وزراء مالية أوروبا يبحثون مشروعاً لإغلاق البنوك المتعثرة

رئيسة صندوق النقد: أزمة القارة لن تنتهي ما لم تعالج مشكلة البطالة

TT

اختتمت ببروكسل اجتماعات وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، وانتهى إلى اعتماد عدة خطوات، منها تبني قواعد جديدة تتعلق بالقروض العقارية، كما حصلت كرواتيا، الدولة الجديدة التي انضمت منتصف العام الماضي إلى الاتحاد الأوروبي، على مهلة حتى 2016 لمعالجة العجز في الموازنة، وسوف تطرح المفوضية الأوروبية في يونيو (حزيران) المقبل تقريرا حول تقييم خطوات الدول الراغبة في الانضمام إلى منطقة اليورو التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، ومنها ليتوانيا، وتقييم خطوات الدول التي حصلت على العضوية أخيرا وهي إستونيا ولاتفيا.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس إن أوروبا يجب أن تنتهي من مشروع اتحادها المصرفي وتقلص مستويات الدين المرتفعة وتجعل سوق عملها أكثر مرونة من أجل تقليل عدد العاطلين وتكمل تعافيها الاقتصادي.

وقالت لاغارد خلال كلمة أمام مركز السياسة الأوروبية للأبحاث في بروكسل إن «أوروبا تحقق أداء طيبا يتحول إلى نمو إيجابي».

غير أنها أضافت أنه «إلى أن تتبدل التأثيرات على عملية التوظيف، فلن نستطيع القول إن الأزمة قد انتهت»، مسلطة الضوء على المستويات المرتفعة للبطالة على الأجل الطويل، وأن جزءا كبيرا ممن هم دون الخامسة والعشرين غير قادر على إيجاد فرصة عمل، خصوصا في جنوب أوروبا.

ووصل معدل البطالة الكلي بين الشباب في منطقة اليورو إلى 2.‏24 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما يرتفع ذلك الرقم إلى أكثر من الثلث في إيطاليا والبرتغال، وأكثر من 50 في المائة في إسبانيا واليونان. ووضعت لاغارد ثلاث أولويات لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة في الاتحاد الأوروبي مع تصدر مشروع الاتحاد المصرفي الذي تعيقه أزمة قائمة الأولويات.

ويعرض صندوق النقد، ومقره واشنطن، بشكل دوري مساعدته في المشكلات الاقتصادية الأوروبية، لكن تقييمه يتسبب في بعض الأحيان في انزعاج على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وتحدثت لاغارد، في وقت يجتمع فيه وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في مبنى قريب في العاصمة البلجيكية لبحث التقدم الذي جرى إحرازه، عن الركيزة الثانية لإقامة اتحاد مصرفي، وهو مشروع مثير للجدل من أجل التصدي لحالات تعثر البنوك وحماية دافعي الضرائب من تحمل تكاليف حزم إنقاذها.

ومن بين الأولويات الأخرى، ضرورة تقليص مستويات الدين المرتفعة مع النظر إلى دين القطاع الخاص بوجه خاص على أنه عامل رئيسي في إعاقة النمو، وإجراء إصلاحات تستهدف جعل سوق العمل للاتحاد الأوروبي أكثر مرونة.

وأضافت لاغارد أن «الدين يجب أن ينخفض في عملية تركز على النمو والتوظيف».

فيما بحث وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الثلاثاء كيفية إتمام مشروع مثير للجدل لإغلاق البنوك المتعثرة في منطقة اليورو؛ إذ لم يتبق سوى أقل من ثلاثة أشهر للانتهاء من الإجراء الذي يروج له كثيرا.

وبهدف المساهمة في حماية دافعي الضرائب من تحمل تكاليف حزم الإنقاذ، سيكون التشكيل الجديد جزءا من الاتحاد المصرفي الذي تعرقله أزمة ويعد ركيزة لاستعادة الثقة في منطقة اليورو.

وعمل وزراء مالية الاتحاد على إيجاد حل وسط بشأن المشروع في ديسمبر (كانون الأول)، لكن لم يجرِ التوصل حتى الآن إلى اتفاق، مع عدم ترحيب البرلمان الأوروبي بطريقة تعامل الوزراء.

ويحذر مراقبون من تأخيرات كبيرة إذا لم يصدق البرلمان على اتفاق في جلسته التي ستعقد منتصف أبريل (نيسان) وهي الجلسة الأخيرة قبل إجراء الانتخابات الأوروبية التي من شأنها تشكيل مجلس تشريعي جديد. ونبه وزير مالية ليتوانيا ريمانتاس سادزيوس، الذي ساهم في تقديم تسوية وزارية عندما كانت بلاده تتولى آنذاك الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إلى أنه «يجب الاحتفاظ بقوة الزخم وهي ليست كذلك حتى الآن».

