«سوق باب مراكش».. 20 ألف تاجر يتداولون بضائع بخمسة مليارات دولار سنويا

لم تفقد بريقها رغم منافسة الأسواق العصرية في عاصمة المغرب الاقتصادية

جانب من سوق باب مراكش حيث تعرض كل أنواع البضائع في مكان واحد
TT

وسط زحمة لا تطاق ونقاط اختناق متعددة في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش يبحث الآلاف من سكان الدار البيضاء في المغرب عن حاجاتهم ومتطلباتهم المعيشية كل يوم. انطلاقا من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك إلى المجوهرات والحلي الذهبية والفضية، مرورا بملابس الأطفال من كل الأعمار، والأزياء العصرية التقليدية للرجال والنساء، والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب.

كل شيء يباع في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش. ووحدها متعة التسوق يمكن أن تفسر ما الذي يجعل رواد السوق يتحملون ذلك الازدحام، حتى خلال الأيام الممطرة. ويزداد الزحام بشكل لا يصدق خلال المناسبات والأعياد.

تمتد سوق باب مراكش على مساحة 20 هكتارا في الزاوية الجنوبية الغربية للمدينة العتيقة. وتتكون من منازل تقليدية كل طوابقها الأرضية مخصصة للتجارة، ويجري الولوج إلى الدور العلوية المخصصة للسكن من أبواب ضيقة لا يتجاوز عرض أغلبها 60 سنتيمترا.

وحسب مصادر من المصالح البلدية فإن حجم مبيعات هذه السوق تقدر بنحو 42 مليار درهم (خمسة مليارات دولار) في السنة، ويفوق عدد تجارها 20 ألفا.

لا يوجد شبر في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش لم تعرض فيه بضائع، حتى عندما توجد فجوة بين دكان وآخر، وهذا نادر جدا، فإن هناك من يستغلها ولو لم يتجاوز عرضها عشر المتر، وذلك عبر عرض بضائع صغيرة، مثل محافظ اليد والأحزمة، الجلدية التي يعلقها على مسامير مثبتة على الحائط. أما عندما يتسع الزقاق قليلا فيجري نصب صفوف من الطاولات الخشبية وسط الزقاق لعرض الملابس الداخلية والجوارب، ولا تترك إلا ممرات ضيقة على جانبي صفوف الطاولات لمرور المتسوقين.

باب مراكش هو في الأصل اسم أحد مداخل المدينة العتيقة للدار البيضاء، وأحد أقواس سورها العريق، منفتح على ساحة صغيرة في ملتقى شارع الطاهر العلوي وزنقة بوطويل وزنقة السبايس وممر درب الإنجليز، وكل واحد من هذه الأزقة والشوارع يشكل سوقا طويلة ومزدحمة، ويعد امتدادا لسوق باب مراكش خارج أسوار المدينة العتيقة.

عند مدخل باب مراكش تزدحم عربات خشبية محملة بشتى أنواع الفواكه، منها ما ينتجه المغرب مثل البرتقال والتفاح والموز والأفوكادو وتوت الأرض والبطيخ والعنب والرمان، حسب الموسم، ومنه ما هو مستورد من بلاد بعيدة مثل الأناناس والمانجو وغيرهما من الفواكه الاستوائية.

تملأ عربات بائعي الفواكه الساحة الصغيرة ومدخل السوق وتمتد بضعة أمتار داخل السوق. بعد اجتياز المدخل يوجد زقاق أول على اليمين، هو عبارة عن سوق طويلة للخضر واللحوم والبهارات وغيرها من مستلزمات المطبخ.

تمتد هذه السوق الزراعية على اليمين في اتجاه جامع الشلوح (الانازيغ) ودرب الكباس. ومباشرة في مواجهة المدخل تبدأ سوق الملابس الجاهزة والأحذية والأزياء المغربية التقليدية، التي تمتد على أزيد من كيلومترين من الأزقة المتشعبة عند ثاني منعرج على اليمين، في المنطقة التي يطلق عليها الملاح، وهو الحي التاريخي لليهود، غير أن هؤلاء هجروا الملاح مند حرب 1967، وحل محلهم تجار مسلمون. وبدوره يمتد الملاح إلى غاية سور المدينة خلف فندق حياة ريجينسي الشهير. وعلى الجانب الأيسر من الملاح، قبل بلوغ السور، توجد منطقة المجوهراتيين، حيث الأزقة أكثر اتساعا وأقل صخبا، وينعدم فيها الباعة المتجولون وأصحاب العربات والطاولات الخشبية التي تملأ باقي أرجاء السوق صخبا.

في المنعرج الثالث والأخير انطلاقا من مدخل السوق، تقع زنقة الكومندار بروفو، حيث تصطف محلات بيع المنتجات الجلدية التقليدية على أزيد من 200 متر، تليها محلات بيع الملابس الشبابية العصرية التي تمتد إلى غاية مخرج المدينة القديمة الجنوبي عند قوس باب الكبير أمام ساحة الأمم المتحدة. وعند نهاية السوق على اليسار يوجد السماط، وهو عبارة عن ساحة محاطة بسور تضم عشرات المطاعم التقليدية التي تقدم وجبات السمك ووجبات تقليدية مغربية. إذ لا بد لزوار السوق من لقمة لسد الرمق بعد رحلة تسوق صاخبة لكنها ممتعة.

وفي الأزقة الخلفية لهذه المنطقة التي توجد على اليسار على امتداد زنقة الكومندار بروفو تنتصب مجموعة من الفنادق القديمة والرخيصة، أغلب زبائنها من البحارة والمهاجرين الأفارقة. وفي الأزقة المجاورة هناك دور سكنية خصصت طوابقها الأرضية لإيواء صناعات جلدية تقليدية، تنتج أحذية وأحزمة وحقائب سفر وسترات من الجلد. ويوجه الجزء الأكبر من إنتاج هذه الوحدات الصناعية إلى البازارات التي تصطف غير بعيد على طول شارع هوفيت بوانيي في المكان الذي كان يشغله السور الشرقي للمدينة العتيقة، والتي تمتد إلى غاية مدخل ميناء الدار البيضاء.