تعثر

علي المزيد

TT

للأسف، المشاريع التنموية الكبرى في العالم العربي تتعثر، وبعضها لأسباب سياسية مثل عدم استقرار النظام أو لوجود اختلاف بين الحكومة والشعب مثل سوريا، ومثل هذه الأسباب معروفة ومفهومة ويمكن تبريرها ولكن ما يؤسف له أن تتعثر المشاريع في بلدان عربية مستقرة مثل دول الخليج.

في مثل هذه الدول تتعثر المشاريع لأسباب عدة منها: ضعف المقاول، وعمليات الترسية في الباطن، وبعض الفساد الإداري الذي يجعل مدة تسليم المشروع تتمدد، وهناك سبب رئيس يهمله جميع الباحثين في مثل هذه المواضيع، وهو سبب لا علاقة للمقاول به، فمن المعروف أن المشاريع الكبرى ترسى بطريقة المنافسة وتسلم الدفعات للمقاول حسب الإنجاز لكل مرحلة من المشروع وفي أحايين كثيرة يقوم المقاول بتنفيذ ما عليه على أكمل وجه في المرحلة الأولى، مما يجعله واثقا من قدرته على تسلم الدفعة النقدية الأولى من حقه دون وساطات أو طرق غير مشروعة، ولكن المسكين يفاجأ حينما يقدم أوراقه المكتملة أن هناك من يعرقل سير الأوراق لأسباب شتى كلها واهية، ولكن مثل هذا الموظف إما أنه غير مستوعب أو غير ملم بالأنظمة، أو يحاول أن يثبت لرؤسائه أنه حريص على مصلحة الجهة التي يتبع لها، أو أنه يبحث الحصول على أموال غير مشروعة وهذه ثالثة الأثافي، مع العلم أن هذه الحالة ليست عامة في ظل وجود كثير من الموظفين المؤهلين، إلا أن المقاول يشعر أنه أدى ما عليه بإتقان، لذلك فهو يستحق مثل هذه الدفعة وهامش الربح ضعيف لذلك ليس لديه أي استعداد لأن يقوم بدفع أموال أو التنازل عن جزء من مستحقاته لمثل هؤلاء.

عند ذلك تبدأ مرحلة اللانهاية بين المقاول والدوائر الحكومية، حيث إنه يتجه لرؤساء هذا الموظف الذي أخر حقه ولكنه يصطدم بالبيروقراطية العالية، كذلك تحال مثل هذه الأوراق إلى موظف آخر يكون زميلا للموظف السابق فيحاول مجاملته على حساب هذا المقاول، مثل هذا المقاول يعرف أنه وقع في فخ، فيضحي بالدفعة الأولى ويعتبرها خسارة ويتجه للبحث عن مشاريع أخرى من القطاع الخاص مما يجعل مشاريع الحكومة تتعثر.. ودمتم.