وأضاف وزير المالية الهولندي يروين ديسلبلوم الذي يتولى رئاسة مجموعة اليورو لوزراء مالية المنطقة: «أعتقد أن من المهم جدا أن نعطي اليوم الإشارة للبرلمان إلى أن هناك هامشا للمفاوضات». لكن خلافا جديدا بدأ يدب داخل الوزراء بعدما أثار رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي تساؤلات بشأن صندوق جديد لمنطقة اليورو في قلب مشروع إغلاق البنوك المتعثرة. واتفق الوزراء على أنه يجب أن يجري إنشاؤه خلال عشر سنوات، لكن دراجي أشار إلى أنه يفضل أن يراه يتبلور بشكل أسرع. وتسببت تصريحاته تلك في ردود فعل متفاوتة.

وعبر وزير المالية الآيرلندي مايكل نونان عن دعمه الكامل للتغيير أول من أمس الاثنين، لكن وزير المالية السويدي أندرس بورغ دعا اليوم الثلاثاء إلى «احترام تسوية صعبة» جرى التوصل إليها من جانب نظرائه في الاتحاد الأوروبي. كما أعلن وزير المالية النمساوي ميشائيل سبيندليغر عن تشككه في الفكرة، معربا عن قلقه من أنها ستؤدي إلى «أزمة ائتمان»؛ إذ إن البنوك ستضطر إلى تقديم مساهماتها إلى الصندوق بشكل أسرع من المتوقع.

وبحسب المفوضية الأوروبية ببروكسل فقد بلغت ثقة المستهلك في الاتحاد الأوروبي أعلى مستوى لها منذ يناير (كانون الثاني) 2008 وأبقت على تعزيز المعنويات في سوق السندات السيادية في منطقة اليورو. وتبنى مجلس وزراء المال والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، القواعد الجديد التي تتعلق بائتمانات الرهن العقاري أو ما يعرف بالقروض العقارية، وهي قواعد تهدف إلى خلق سوق واحدة للقروض العقارية، للحصول على ائتمانات في الاتحاد الأوروبي مع وجود درجة عالية من حماية المستهلك، بحسب ما جاء في بيان صدر على هامش اجتماعات اختتمت ببروكسل الثلاثاء واستمرت يومين، وجاء في البيان أن التوجيه الجديد يحدد إنشاء سوق واحدة فعالة وتنافسية تخدم مصالح المستهلكين والدائنين ووسطاء الائتمان، وتسعى إلى تأسيس مستوى عال من الحماية حين معالجة الإقراض والاقتراض غير المسؤول الذي عرفته الآونة الأخيرة في سياق الأزمة المالية، مما ساهم في زيادة أعداد القروض التي لا يمكن تحملها، مما يؤدي إلى التخلف عن السداد وحبس الرهن، وبالتالي تضمن القواعد الجديدة أن تعمل أسواق الائتمان العقاري بطريقة مسؤولة، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستقرار المالي، وتنص القواعد الجديدة على بنود تتناول مواجهة الدعاية المضللة والشروط المجحفة في عقود المستهلكين أو التي لا تأخذ في الاعتبار خصوصيات الرهن العقاري وخاصة التي تزيد على 75 ألف يورو، وأشار البيان إلى أن القرار حصل على الأغلبية اللازمة بعد أن عارضته كل من جمهورية التشيك ولوكسمبورغ ولاتفيا من بين الدول الأعضاء في الاتحاد التي بلغت 28 دولة منذ منتصف العام الماضي عقب انضمام كرواتيا إلى عضوية التكتل الموحد، والقواعد الجديدة تتضمن شروطا جديدة لضمان درجة عالية من الشروط الاحترافية في الائتمان بين الأطراف ذات الصلة، وتحدد مبادئ التسويق والإعلانات والتزامات الحصول على معلومات ما قبل التعاقد، ومعلومات عن وسطاء الائتمان ومعدل الاقتراض وأحكام تتطلب الدائن لتقييم الجدارة الائتمانية للمستهلك والنص يؤسس المبادئ التنظيمية والإشرافية فيما يتعلق بشروط الائتمان إلى جانب تعديلات أخرى سبق أن أقرها البرلمان الأوروبي بعد اتفاق في هذا الصدد بين المجلس الوزاري والمؤسسة التشريعية الأوروبية. وسوف تحصل الدول الأعضاء على فترة سماح لمدة سنتين لتطبيق القوانين الجديدة بعد إجراء التعديلات المطلوبة في القوانين الوطنية ذات الصلة.

