السعودية تدعو للتوازن بين المخاوف البيئية ودعم انتعاش الاقتصاد العالمي

مجموعة الفكر المتقارب من الدول النامية تبدأ خارطة العمل نحو تقليل التلوث البيئي

المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته الافتتاحية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أكد فيه المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، على أهمية عدم تأثر عملية الانتعاش الاقتصادي التي يشهدها العالم بتنفيذ أي إجراءات أو آليات تستهدف خفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، أكد الدكتور عبد العزيز داغستاني، رئيس دار الدراسات الاقتصادية بالرياض، أن القضاء على التلوث يتطلب تكلفة سيدفعها الاقتصاد بشكل كامل.

وقال الدكتور داغستاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على هامش الاجتماع التنسيقي لمجموعة الفكر المتقارب من الدول النامية، الخاص بقضايا البيئة والتغير المناخي في الرياض أمس «القضاء على التلوث في العالم يتطلب تكلفة يجب أن يدفعها الاقتصاد، إلا أنها تكلفة مبررة، لأنها تقود إلى المحافظة على البيئة وصحة الإنسان والشجر وغيرها».

ولفت رئيس دار الدراسات الاقتصادية بالرياض خلال حديثه إلى أنه حان الوقت المناسب لإيجاد آلية معينة للمصانع التي تؤثر على البيئة من خلال تداخل مقراتها الجغرافية مع المدن المأهولة بالسكان، مضيفا «في السعودية نعاني من وجود مثل هذه المصانع، ونتمنى أن تكون هنالك تحركات جوهرية تقود إلى التقليل من تأثير هذه المصانع على البيئة وصحة الإنسان».

وفي السياق ذاته، أكد المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، في كلمته الافتتاحية للاجتماع التنسيقي لمجموعة الفكر المتقارب من الدول النامية، الخاص بقضايا البيئة والتغير المناخي في الرياض أمس، على وجود مشاعر خوف وقلق في المجتمع الدولي تجاه الآثار السلبية المحتملة المصاحبة لظاهرة تغيُّر المناخ، عادا الهدف المتمثل في خفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري أحد التحديات المهمة التي يواجهها العالم في القرن الحادي والعشرين.

وقال النعيمي «أي إجراء يتعلق بخفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري يجب أن يأخذ في عين الاعتبار المبادئ الواردة في الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي، خاصة تلك المبادئ المتعلقة بالإنصاف والمسؤوليات المشتركة والمتباينة، فضلا عن الظروف الوطنية الخاصة بكل دولة من الدول المعنية، وإضافة إلى ذلك يتعين على الدول الصناعية أن تأخذ بزمام المبادرة في ما يتعلق بخفض انبعاثات هذه الغازات، وأن تعمل على توفير التمويل، وبناء القدرات، ومساندة عملية نقل التقنية اللازمة لتحقيق هذا الهدف إلى الدول النامية».

وأكد وزير البترول السعودي على أهمية المحافظة على الانتعاش الاقتصادي للعالم، وقال «يجب علينا أن نتوخى الحيطة والحذر في تنفيذ أي إجراءات أو آليات لئلا نؤثر على عملية الانتعاش الاقتصادي التي يشهدها العالم، كما يجب علينا ألا نعوق مسيرة التنمية الاقتصادية التي تشهدها بلادنا عبر تطبيق ترتيبات وإجراءات غير ملائمة تفتقر إلى جانب العدل والإنصاف، وذلك في الوقت الذي يجب علينا ألا نهمل فيه المسؤوليات البيئية الملقاة على عواتقنا أو نتجاهلها، وبعبارات أخرى، يجب علينا أن نضطلع بمسؤولياتنا في جميع الركائز الثلاث المكوِّنة للتنمية المستدامة بصورة متماسكة وشاملة.. والمقصود هنا الركيزة الاقتصادية، والركيزة الاجتماعية، والركيزة البيئية».

