اقتصاديون إيرانيون لـ «الشرق الأوسط»: تأثير رفع العقوبات على العملة سيكون «بطيئا جدا»

قالوا إن الاقتصاد تلقى مجرد «صدمة إيجابية» بعد استرداد جزء من الأموال المجمدة

TT

قلل اقتصاديون إيرانيون وأكاديميون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من حجم التأثير المباشر على الاقتصاد الإيراني والعملة جراء الرفع الجزئي عن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، مؤكدين أن السوق الإيرانية تلقت الخبر بصورة نفسية إيجابية لا أكثر، وأن التأثير على الاقتصاد الإيراني يحتاج إلى وقت طويل، كما أن انعكاس ذلك على العملة لن يحدث على المدى القصير وسيكون بطيئا جدا.

وكان المصرف المركزي الإيراني تلقى في الأول من شهر فبراير (شباط)، أول دفعة من الأصول الإيرانية بقيمة نحو 550 مليون دولار، ويعد هذا المبلغ المالي الدفعة الأولى من الأصول الإيرانية المجمدة البالغة 4.2 مليار دولار، ومن المتوقع أن تستعيد إيران أموالها التي تم رفع تجميدها بعد الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في مدينة جنيف.

ويعتقد الخبراء أن التطورات بشأن استعادة إيران لأموالها المجمدة ما زالت في مراحلها الأولية، غير أن هذه الخطوة من شأنها أن تنعش الآمال حول وقوع انفراج ملحوظ في الاقتصاد الإيراني عما قريب، كما أعرب المسؤولون الإيرانيون عن أملهم برفع نسبي للقيود القائمة في العلاقات المصرفية بين إيران ودول العالم.

وقال نائب محافظ المصرف المركزي الإيراني علي أكبر كميجاني يوم الخميس الماضي: «توفر هذه الفرصة تسهيلات في كل المبادلات المصرفية والتي تؤدي إلى سهولة أكبر في العلاقات بين النشطاء الاقتصاديين في إيران والمصارف الدولية».

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا عما إذا كان لعملية رفع التجميد عن الأصول الإيرانية، ونقل الدفعة الأولى منها إلى المصارف الإيرانية تأثير مباشر على الاقتصاد الإيراني؟

هنا أكد الأستاذ الجامعي في كلية «علامه طباطبايي» في طهران لـ«الشرق الأوسط» أن التأثير الإيجابي لرفع التجميد عن الأصول الإيرانية سيكون على المدى الطويل، قائلا: «لا نتوقع إزالة المشكلات الكثيرة الناتجة عن غياب العملة بين عشية وضحاها. وعلى الحكومة أن تقوم بوضع خطط منطقية بالاستعانة من آراء الخبراء وأصحاب الرأي في هذا الشأن. ويجب أن نعلم أن النمو والتنمية الاقتصادية في البلاد لن يتحققا في المستقبل القريب إلا من خلال التنسيق ووضع خطط ملائمة».

وتابع: «سيتلقى الاقتصاد الإيراني دون شك صدمة أولية إيجابية بسبب دفع الوجبة الأولى من الأموال المجمدة، ولكن هذه الصدمة تتفاعل في قصير الأمد، وبعد ذلك فيجب التفكير بشكل جوهري لتوظيف المصادر المالية بشكل صحيح».

ويرى الأستاذ الجامعي في جامعة طهران آلبرت بغازيان من جانبه أن البلاد تحتاج إلى مصادر مالية والتزويد بالعلوم المعاصرة لتحقيق التنمية الاقتصادية، مبينا أن رفع التجميد عن أجزاء من المصادر المالية الإيرانية ونقل دفعة منها إلى المصرف المركزي يشجع على المضي قدما في التنمية وتحقيق النمو الاقتصادي المراد».

وأضاف: «تجدر الإشارة إلى أن تحقيق النمو والتنمية في غياب البرامج والمشاريع لا يترك تأثيرا إيجابيا، كالحالة التي مررنا بها خلال الأعوام الثمانية الماضية».

وقال بغازيان: «ينبغي توظيف تجارب الخبراء بهدف استثمار المصادر المالية بشكل مطلوب»، وأعرب عن أمله بأن «تكون النتائج عن رفع التجميد عن الأصول الإيرانية مثمرة وتصب في مصلحة البلاد».

