رئيس اللجنة الصناعية السعودية: ست صعوبات تواجه المستثمرين في العام الجديد

المهندس سعد المعجل يتوقع لـ «الشرق الأوسط» أن يبلغ نمو القطاع عشرة في المائة

عدد من المسؤولين خلال تدشينهم أحد المصانع السعودية في وقت سابق («الشرق الأوسط») وفي الاطار المهندس سعد المعجل رئيس اللجنة الوطنية السعودية الصناعية
TT

توقع رئيس اللجنة الصناعية السعودية بلوغ معدل نمو القطاع في بلاده خمسة في المائة، محتملا زيادته نحو عشرة في المائة، مشيرا إلى أن نسبة مساهمة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 14 في المائة لعام 2014.

وقال المهندس سعد المعجل رئيس اللجنة الوطنية الصناعية لـ«الشرق الأوسط»: «إن عدد المصانع لا يتجاوز 6471 مصنعا فقط، وهناك 32 مدينة صناعية أغلبها تحت الإنشاء، وما يعمل منها يقارب 13 مدينة غير متكاملة الخدمات، لكننا ننتظر قفزة في الصناعة وزيادة في عدد المصانع والمدن الصناعية تفوق النسب الموجودة الآن».

وعدد رئيس المجلس التنسيقي لمجلس الغرف السعودية، ستا من الصعوبات التي تواجه المستثمرين في قطاع الصناعة في العام الجديد، مشيرا إلى أن ضعف الهيكلة أدى إلى تواضع القطاع. فإلى تفاصيل الحوار:

* كيف تنظر إلى واقع الصناعة في خريطة الاقتصاد السعودي؟

- تعد الصناعة ركيزة مهمة من المرتكزات التي تعتمد عليها الدول في بناء اقتصاداتها، لأنها تمكنها من الاعتماد الذاتي على منتجاتها الوطنية وتقليل الاستيراد من الخارج وتوفير الوظائف لمواطنيها والمساهمة في تطور النشاطات الاقتصادية الأخرى. وعلى المستوى السعودي، فإن عدد المصانع الموجودة 6471 مصنعا وفق الإحصائية الموجودة في موقع وزارة التجارة والصناعة حتى بداية عام 2014، وهو رقم لا يتناسب مع القدرات والإمكانات التي يمتلكها بلدنا الغالي، إذ إن لديه من الإمكانات المادية والبشرية والمساحة الجغرافية، مما يجعله قادرا على امتلاك عشرات الآلاف من المصانع.

* ما توقعاتك لنسبة النمو التي يحققها القطاع الصناعي في عام 2014، وما نسبته في الناتج المحلي الإجمالي الكلي؟

- ووفقا لخطة التنمية التاسعة، فإن نسبة مساهمة القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي تمثل 14 في المائة لعام 2014، وأتوقع أن لا تتعدى هذه النسبة. ومن المتوقع أن يصل معدل النمو إلى خمسة في المائة، ويتجه نحو عشرة في المائة، موازيا لما حصل في الأعوام الماضية. والصناعيون يرون أن تكون مساهمة القطاع الصناعي أكبر، في دولة لديها تلك القدرات المالية والبشرية، إضافة لتوافر المواد الأولية؛ فدولة مثل السعودية يكون الطموح فيها أن تنتشر فيها عشرات الآلاف من المصانع، وليس كما هو موجود الآن، فجغرافية البلاد وكبر مساحتها يتطلب عددا أكبر من المدن الصناعية عما هو موجود الآن، فهناك 32 مدينة صناعية أغلبها تحت الإنشاء، وما يعمل منها يقارب 13 مدينة صناعية غير متكاملة الخدمات. ونحن كصناعيين ننتظر قفزة في الصناعة وزيادة في عدد المصانع والمدن الصناعية تفوق النسب الموجودة الآن.

