غير مألوف

علي المزيد

TT

أصدر وزير التجارة والصناعة السعودي الدكتور توفيق الربيعة قرارا يقضي بإلزام وكلاء السيارات بأن يؤمنوا قطع غيار السيارات ويصونوا السيارات، حتى وإن تمت صيانة السيارة وقت الضمان خارج ورش الوكيل. في الماضي كان الوكيل إذا تمت صيانة السيارة التابعة له خارج ورشه لا يقوم بصيانتها وفق النظام، فجاء قرار وزير التجارة السعودي بإلزام الوكيل بالصيانة.

مثل هذا القرار في عالمنا العربي غير مألوف، إذ إن الوزراء يراعون مصالح أصحاب النفوذ دون مراعاة مصلحة المستهلكين، وهم الأغلبية الصامتة، كما أن النظام إذا وجد فإن تعديله يصبح ضربا من المستحيل، وإذا أجبر أصحاب النفوذ مثل وكلاء السيارات المستهلكين على نمط معين من التعامل فإن تغييره يصبح كالخل الوفي.

للأمانة فالنظام السعودي لا يحمل مثل هذا الشرط المجحف في حقوق المستهلكين، لكن شرط صيانة السيارة لدى الوكيل من وضع وكلاء السيارات، وهو شرط من شروط الإذعان التي لا يقبلها الدين ولا العقل ولا القانون، وما قام به الوزير هو كسر لهذا النظام المجحف.

وعقود الإذعان في عالمنا العربي كثيرة، وفي الاقتصاد تبدأ من أبسط الحقوق، فأنت حينما تريد أن تفتح حسابا في بنك عربي توقع على صفحتين من الشروط قراءتهما لا تحتاج مكبرا بل تحتاج مجهرا لصغر الحرف، كما أن بهما من شروط الإذعان ما الله به عليم.

فهل تتحرك الجهات المعنية لكسر عقود الإذعان التي تذل المستهلك ليخرج علينا وعي جديد يحافظ على حقوق المستهلكين، يبدأ من القمة؟ فنظريات الإصلاح تقول إن هناك إصلاحا هابطا من القمة، وإصلاحا صاعدا من القاعدة، لكن إصلاح القمة هو أسرع في النفاذ. فهل يا ترى تتحرك مؤسسات العالم العربي التي تتعامل مع المستهلكين لكسر عقود الإذعان في كل هيئة تحت إشرافها؟ ودمتم.

* كاتب اقتصادي