الاستثمار مقابل.. الجنسية!

جمال الدين طالب

TT

إنها «مزايدات»، أو بالأحرى «مناقصات» أشبه بالحرب، لمنح الإقامة وحتى الجنسية للمستثمرين الأجانب، ومن بينهم العرب، مقابل الظفر باستثماراتهم.. هكذا يمكن وصف ما تقوم به دول أوروبية عبر قوانين جديدة «ثورية» وتاريخية لشروط الحصول على الإقامة والجنسية.

آخر فصول حرب «المناقصات» الأوروبية هذه مشروع قانون، ما زال يثير جدلا في بريطانيا، اقترحه مستشارون للحكومة البريطانية، وتدرس الأخيرة تبنيه، سيكون باستطاعة الأثرياء الأجانب، من خلاله، شراء تأشيرات الإقامة في بريطانيا، والحصول بعدها على الجنسية، وذلك مقابل تبرعات مالية سخية للمستشفيات والجامعات.

ويأتي هذا المشروع بحسب صحيفة «التايمز» في مسعى من لندن لاستقطاب أموال أكبر من الأثرياء الأجانب، لأن برنامج منح تأشيرات الإقامة للمستثمرين الأجانب والمعمول به حاليا في بريطانيا أصبح يواجه انتقادات ويعتبر حتى «سبيلا رخيصا» للكثير من الأثرياء الروس والصينيين خاصة للحصول على إقامات في بريطانيا، ومن ثم الانتقال للعيش هم وعائلاتهم في لندن، إذ لا يكلفهم ذلك أحيانا إلا استثمارا بسيطا يصل إلى نصف مليون جنيه إسترليني (نحو 800 ألف دولار).

أما في مالطا فبمبلغ 650 ألف يورو (نحو 900 ألف دولار أميركي) بإمكانك «شراء» جنسية الدولة - الجزيرة، عضو الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، ويمكنك من خلالها التنقل والإقامة بحرية في الاتحاد الأوروبي. قد يبدو هذا مفاجئا ربما للبعض، لكن مالطا راجعت مؤخرا قانون الجنسية بعد تصويت البرلمان على مشروع للحكومة يهدف إلى «استقطاب» المستثمرين ورؤوس الأموال الأجنبية. وتأمل الدولة - الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر المتوسط، التي يصل عدد سكانها إلى 450 ألف نسمة، في استقطاب 30 مليون يورو (45 مليون دولار) جديدة سنويا، أي ما يعادل 460 مواطنا مالطيا جديدا. اللافت أنه على الرغم من أن المستثمرين العرب قد يجدون «ألفة» لغوية بشكل خاص في مالطا لأن اللغة المالطية مليئة بالمفردات العربية، فإن هذا العرض المالطي «المغري» لن يجذب ربما كثيرا من المستثمرين العرب، خاصة من الخليج، فيما قد يغري المستثمرين من عرب شمال أفريقيا القريبين جغرافيا. وقد أثار هذا البرنامج جدلا كبيرا، حيث طالب البرلمان الأوروبي بسحبه وقال أعضاء فيه إن «المواطنة» الأوروبية ليست للبيع، لكن رئيس الوزراء المالطي قال إن بلاده ستحتفظ به. وتوفر مالطا برنامجا أرخص للإقامة، حيث يتطلب الحصول عليها استثمارا بحد أدنى يصل إلى 275 ألف يورو، وقد يكون ذلك في العقارات. وتتبنى قبرص وآيرلندا إجراءات مماثلة، لكنهما ليسا جزءا من اتفاقية «شنغن» الخاصة بحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، ولذا فإن الإقامة متاحة فقط داخل حدودهما.

وكانت البرتغال تبنت في 2012 قانونا يسمح لأي شخص بالحصول على تأشيرة إقامة بشرط استثمار بحد أدنى 500 ألف يورو (680 ألف دولار أميركي) في العقارات السكنية أو التجارية. وفي مسعى لدعم سوق العقارات المتأثرة بسبب أزمة الرهن العقاري، سنت إسبانيا قانونا مشابها للقانون البرتغالي العام الماضي.

وبحسب هذا القانون لا يكون المالكون الأجانب مجبرين على العيش طوال الوقت في مقار إقامتهم الجديدة، ويكون مسموحا لهم بإيجارها في أوقات عدم استخدامهم لها. لكن، لا يسمح لهم بالسفر داخل منطقة «شنغن» إلا لمدة ستة أشهر فقط من العام، حيث يجب قضاء باقي الفترة في بلدهم الجديد بالاتحاد الأوروبي أو خارج الاتحاد الأوروبي.

[email protected]