التعاون في مستوى جاهزية الصناعات المعرفية».

وفي تشخيصها واقع الصناعة المعرفية في دول المجلس، قالت إشرير إنه يتم عبر تحليل عناصر الصناعات المعرفية الثلاثة، ففيما يتعلق بالموارد البشرية ذات المهارة العالية، عدت مقارنة مؤشرات الموارد البشرية تعكس الأهمية الكمية والنوعية لهذه الموارد، ومدى جاهزيتها لتطبيق المعرفة ودعم تطوير الصناعات المعرفية في إطار اقتصاد معرفي، ويجري قياس كفاءة الموارد البشرية من خلال مجموعة من المؤشرات كمؤشر الاقتصاد المعرفي، الذي يظهر مرتبة الدولة ويعبر عن التقدم العلمي، ويستند إلى خمسة من المؤشرات الفرعية، وكل مؤشر له مقياس. ويظهر أن دول المجلس ما زالت متأخرة نسبيا عن الدول المتقدمة وفقا لركائز الاقتصاد المعرفي والصناعة المعرفية حسب تقرير منهجية تقييم المعرفة لعام 2012م الصادر عن البنك الدولي، الذي يعبر عن أحد أوجه التقدم العلمي في الدول. وتتفاوت دول مجلس التعاون في المراتب التي حصلت عليها؛ حيث نجد أن الإمارات في المرتبة الـ42 من أصل 146 دولة عالميا والأولى خليجيا، تليها البحرين في المرتبة الـ43 عالميا والثانية خليجيا. أما مؤشر أنظمة الابتكار الذي يقصد به شبكات المؤسسات كالجامعات والمراكز البحثية، والقواعد والإجراءات والسياسات التي تؤثر بشكل أو بآخر في الطريقة التي تستخدمها الدولة في جلب وخلق واستعمال المعرفة.

وبالنسبة لهذا المؤشر، توضح مستشارة التخطيط الاستراتيجي في «جويك» أنه وفقا لتقرير منهجية تقييم المعرفة لعام 2012م الصادر عن البنك الدولي، فإن دولة الإمارات تصدرت دول المجلس بحصولها على 6.6 لعام 2012، تلتها قطر بحصولها على 6.42 نقطة، وعموما يلاحظ أن دول المجلس حصلت على درجة متواضعة لهذا المؤشر، مقارنة مع آيرلندا الحاصلة على 9.11 لعام 2012.

كما أتت الإمارات في طليعة دول مجلس التعاون؛ حيث شكلت الصادرات ذات التقنية العالية 2% من إجمالي صادرات الصناعات التحويلية لعام 2012م. أما فيما يتعلق بنسبة مشتركي الإنترنت من إجمالي عدد السكان في كل دولة، فما زالت قطر تتصدر دول المجلس في هذا المؤشر، تليها البحرين. كما تصدرت قطر - أيضا - دول المجلس في مؤشر المشتريات الحكومية من منتجات التكنولوجيا المتطورة، وحلت الإمارات في المرتبة الأولى خليجيا، بحصولها على نقاط من 0.7344 على مقياس من (0 - 1)، في مؤشر الاستعداد الحكومي (الجهوزية للحكومة الإلكترونية).

وأشارت الدكتورة ليلى إشرير إلى أن نتائج مؤشر عوامل الابتكار والتطوير للتنافسية العالمية تظهر تصدر قطر دول الخليج، ثم الإمارات، فالسعودية، حيث قالت مستشارة التخطيط الاستراتيجي: «إن تشخيص الوضع الراهن للصناعات المعرفية في دول المجلس يشير إلى أن هناك فرصة كبيرة لدى دول المجلس للانتقال إلى الصناعات المعرفية، منها على سبيل المثال لا الحصر، توافر الموارد المالية اللازمة للاستثمار، والبنية التحتية الأساسية الاقتصادية، والطلب القائم في الأسواق المحلية - الإقليمية، وغياب البديل للصناعات القائمة على المعرفة».

كما ترى إشرير أن أي مبادرة وطنية أو إقليمية في هذا المجال يجب أن تستند إلى الهدف الأسمى لتطوير الصناعة المعرفية، والمتمثل في إنشاء وتوسيع نطاق الأنشطة الاقتصادية المعرفية؛ لتكون بمثابة محركات للنمو لتوليد فرص العمل المستدامة وفرص الدخل في جميع دول المجلس. وأضافت أن سياسة تطوير الصناعات القائمة على المعرفة توضح أن هذه الدول تبنت سياسات الاقتصاد الكلي الممتازة، حيث تتباين أطر السياسة التجارية؛ ولكنها بصفة عامة قوية مع احتياجات معينة للتغلب على القيود. وفيما يتعلق برأس المال والتمويل، فإن السيولة المالية متاحة في المنطقة؛ لكن هناك حاجة إلى توسيع وتمديد الهياكل التمويلية اللازمة لتطوير الصناعات القائمة على المعرفة. أما نظم الابتكار، فتمثل الأصول الجماعية والعمليات التي تولد وتدفع الابتكارات في التطبيقات التجارية. ويجري وضع الأسس لنظم الابتكار الداعمة بين دول مجلس التعاون الخليجي؛ ولكن المبادرات في مراحل التشكيل والتكوين، وتتطلب الوقت والاهتمام لتعزيز القدرة على الابتكار.