* كيف تنظر إلى مساهمة وزارة التجارة والصناعة في هذا الصدد؟

- وزارة الصناعة اجتهدت في بناء الصناعة، لكنه دون طموح المستثمرين الصناعيين الكبيرة، استنادا لما تتمتع به بلادنا الحبيبة، حيث إنه ما زالت هناك فجوة بين الطموحات، وما نحن عليه الآن، فالصناعيون يأملون من الوزارة دعم جميع قضايا المستثمرين الصناعيين ومطالبهم، إذ تواجههم كثير من الصعوبات، منها: عدم وجود وزارة مستقلة أو هيئة مستقلة تضم معظم الجهات ذات العلاقة بالصناعة، فاليوم وبعد عدة سنوات على دمج وزارتي التجارة والصناعة في إطار إعادة هيكلة أجهزة الدول، وجد الصناعيون أنفسهم في فراغ، فالتجارة بحكم تشعبها وكثرة أعبائها ألقت بظلالها على الحيز المتواضع للصناعة، وأبرزت بالتالي مدى الحاجة إلى مراجعة قرار الدمج والنظر في أهمية أن يكون في اختيار المملكة الاستراتيجي وزارة مستقلة تعنى وتهتم بكل شؤونها.

* إلى ماذا تعزو تواضع الصناعة بالحجم الذي تحدثت عنه في ظل توافر المقومات؟

- إن ضعف هيكلة وزارة الصناعة أدى لتواضع الصناعة ومشاركتها، وتدل على ذلك التغييرات الكثيرة في منصب وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة، إذ إنه خلال فترة وجيزة استقال المعينون في هذا المنصب، وأتمنى أن تكون هناك شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص حتى يكون لها أثر قوي يسد بعض الاحتياجات في الصناعة، ونؤمن بمبدأ الشراكة مع الدولة الذي يؤكده قادة هذه البلاد على الدوام، حيث نقوم بواجبنا على النحو الذي يعزز هذا المبدأ، ويؤدي بالتالي إلى تحقيق الصالح العام. أعود فأقول إن ما جرى بذله في مجال الصناعة كثير، لكنه دون طموحاتنا كمستثمرين صناعيين، لما تتمتع به بلادنا الحبيبة من ميزات، فما زالت هناك فجوة بين الطموحات وما نحن عليه الآن.

* كيف تنظرون إلى دور هيئة المدن الصناعية في تعزيز المنتج الصناعي؟

- بكل صراحة أجد أن تعاون هيئة المدن الصناعية ضعيف وليس بالقدر المأمول، مع أن الوزارة أولت اهتماما بإنشاء المدن، وأنشأت بشأنها هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، التي تعنى بإنشاء وإدارة المدن الصناعية ومناطق التقنية، والتي تسهم في عملية تنظيم المصانع، غير أنها لم تصل إلى طموحات الصناعيين بأن تكون أكثر انفتاحا وتسهيلا لعملية الحصول على الأراضي الصناعية، وتعمل على زيادة عدد المناطق لتعم جميع المناطق والمدن بما يتلاءم مع قدرات ومكانة المملكة وتسمح بإقامة المصانع بالقرب من المراكز العمرانية، بشرط أن تكون الشروط البيئية متوافرة فيها، والتي يجب وضعها من الآن.

* هل تعتقد أن «هيئة المدن» أصبحت جزءا من التحديات التي تواجه الصناعيين؟

- من الصعوبات التي تواجه المستثمرين الصناعيين توجه الهيئة لزيادة رسوم الإيجارات على الأراضي والغرامات التي تفرض على المستثمرين الصناعيين دون إشعار مسبق، ومن ناحية أخرى، يدفع المستثمر تلك الرسوم، ويبدأ عمله في أراضٍ لا يتوافر فيها أي نوع من الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والطرق، ناهيك عن الخدمات الأخرى، في حين أن تلك الرسوم ينبغي عدم دفعها قبل إيصال جميع الخدمات إلى الأرض المخصصة، والمفترض تخفيض هذه الأسعار تشجيعا للمستثمرين الصناعيين ودعما للصناعة في البلاد، حتى تتمتع بتنافسية عالية في الأسواق الخارجية، وتستطيع دخول تلك الأسواق بمنتج ذي جودة عالية وأسعار منافسة.