وأضاف المهندس النعيمي قائلا «لقد حققت هذه المجموعة، وأعني بها مجموعة الدول ذات المواقف المشتركة، تقدما ملموسا ومهما نحو تحقيق هدفنا المشترك، وحتى هذه اللحظة شكل تضامننا وتماسكنا مع بعضنا البعض حجر الزاوية والعامل الأهم في نجاحنا هذا، وفي الوقت الذي نخطو فيه بخطى وئيدة وثابتة نحو عام 2015، فإنه يجب علينا أن نحافظ على علاقتنا العملية الجيدة، وأن نحسِّن من مشاركتنا السياسية، وأن نستمر في الدفع نحو مشاركة رفيعة المستوى».

وتطرق وزير البترول السعودي خلال كلمته إلى النتائج التي تمخض عنها اجتماع وارسو الأخير، مؤكدا أهمية عام 2014 في ما يتعلق بالعمل نحو تحقيق الهدف المشترك في مؤتمر المناخ في باريس عام 2015 من أجل الوصول إلى اتفاقية ما بعد عام 2020، وقال «لقد حققنا تقدمًا مهمًا في مؤتمر وارسو لتغير المناخ، وهو المؤتمر الذي عقد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث اتفقنا على خارطة طريق لعام 2015، فعلى صعيد الفريق العامل المعني بمنهاج ديربان للعمل المعزز، نجحنا في تغيير مصطلح التزامات إلى إسهامات، وهو الأمر الذي أغلق الباب المتعلق بنقل الأعباء المستقبلية إلى الدول النامية، ونجحنا كذلك في ترسيخ أهمية وسائل التنفيذ المستقبلية، أما في ما يتعلق بالجانب المالي فقد حققنا تقدما على صعيد التمويل قريب المدى، للدول النامية المستحقة، وقد مهدنا الطريق كذلك أمام تحسين العنصر التقني، كما نجحنا في مجالات رصد الانبعاثات والإبلاغ عنها والتحقق منها، بصورة غير إلزامية على الدول النامية، ونجحنا أيضا على صعيد ترتيبات الاستجابة من خلال تقوية موقفنا وتعزيزه داخل المنتدى».

ولفت المهندس النعيمي النظر إلى أن هذه الإنجازات تشكّل الأساس الذي تستند إليه الدول الأعضاء في مؤتمر 2015، وقال «من خلال تضامننا واتحادنا مع بعضنا البعض، يمكننا المحافظة على هذه الإنجازات، والعمل من خلالها لتكون بمثابة اللبنات التي نبني عليها اتفاقية ما بعد عام 2020».

وتحدث النعيمي خلال كلمته عن التوقعات المستقبلية، قائلا «أولا، يجب علينا حماية مبادئ المعاهدة، ويجب علينا أن نعمل على كيفية الاستفادة من الإسهامات وآليات رصد الانبعاثات والإبلاغ عنها والتحقق منها بصورة لا تفرض أي مسؤوليات أو التزامات على الدول النامية، كما نحتاج أيضا إلى أن نتأكد من إدراكنا ووعينا الكامل بالتطورات الأخرى التي تجري في العالم، خاصة في ما يتعلق بالإبلاغ عن التكيف والتخفيف وتحقيق التوازن بينهما، وثانيا، يجب ألا يمس النظام الجديد برامج التنمية الوطنية وألا يؤثر عليها سلبا، ففي هذا الصدد، تبرز المملكة كونها دليلا واضحًا على أن تنويع مصادر الاقتصاد الوطني يكتسب أهمية جوهرية ومحورية لمستقبلها، فالمملكة تقفز قفزات هائلة في مجال تطوير أنظمتها الصناعية والتعليمية، وقطاع البحث والتطوير، وجميع جوانب الاقتصاد فيها بوجه عام، وعليه فإنه يجب على النظام الجديد ألا يكون عائقًا أو حجر عثرة أمام هذا التقدم، وألا يكون كذلك أمام التطلعات المستقبلية لمجموعة الدول النامية ذات المواقف المشتركة، وذلك من خلال رفع القدرة على المرونة والتكيف، ومن خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعناها لأنفسنا في ما يتعلق بظاهرة تغير المناخ».