الساير: سبعة عناصر تشكل شخصية رائد الأعمال تتصدرها المخاطرة في القرار

الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار العائلي أكد أن البيئة الراهنة باتت مشجعة للاستفادة من الطاقة الوطنية الشابة

تسعى السعودية لتشجيع الشباب على العمل الحر بهدف معالجة البطالة وتنويع الاقتصاد (تصوير: خالد الخميس)
TT

خلصت تجربة محمد الساير الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «الاستثمار العائلي» ومقرها الرياض وأحد رواد الأعمال الشباب في السعودية، إلى سبعة مواصفات رئيسية تشكل شخصية رائد الأعمال الناجح، لافتا إلى أن من بينها القدرة على اتخاذ قرار المخاطرة في الدخول وتبني المشاريع والأفكار، لكنه يؤكد في الوقت ذاته على أن أبرز السمات هي أن يؤمن رائد الأعمال بتحقيق نجاح فكرته أكثر من اهتمامه بتحقيق الربح والمكاسب المادية.

ويرى الساير أن ريادة الأعمال باتت علما نظريا وتطبيقيا قائما بذاته، ربما يحل محل إدارة الأعمال في المستقبل، مشددا على أن بلدانا عربية تحظى بتوافر بيئة جيدة لصناعة رواد الأعمال وتبني أفكارهم واستجابة السوق لمشاريعهم، في مقدمتها السعودية.

الساير استطاع أن يحوز جائزة وطنية لرواد الأعمال نظير ما استطاع أن ينجزه من حضور في أكثر من نشاط اقتصادي تنوعت بين الاستثمار والمالية والطبية والخدمة.

«الشرق الأوسط» أجرت حوارا ناقشت فيه واقع بيئة ريادة الأعمال في السعودية وخلاصة ما توصل إليه عبر تجربته، إضافة إلى أبرز المعوقات التي يواجهها رواد الأعمال. وإلى نص الحوار:

* كيف تنظر إلى بيئة ريادة الأعمال في السعودية؟ هل تتوافر فيها المحفزات والعوامل المشجعة لبناء رائد أعمال ناجح؟

- أعتقد ذلك، لا سيما في الآونة الأخيرة، حيث رأينا الكثير من المبادرات الجديدة من القطاعين العام والخاص تهدف إلى تعزيز بيئة ريادة الأعمال في السعودية، آخرها كان ملتقى عرب نت الرياض 2013 الذي شارك فيه أكثر من ألف مشارك بمدينة الرياض، وذلك لتعزيز بيئة ريادة الأعمال وتحسين المناخ الريادي في المملكة، حيث عدها من أنجح المبادرات في هذا المجال وبادرة أمل لمستقبل يحلم به الشباب لمساعدتهم على إيجاد فرص عمل وحل أزمة البطالة، وليس ببعيد عنا المبادرات المستمرة من الغرف التجارية بالمملكة، وعلى رأسها الغرفة التجارية بجدة ممثلة في لجنة شباب الأعمال التي أنشئت من أجل تنمية الجيل الجديد من شباب الأعمال ومؤازرته وصقل خبراته وتفعيل الاستفادة من الطاقة الوطنية الشابة وتزويد الشباب من الجنسين بخبرات وثقافات العمل الخاص وأسس إقامة المشروعات وإدارتها.

لذلك أرى أن بيئة العمل ومحفزاته متوفرة في السعودية عبر اللجان والمبادرات المستمرة لحث شباب الأعمال على الدخول إلى عالم الاستثمار وترجمة الابتكارات والأفكار والطاقات الكامنة إلى مشروعات ناجحة تنعكس إيجابا في المساهمة بشكل مباشر في تنمية الاقتصاد الوطني.

* وما هي، على ضوء تجربتك، الصفات الرئيسية التي لا بد أن تتوافر في شخصية رائد الأعمال؟

- أولا يجب أن تتوفر لدى رائد الأعمال الرغبة والهدف الأكيدان في تحقيق ما يحلم به، كما يجب أن تكون لديه القدرة على خوض المخاطرة للوصول إلى الهدف المنشود، أيضا لديه درجة عالية من الإبداع والقدرة على إيجاد الحلول للمشكلات التي قد تواجهه، وأن يكون اهتمامه بتحقيق النجاح لفكرته أكبر من اهتمامه بتحقيق الربح، ويستطيع اتخاذ قرار المخاطرة برأس المال في سبيل تحقيق فكرة أو مشروع يؤمن به، كما يجب أن يتميز بالقيادة وكذلك قدرته على إدارة عوامل الإنتاج بتصميم هيكل المشروع برؤية مستقبلية لتطوير مشروعه وصولا إلى النمو والتطور، وأخيرا مقدرته على تقييم الفرص والبدائل.

* القيادة إحدى تلك الصفات، هل لا بد لرائد الأعمال أن يكون ذا شخصية متفردة قوية؟

- بلا شك، فرائد الأعمال له سمات وصفات وإمكانيات شخصية وإبداعية تميزه عن غيره ذكرتها آنفا، وهي صفات يكمل بعضها بعضا في وجود عوامل أهمها الثقافة الريادية والتعليم والطاقة الريادية والجهات الداعمة وإمكانيات البيئة.