من جهتها أكدت المفوضية الأوروبية ببروكسل أن التوقعات الاقتصادية بشأن التطورات خلال الأشهر الست المقبلة تشير إلى تعزيز الانتعاش الاقتصادي تدريجيا في أوروبا وجاء ذلك على لسان أولي رين المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون النقدية والاقتصادية في المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماعات مجلس وزراء المال والاقتصاد في دول التكتل الأوروبي الموحد، وأضاف المسؤول الأوروبي أن البيانات الاقتصادية منذ ديسمبر الماضي استمرت مشجعة وساهمت في نمو الناتج الإجمالي المحلي إلى جانب توسيع الاستثمار، وأيضا استمرار النمو بشكل معتدل، وقد بلغت ثقة المستهلك في الاتحاد الأوروبي أعلى مستوى لها منذ يناير 2008 وأبقت على تعزيز المعنويات في سوق السندات السيادية في منطقة اليورو، وأشار ريهن إلى أن اضطراب الأسواق في الأيام الأخيرة ينبع أساسا من اقتصادات الأسواق الناشئة وليس من أوروبا، ونوه بـ«أن استمرار معدلات البطالة مرتفعة في بعض الدول الأعضاء لا يجعلنا نكتفي بما حققناه». وأكد على ضرورة العمل من أجل التوصل في غضون الأسابيع القليلة المقبلة إلى اتفاق نهائي على قرار حول آلية واحدة لاتخاذ القرار في صندوق الإنقاذ والإشراف المالي فيما يتعلق بخطوات الاتحاد البنكي، وعد هذا الأمر أحد أولويات العمل بالنسبة للرئاسة اليونانية الحالية للاتحاد الأوروبي، وأشار أيضا إلى ضرورة التأكد من أن جميع الدول الأعضاء تحافظ على الزخم من أجل الإصلاحات الاقتصادية والمالية العامة السليمة، وفي ظل وجود إطار لتنسيق السياسات الاقتصادية في دورته السنوية الرابعة، وقال ريهن إن المفوضية سوف تنشر في يونيو المقبل تقريرها حول خطوات الدول الراغبة في الانضمام إلى عضوية منطقة اليورو، وخاصة ما حققته ليتوانيا في هذا الصدد، ومتابعة خطوات إستونيا ولاتفيا بعد الحصول على العضوية.

وفي ملف كرواتيا واعتماد المجلس الوزاري الأوروبي الثلاثاء توصية لتصحيح العجز المفرط في الموازنة بحلول 2016، وتعيين مسار واضح لاستعادة الاستدامة المالية العامة، قال ريهن: «سيكون من الضروري أن تتخذ كرواتيا إجراءات حاسمة لتحقيق ذلك من أجل استعادة الثقة في الاقتصاد وتهيئة الظروف لتحقيق انتعاش مستدام في النمو، وخلق فرص العمل، وهذا يعني أنه بحلول أبريل لا بد أن تتخذ كرواتيا تدابير كافية ومحددة لضمان التقدم نحو تصحيح العجز والديون، وسيجري تشكيل لجنة لتقييم كل هذا ستبدأ عملها في الربيع من العام الجاري، وستعمل المفوضية مع الحكومة الكرواتية لدعم جهودها الرامية للتصدي للتحديات التي يواجهها الاقتصاد، وبناء أساس قوي للانتعاش الاقتصادي استنادا على المالية العامة السليمة».

من جانبه أعرب رئيس منطقة اليورو جيروين ديسلبلوم عن تفاؤله بنمو وتيرة التنمية الاقتصادية التي تشهدها الكتلة المكونة من 18 دولة. وقال ديسلبلوم في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل مساء الاثنين: «في بداية العام الجديد من الجيد دائما أن نتطلع إلى الأمام في منطقة اليورو، وأنا سعيد أن أقول إن توقعات هذا العام أصبحت بالتدريج أكثر إيجابية». وأضاف أن منطقة اليورو استأنفت معدلات النمو الاقتصادي في جميع دول الكتلة. كما أعرب عن اعتقاده أنه بالإمكان الحفاظ على هذا التوجه الإيجابي، مضيفا أن «هذه هي الإشارة التي تلقيتها أثناء زيارتي لآسيا ودافوس في (المؤتمر الاقتصادي الدولي)».

وعلى هامش الاجتماعات أكد وزير الاقتصاد والتنافسية الإسباني لويس دي جيندوس أن بلاده «لم تعد تمثل مشكلة» لمنطقة اليورو وباقي دول أوروبا، مبرزا أهمية تعزيز التعافي الاقتصادي، ومؤكدا التزامه إزاء الإصلاحات، وقال دي جيندوس إن «إسبانيا لم تعد تمثل مشكلة للاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. إنها أنباء جيدة للجميع». وأضاف: «منذ سنتين كنا في وضع مختلف تماما عن الآن»، مشيرا إلى أن «الهدف» يكمن في أن يشعر المجتمع الإسباني بالتعافي الاقتصادي. وأوضح أن إسبانيا تركت الكساد عقب نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.3 في المائة في الربع الرابع من العام الجاري، وأنه يتعين تعزيز التعافي عبر ضبط عجز الموازنة والإصلاحات الاقتصادية. وكانت إسبانيا قد حصلت على برنامج مساعدات بقيمة 100 مليار يورو، إلا أنها في النهاية استخدمت 41.3 مليار فقط من إجمالي قيمته لإعادة هيكلة قطاعها المصرفي، وقد انتهت مدته بعد 18 شهرا نفذت خلالها مدريد الشروط التي أملاها عليها الشركاء الأوروبيون مقابل حصولها على هذه القروض،.