الاحتياطي النقدي السعودي مرشح لبلوغ 800 مليار دولار خلال العام المقبل

مع قرب الإعلان عن الميزانية العامة للدولة

حجم الدين العام للمملكة يتراجع إلى مستويات متدنية («الشرق الأوسط»)
TT

بات الاحتياطي النقدي السعودي مرشحا بصورة كبيرة لبلوغ حاجز ثلاثة تريليونات ريال (800 مليار ريال) خلال العام المقبل، حيث من المنتظر أن يقفز الاحتياطي النقدي للبلاد مع نهاية العام الحالي إلى مستويات 2.83 تريليون ريال (75.4 مليار ريال)، في ظل التوقعات التي تشير إلى وجود نحو 225 مليار ريال (60 مليار دولار) كفوائض مالية للميزانية السنوية لهذا العام.

ويبلغ حجم الاحتياطي النقدي السعودي خلال الفترة الحالية، بحسب إحصائيات مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» (البنك المركزي)، نحو 2.6 تريليون ريال (693 مليار ريال)، وهو الاحتياطي الذي سيرتفع في ظل وجود فوائض مالية من المتوقع تحقيقها لميزانية العام الحالي (2013)، ومن ثم سيكون أمام البلاد نحو 120 مليار ريال فقط (32 مليار دولار) حتى تبلغ مستويات الاحتياطي النقدي الإجمالية حاجز ثلاثة تريليونات ريال (800 مليار ريال).

ومن المتوقع أن تحقق السعودية خلال العام المقبل فوائض مالية جديدة في حال استمرار أسعار النفط بالتداول فوق مستويات 100 دولار للبرميل الواحد، يأتي ذلك في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط أسعار العام الحالي نحو 108 دولارات، وهي الأسعار الذي ستنجح السعودية من خلالها في تحقيق فوائض مالية جديدة من المتوقع أن لا تقل عن 225 مليار ريال (60 مليار دولار).

وتعد السعودية من أكثر دول العالم إنفاقا على ملفات التعليم، والرعاية الصحية، ومشاريع البنية التحتية، إضافة إلى إنفاقها الضخم على ملف الإسكان. جاء ذلك عقب أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في وقت سابق، بتخصيص نحو 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية، وتوزيعها على المواطنين، وفق آلية من المتوقع أن تعلن عنها وزارة الإسكان في البلاد قريبا. وتنتهج السعودية بفضل الرؤية الحكيمة لقيادة البلاد سياسة مالية واقتصادية نجحت في رفع حجم الاحتياطي النقدي خلال السنوات القليلة الماضية إلى مستوياته الحالية، وهو الأمر الذي يجعل البلاد في منأى عن أي أزمات مالية أو اقتصادية قد تعصف بدول العالم الأخرى.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، لـ«الشرق الأوسط»، أمس أن المملكة ستعمد إلى استمرار زيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية من جهة، والإنفاق على الملفات الأخرى التنموية المهمة، كالتعليم والصحة والإسكان، من جهة أخرى.

وتوقع الدكتور باعجاجة أن يضاف جزء كبير من الفائض المالي المحقق لميزانية العام الحالي إلى الاحتياطي النقدي، وهو الأمر الذي يعني أن هذا الاحتياطي النقدي السعودي بات مرشحا وبصورة كبيرة لبلوغ حاجز ثلاثة تريليونات ريال (800 مليار ريال) خلال العام المقبل.

إلى ذلك، يترقب السعوديون خلال الأيام الحالية الإعلان عن الميزانية العامة للدولة، وسط توقعات مالية بأن تشهد هذه الميزانية فوائض مالية محققة، يأتي ذلك في الوقت الذي نجحت فيه المملكة في تخفيض الدين العام للعام التاسع على التوالي، ليصل إلى 98.8 مليار ريال (26.3 مليار دولار) بنهاية 2012، متراجعا بنسبة 27 في المائة عن مستوياته في 2011، البالغة 135.5 مليار ريال (36.1 مليار دولار).

من جهة أخرى، أوضح فهد المشاري، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أن الفوائض المالية للميزانية السعودية خلال العام الحالي ستشهد فوائض مالية محققة بنحو 225 مليار ريال (60 مليار دولار)، وقال: «عاشت المملكة نهضة تنموية كبرى خلال السنوات العشر الماضية، في ظل ارتفاع حجم الفوائض المالية المحققة، وهي الفوائض التي جاءت نتيجة لارتفاع أسعار النفط من جهة، وللسياسة المالية المتحفظة التي تنتهجها البلاد من جهة أخرى». وكانت السعودية قد قدرت في العام الماضي فوائضها المالية المتوقعة من العام الحالي بنحو تسعة مليارات ريال، إلا أن هذه التوقعات كانت تبنى على متوسطات لأسعار النفط تقترب من مستويات 80 دولارا، وهي سياسة طبيعية متحفظة تنتهجها البلاد في موازناتها السنوية.

ومن المتوقع أن تواصل السعودية سياستها المتحفظة في تقديراتها الجديدة لموازنة 2014، خصوصا أن أسواق النفط العالمية قد تشهد خلال هذا العام عودة إيران إلى التصدير من جديد، عقب توصلها مؤخرا إلى اتفاق مع الدول العظمى في «جنيف» حول ملفها النووي من جهة، وإمكانية عودة «ليبيا» إلى التصدير بشكل أكبر للأسواق الخارجية من جهة أخرى في حال استقرار أوضاع البلاد.

وخصصت المملكة نحو 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار) من إيراداتها المتوقعة للعام الحالي البالغة 829 مليارا (221 مليار دولار)، كأعلى ميزانية في تاريخها، أي بفائض مقدر للعام المقبل يبلغ تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، وهذه ثاني ميزانية على التوالي تتضمن تقديراتها تسجيل فائض منذ عام 2008، وبقي قطاعا التعليم والرعاية الصحية يمثلان أهم بنود الإنفاق الحكومي في الميزانية الجديدة، حيث شكلت مخصصاتهما نحو 37 في المائة من إجمالي الإنفاق، بينما خصص للإنفاق الاستثماري 285 مليار ريال (76 مليار دولار).

وبينما قدرت السعودية فائضا في حدود تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار) في موازنة 2013، فإنه سيكون حال تحققه الفائض العاشر في ميزانيات السعودية في آخر 31 عاما منذ 1983، ذلك بعد أن سجلت الميزانية لعام 2012 فائضا في حدود 386.5 مليار ريال (103 مليارات دولار)، لتحقق بذلك الفائض التاسع في ميزانياتها فعليا منذ 1983، وثاني أعلى فائض في تاريخها، وبعد الفائض المحقق في عام 2012 يصل إجمالي فوائض المملكة آخر عشر سنوات إلى 2.08 تريليون ريال (554 مليار دولار)، وذلك بفضل إيرادات الدولة الضخمة من جراء ارتفاع مستويات أسعار النفط خلال هذه الفترة.