* تؤمن بأن هناك أجيالا تتعاقب على ريادة الأعمال، ولكن ما سمات جيل ريادة الأعمال الجديد في بلد كالسعودية؟

- تعد ريادة الأعمال علما، ربما يحل محل إدارة الأعمال في المستقبل، في حين يظل فنا أيضا، إذ تجمع بين صفات رائد الأعمال المهمة في النجاح وبين العلوم والمعارف المعينة على اتخاذ السبل والطرق السليمة لسلوك طريق النجاح. ووفقا لدراسة من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) يعد رواد الأعمال من أسس نمو الاقتصاد في المملكة، حيث هناك نحو 1.8 مليون منشأة صغيرة إلى متوسطة الحجم في المملكة، ما يمثل أكثر من 93 في المائة من مجموع المشاريع التجارية، وشهدت المملكة خلال عام 2013 سلسلة جديدة من أصحاب المشاريع المبتكرة التي تساهم تدريجيا في تحويل الاقتصاد من نظام التبعية للسلع الأساسية، إلى أمة تقوم أكثر على المعرفة، واتخذت المملكة لذلك مبادرات لرعاية جيل المستقبل من رواد الأعمال، ولمساعدة الشركات الناشئة على التغلب على التحديات الهائلة أمامهم.

* هل رواد الأعمال في السعودية يشابهون رواد الأعمال في بلدان أخرى؟

- دعني أستشهد هنا بما ذكره التقرير الإقليمي السنوي لإدارة الأعمال في العالم العربي لعام 2014 من أنه ربما لا يكون رواد الأعمال في المنطقة العربية هم الأسعد حظا مقارنة بنظرائهم في دول العالم الأكثر تقدما، ولكن على الصعيد الإقليمي، فإن رواد الأعمال في الإمارات السعودية والبحرين وعمان وقطر وتونس هم أفضل حالا من أقرانهم في باقي دول المنطقة، فيما يعني سهولة إنجاز الأعمال وتأسيس الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. ويتفحص التقرير الإقليمي السنوي الخاص بالأعمال في العالم العربي لعام 2014، الذي تصدره كل من منظمة البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية IFC، مدى سهولة أو صعوبة تأسيس وتشغيل شركة صغيرة أو متوسطة الحجم، مع الالتزام بالقوانين والقواعد المنظمة للعمل في كل دولة من الدول التي يتناولها التقرير، وهي 189 دولة؛ لذلك أرى أن مجتمع ريادة الأعمال في السعودية جيد مقارنة بالدول الأخرى في محيطنا الإقليمي والعربي.

* هل تعد تقليد التجارب العالمية في نشاط ما من ريادة الأعمال؟ خذ على سبيل المثال أن يأتي مستثمر ويجلب علامة «برغر» أو «بيتزا» إلى السوق المحلية.

- هناك مدارس تختلف رؤيتها في تحليل هذا الأمر، ولكن على الصعيد الشخصي لا أرى مانعا في ذلك شريطة أن تكون الحاجة قائمة للمشروع، إضافة إلى إجادته في إدارته والقيام به على وجه عال من المهنية والاحتراف والمحافظة عليه.

* كما بدأنا بالمحفزات، نتساءل عن المعرقلات والعوائق التي تواجه رائد الأعمال محليا.

- هناك معوقات ومشكلات تواجه من يطمحون إلى أن يكونوا روادا للأعمال وأخرى تواجه من أصبحوا روادا للأعمال، فالأولى تختلف باختلاف نوع المنتج الذي يرغب رائد الأعمال في تقديمه أو إنتاجه؛ فالسلع والمنتجات المادية تختلف مشكلاتها عن الخدمات إلا أنهم مشتركون في بعضها، مثل التمويل والاستشارات والإجراءات الحكومية. أما ما يعيق من أصبحوا روادا للأعمال فتتلخص في التسويق وضعف أداء السوق السعودية والعمالة الفنية المدربة؛ لذلك يجب أن يحتاط رائد الأعمال بمعرفة كيفية التعامل مع هذا النوع من المشكلات.

* تعد أحد رواد الأعمال الذين بدأوا من الصفر، فكيف كانت القصة؟ وما أبرز الأنشطة التي تعمل فيها؟

- أنا كغيري من الشباب السعودي الطموح وهم كثر، أتطلع دائما إلى الإبداع في التفكير والقيادة، أحترم مواعيدي وأسعى دوما إلى تحقيق النجاح، بدأنا بمشاريع وأفكار صغيرة بعضها نجح وبعضها أخفق، لكن المحصلة في النهاية كانت جيدة، حيث أسسنا شركة للاستثمار العائلي تعمل في إدارة الأصول والاستثمارات في أكثر من 52 شركة في 13 دولة حول العالم، ونتطلع إلى التوسع وتحقيق المزيد من التقدم في مجال عملنا الذي بدوره سينعكس على الاقتصاد الوطني.

* حزت جائزة وطنية في السعودية لريادة الأعمال، حدثنا عن هذه التجربة وكيف حصلت عليها؟

- رشحت لجائزة الأمير سلمان لشباب الأعمال في دورتها الثانية، وكنت ضمن من حظوا بشرف الفوز بهذه الجائزة، وبهذه المناسبة أتقدم بخالص شكري وتقديري وامتناني للأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع رئيس مجلس أمناء جائزة الأمير سلمان لشباب الأعمال، على ما يجده شباب الأعمال من اهتمام كبير من سموه ومن مجلس أمناء الجائزة.

ولعل فوزي بهذه الجائزة أعطاني المزيد من الرغبة في التميز والإبداع في عالم التجارة والأعمال، وبالتأكيد التنافس على مثل هكذا جوائز يبرز الكثير من المبدعين والمتميزين في المجالات المختلفة ويعمل على تهيئة البيئة الخصبة للشباب لإطلاق قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية لما يجدونه من تشجيع واهتمام ورعاية، مما يسهم بقوة في بناء المستقبل الاقتصادي لوطننا العزيز.