الاقتصاد السعودي يتطلع لدور أكبر للصناديق السيادية لتنويع مصادر الدخل

TT

كشفت الميزانية العامة للسعودية عن أن 90 في المائة من مصادر الدخل الحالية تعتمد على المبيعات النفطية، وهو الأمر الذي تسعى المملكة إلى تفاديه من خلال محاولة التقليل من هذا الاعتماد بشكل متدرج خلال السنوات المقبلة، عبر حزمة من الإجراءات التي تعمل عليها. وفي هذا الإطار، تقول ناهد طاهر: «مصرفية سعودية»، إن الميزانية السعودية ما زالت تعتمد بشكل مباشر على مبيعات النفط وعلى مزاج السوق النفطية، وما زالت مشاركة العوائد الاستثمارية في تمويل الميزانية غير معروفة، في حين قالت: إن الخروج عن حدود الميزانية 105 مليارات ريال (28 مليار دولار) كان مبررا؛ لأن البلاد بحاجة إلى مشاريع ضخمة في البنى التحتية.

وتتابع طاهر تحليلها لأداء الاقتصاد السعودي خلال عام 2013. بأن الموارد الحكومية ما زالت تعتمد وبشكل مستمر على العوائد النفطية المباشرة الناتجة عن بيع النفط، والتي قد لا تلبي في السنوات المقبلة المتطلبات السعودية من الأموال، فالاقتصاد السعودي - والكلام لطاهر - ما زال بحاجة ماسة إلى استثمارات كبيرة في مشاريع البنى التحتية والطاقة والنقل وقطاع المياه، بما يتعدى الفوائض التي تحققها الإيرادات السعودية التي تتراكم سنويا.

وتشير في حديثها إلى أن الدخل السعودي ما زال يعتمد كليا على بيع الخام النفطي، بينما استثمار العوائد المالية الناتجة عن النفط ما زال غائبا، كما ما زال دور الصناديق السيادية التي تمتلكها السعودية غير واضح في المساهمة في موارد الميزانية العامة للدولة، وتقول: «ما زالت هذه الصناديق تستثمر في مشاريع، لكن من غير الواضح معرفة فعالية هذه المشاريع وحجم ربحيتها وجدواها الاستثمارية».

وتابعت ناهد طاهر بأن السعودية بحاجة إلى تغيير الفكر الاقتصادي أكثر من ضخ الأموال في أرقام ضخمة كل عام، وتقول: «يمكن للميزانية العامة التي تعلن سنويا أن تكون بذورا أولية للميزانية الفعلية، والتي قد تأتي من المشاريع الاستثمارية التي يضخها القطاع الخاص أو الاستثمارات الأجنبية التي تنتظر التقنين واللوائح والأنظمة الواضحة التي تنقص البنية التشريعية في السعودية حتى تستثمر في مختلف الأنشطة بالسعودية». وتقول إن كثيرا من الاستثمارات الأجنبية تنظر إلى السعودية كبيئة استثمارية مهمة في المنطقة، لكن ينقصها التشريع والقوانين التي توفر الطمأنينة للمستثمرين. وتؤكد طاهر أن كثيرا من الدول والمستثمرين ترغب في الاستثمار في السعودية، لكن قوانين الخصخصة والقوانين المتعلقة بالاستثمار غير كافية لضمان نجاح هذه الاستثمارات.

ووصفت الضخ السنوي للاستثمار في مشاريع البنى التحتية السعودية بأنه استهلاكي أكثر من كونه استثماريا؛ لأنها لا توفر أي عوائد مالية يمكن أن تكون مدخلات في الميزانيات المقبلة للبلاد. وتتابع قائلة: «إن توظيف الفوائض المالية يكون بالشراكة مع القطاع الخاص في استثمارات منخفضة المخاطر ويوفر عوائد للخزينة العامة المالية مستدامة ومتزايدة». وقالت ناهد طاهر، التي تشغل منصب الرئيس التنفيذي لبنك الخليج، إن السعودية تضخ سنويا مزيدا من الاستثمارات في المشاريع، لكن الملاحظ أن نسب التضخم المرتفعة تقلل من فاعلية هذه الاستثمارات. ويشار إلى أن الحكومة السعودية وضعت نسب النمو للقطاع الحكومي عند 1.56 في المائة، وهو ما قالت طاهر إنه يقل كثيرا عن نسب التضخم، سواء الحقيقية أو المعلنة، والتي تجعل فاعلية هذه المشاريع غير ملاحظة وغير ذات جدوى استثمارية، وإنما تصنف باعتبارها مشاريع استهلاكية.

وتؤكد أن هناك مشاريع وقطاعات يجب أن تخصص وأن يتولى القطاع الخاص تنفيذها وإدارتها حتى تحقق نسب نمو، كما تؤكد أن هناك مشاريع حكومية منفذة لا تحقق أي نسب نمو في العوائد يمكن عند خصخصتها أن تحقق نسب نمو تراوح بين 10 و20 في المائة، وتستشهد بقطاع المياه الذي قالت: إنه بحاجة إلى استثمارات توازي ثلث الميزانية حتى يكون لدى السعودية وفرة مائية، لكن ذلك غير ممكن بمشاريع تقوم بها الحكومة لوحدها، وإنما عبر قوانين وتشريعات تضمن دخول المستثمرين إلى هذا القطاع وبناء استثمارات تكون السبيل لمواجهة الطلب على المياه في السعودية وتحقيق الأمن المائي على سبيل المثال.