من جهته أكد الأستاذ الجامعي في جامعة أصفهان مسعود حكمت أن تلقي المصرف الإيراني الدفعة الأولى من الأموال المجمدة لم يؤثر على الاقتصاد الإيراني بالمعنى الحقيقي للكلمة، غير أن الأسواق الإيرانية تلقت نفسيا صدمة إيجابية».

وأضاف: «علينا أن نعلم كيفية التوظيف السليم لهذه الأموال إن كان في قطاع الإنتاج أو الاستثمار أو غيرها، ووضع خطط لهذه الغاية»، مشيرا إلى أنه من الضروري أن يتنبه المسؤولون إلى أمر مهم افتقرت الحكومات السابقة إليها وهو ضرورة رسم الخطط الاقتصادية لتحقيق مستقبل أفضل.

ورغم موجة الانفراج الاقتصادي الذي تعيشه إيران على وقع هذه الأخبار، إلا أن وزارة الخزانة الأميركية قالت أول من أمس، إن حكومة الرئيس باراك أوباما استهدفت مجموعة من الشركات في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط بسبب التهرب من العقوبات الأميركية على إيران، وذلك في علامة على أن واشنطن تهدف إلى مواصلة الضغط الاقتصادي على طهران بسبب برنامجها النووي.

وكانت هذه المرة الثانية التي تستهدف فيها الولايات المتحدة المخالفين للعقوبات منذ التوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تقول واشنطن إنها ستواصل تنفيذ العقوبات إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق أكثر شمولا لمنع إيران من اكتساب أسلحة نووية. وقال مسؤول كبير في الخزانة للصحافيين: «إننا نعتقد اعتقادا قويا أن مواصلة ضغوط العقوبات ستكون بالغة الأهمية».

وبموجب ذلك الاتفاق بين إيران والقوى العالمية الست ومنها الولايات المتحدة وافقت طهران على الحد من أنشطتها النووية الحساسة في مقابل بعض التخفيف للعقوبات، ومن ذلك الإفراج عن 4.2 مليار دولار من أموال مبيعات النفط المودعة في الخارج. وأكد مسؤولون كبار بالحكومة الأميركية في شهادة للمشرعين في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع أن واشنطن ستستمر في تنفيذ عقوباتها الحالية على إيران.

وبدافع القلق من الوفود التجارية مثل الزيارة التي قام بها لطهران هذا الأسبوع وفد من 100 من رجال الأعمال من أكبر الشركات الفرنسية يريد بعض الأعضاء في الكونغرس توسيع نظام العقوبات على الرغم من اعتراضات حكومة أوباما.

وتمنع الإجراءات التي اتخذتها واشنطن قبل أيام تلك الشركات والأفراد من إجراء تعاملات مالية في نطاق الولاية القضائية للولايات المتحدة، وهي شركات وأفراد مقرهم في تركيا وإسبانيا وألمانيا وجورجيا وأفغانستان وإيران وليختنشتاين والإمارات.

وأضافت الوزارة في بيان أن البعض يساعد إيران على التهرب من العقوبات على صادرات النفط وكذلك في جهودها لاكتساب تقنيات نووية وعسكرية محظورة. وكان بين هؤلاء شركة إسبانية قالت الولايات المتحدة إنها تساعد الصناعة النووية في إيران.

ويسعى بعض المشرعين الأميركيين إلى فرض عقوبات جديدة على إيران لكن حكومة أوباما تعمل من أجل تفادي عقوبات جديدة لإتاحة فرصة للجهود الدبلوماسية لتسوية النزاع النووي.

وألقى السناتور روبرت ميننديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ كلمة استمرت 45 دقيقة يوم الخميس جادل فيها بأنه يجب المضي قدما في إقرار مشروع قانون العقوبات الذي تعثر في الكونغرس. وفرضت الخزانة أيضا على إيران عقوبات في ديسمبر (كانون الأول) بعد وقت قصير من إبرام الاتفاق المؤقت ووضعت في القائمة السوداء عدة شركات وأفراد لمساندتهم البرنامج النووي لإيران.