* إلى أي حد تعتقد أن عدم توافر الطاقة البديلة يمثل تحديا آخر من تحديات الصناعة؟

- إن الاعتماد الكلي للصناعة على الكهرباء جعل المستثمرين الصناعيين يعيشون في قلق دائم، خاصة لدى توجه هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لزيادة الأسعار على الصناعة، وهذا يضعف الصناعة ويجعل المستثمرين الصناعيين يترددون في الدخول لسوق الصناعة، ناهيك عن خروج السلعة للمستهلك المحلي والأجنبي بأسعار مرتفعة، مما يضعف المنتج الوطني في المنافسة الخارجية، ويسمح للسلع الأجنبية بالدخول للسوق المحلية، ويؤدي لخسارة المصنع الوطني، وعلاج هذا كله بإيجاد بدائل للطاقة ودعم إنشائها من الجميع، ومن أهمها: إنشاء شبكة وطنية للغاز، وإيصالها للمدن الصناعية المنتشرة في البلاد.

* ما تقييمك للمجهود المبذول لربط مواقع الإنتاج بالسكة الحديد؟

- أعتقد أن غياب السكة الحديد من معوقات الاستثمار في الصناعة، لكن من المأمول من الجهات ذات العلاقة بالصناعة والنقل التكاتف والتعاون لربط المدن الصناعية بشبكة القطارات الداخلية، المزمع إنشاؤها بالبلاد، وهذا سيساعد على تسهيل نقل البضائع واحتياجات المصانع بشكل سهل وسريع ودون عوائق، وستصبح الدورة الصناعية والتجارية ميسّرة، ففيها توفير للوقت والأسعار، وهو نهج تسير عليه الدول المتقدمة في الصناعة، ومن أسباب تقدم ونمو الصناعة فيها.

* كثيرا ما يشتكي المستثمرون من بيروقراطية الجهات المعنية عند الطلب.. ما موقعكم من ذلك؟

- بكل صراحة، فإن بعض الجهات ذات العلاقة لا تتسم بالمرونة والوضوح وسرعة الإنجاز، وعليه، أناشد الجهات الحكومية ذات العلاقة بالصناعة السعي لتحسين وتطوير وتسريع خدماتها، والوضوح في الإجراءات، وتقديم الخدمات اللوجيستية، ودعم الصناعيين بالمشاركة، وتقديم الدراسات والمعلومات المتوافرة لديها، والوضوح في تحديد الأماكن التعدينية، وتمثيل الأولوية في الاستثمارات الصناعية من ناحية تقديم الطلب، وعدم السماح لجهات حكومية أخرى بالتدخل في المرافق أو بناء وحدات سكنية قريبة من الأماكن التعدينية المملوكة للدولة ومهيأة للصناعيين للاستفادة منها، إيمانا منها بتشجيع التنمية والانتقال للمراحل التي تليها بتعاون وتكاتف لتحقيق أهدافنا الوطنية السامية لرفعة وعزة بلدنا، وبالإسهام معا في تحقيق الغاية المنشودة بتطور الصناعة والاقتصاد الوطني.

* ما تقييمك للرؤية المطلوبة لدعم المنتج الصناعي الوطني؟

- مع الأسف، فإن هناك عدم تطبيق لقرارات إعطاء الأفضلية للمنتجات الوطنية، فالتساهل وعدم تطبيق قرارات إعطاء الأفضلية للمنتجات الوطنية في العقود التي تبرمها أجهزة الدولة لتنفيذ مشاريعها يضعف مقدرة المصانع السعودية، ومن الصالح للجميع تطبيق هذا القرار لدعم المصانع المحلية وتشجيعها على المضي قدما، والنهوض بالصناعة بشكل عام في البلاد.

* كيف تنظر إلى مستقبل الصناعة في السعودية؟

- إن جميع المزايا والمحفزات لقيام صناعة قوية متوافرة لدينا، من حيث الدعم والتوجيه الحكومي، في ظل توافر رأس المال ورغبة المستثمرين من الداخل والخارج في الاستثمار الصناعي، والعنصر البشري المؤهل والاستفادة من العنصر البشري الأجنبي؛ كل هذا يجعل لدينا طموحات لأن يكون تطور وتنمية ومساهمة القطاع الصناعي أكبر بكثير، حتى لو كان هناك ثبات أو زيادة بسيطة جدا في النمو، ينقصنا فقط تذليل التحديات التي ذكرتها لك في سياق هذا الحوار.