«الشورجة» أشهر أسواق بغداد.. ميناؤها البري ورئتها الاقتصادية

صمدت أمام تنامي انتشار المراكز التجارية الحديثة واشتهرت ببيع الكتب والعطور

سوق الشورجة وسط بغداد حيث توجد كل أنواع البضائع
TT

لم تتمكن كل الأسواق والمولات الجديدة، التي تبدو فخمة وذات واجهات براقة وأجهزة ونظام تسوق حديث، من منافسة أشهر وأقدم أسواق بغداد التجارية، سوق الشورجة الواقعة في جانب الرصافة من العاصمة العراقية بغداد.

صمدت سوق «الشورجة» التي حملت عبر تاريخها الطويل تسميات كثيرة بدأت بتسميتها «سوق الرياحين»، حيث كانت في قرون سابقة مختصة بتجارة العطور، ومن ثم أصبح اسمها «سوق العطارين» بعد أن توسعت منافذ التجارة فيها لتستقر منذ نحو أكثر من قرنين من الزمان بـ«سوق الشورجة». والمفردة الأخيرة مشتقة طبقا لمؤرخي بغداد وأشهرهم الراحل جلال الحنفي من كلمة (شوركاه) أي محل الشورة أو (الماء المالح) إذ كانت محلة الشورجة قديما بئرا أو بركة ماء فحرفت إلى الشورجة.

ومع أن هناك رأيا آخر يرى أن كلمة شورجة متحدرة من «الشبرج»، وهو دهن السمسم فإن هناك رأيا ثالثا يرى أنها كلمة كردية تتكون من مقطعين المقطع الأول (الشور) ويعني المالح والمقطع الثاني الـ(جه) أي مكان فتعني المكان المالح، وبذلك يكون معنى الشورجة (النهر المالح).

تتكون الشورجة من عدة أسواق مثلما يرى التاجر عمار القيسي أحد أصحاب المحلات فيها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، حيث «تبدأ تقريبا من سوق المتنبي المختصة بالكتب والقرطاسية إلى السوق العربي المختصة بالملابس والعطور وسوق الصفارين المختصة بالنحاسيات وسوق الغزل المختصة بكل أنواع الطيور والحيوانات فضلا عن السوق الأصلية الخاصة بكل أنواع حركة التجارة بدءا من الإبرة وحتى أكبر المكائن الصناعية».

وبشأن حركة التسوق والتبضع في هذه السوق يقول القيسي إن «الحركة ممتازة لأن الشورجة وبرغم كل التحولات التي حصلت في البلاد بعد عام 2003 بقيت محافظة على وضعها دون تغيير من حيث الاستيراد والتصريف»، مشيرا إلى أن «حركة السوق تتأثر بالمناسبات، لا سيما الدينية منها، حيث إن غالبية العمال ربما يذهبون إلى الزيارات أو بسبب قطع الطرق يصعب الوصول إلى السوق».

على صعيد الأحداث السياسية يقول التاجر رمضان العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الأحداث الراهنة أثرت على السوق من جانبين، الأول أن حركة البضائع تصاب بالشلل مثلما هو جار الآن في الأنبار، حيث تتكدس الشاحنات عند المنفذ الحدودي مع الأردن، وهو ما يترك تأثيره، لا سيما أن هناك بضائع سريعة التلف بالإضافة إلى أن للدولة مساهمة فاعلة في السوق تزيد على ما نسبته 40 في المائة من حيث مستلزمات دوائر الدولة والمقاولات، حيث إن هناك تجارا كثيرين يعتمدون في مقاولاتهم على الدولة، وبالتالي فإن تأخير الموازنة المالية بات يؤثر على السوق».

وحول ما إذا كان هناك بديل لنقل البضائع إلى العراق في حال تأثر الطريق الرابط بين العراق وكل من الأردن وسوريا يقول التاجر عمار القيسي إن «حركة التجارة عبر ميناء العقبة أفضل وأرخص بكثير من أم قصر؛ لذلك فإن أي تأخير من جهة منفذ طريبيل يعني حصول أزمة».

ويضيف القيسي أن «حركة سوق الشورجة تتأثر أيضا بارتفاع وانخفاض الدولار». وبشأن أهم المناشئ التي يعتمد عليها سوق الشورجة الآن يقول التاجر رمضان العبيدي إن «ما نسبته 85 في المائة من البضائع ذات منشأ صيني، بالإضافة إلى بضائع أخرى وبمختلف التخصصات، غذائية وكهربائية ومنزلية وإنشائية وغيرها من ماركات ألمانية وفرنسية وغيرها». ويرى التاجر القيسي أن «الشورجة رغم أنها بقيت محافظة على طابعها التراثي الفريد فإن العولمة قد دخلت إليها من حيث دخول الحاسبات والمخازن الحديثة والإنترنت، حيث صار التعامل إلكترونيا داخل السوق بعد أن كان يدويا في الماضي».