«مجموعة العشرين» تستهدف زيادة النمو العالمي بأكثر من اثنين في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة

توافق حول النمو والتهرب الضريبي.. وتجاهل لأوكرانيا

جانيت يلين رئيسة الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) الجديدة التي تشارك لأول في اجتماعات مجموعة العشرين إلى جانب غلان ستيفنس رئيس المركزي الأسترالي (أ.ب)
TT

تبنت أكبر الاقتصادات في العالم هدفا لزيادة الناتج الاقتصادي أكثر من تريليوني دولار على مدى خمس سنوات وتوفير عشرات الملايين من فرص العمل الجديدة، مما يشير إلى تفاؤل باجتياز المرحلة الأصعب من سياسات التقشف التي فرضتها الأزمة.

وقد حددت دول مجموعة العشرين هدفا لها هو زيادة نسبة النمو اثنين في المائة إضافية في السنوات الخمس المقبلة، ووعدت بأن تستمر المصارف المركزية في «التواصل بوضوح» بشأن سياساتها النقدية.

وقالت الدول الأعضاء في بيانها الختامي في سيدني إنها تتعهد «بتطوير سياسات طموحة، لكن واقعية، من أجل زيادة النسبة الحالية لنمو إجمالي الناتج الداخلي الجماعي بمقدار اثنين في المائة للسنوات الخمس المقبلة».

وقال البيان الختامي أمس للاجتماع الذي استمر يومين لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، في سيدني، إنهم سيأخذون خطوات ملموسة لتنفيذ إصلاحات تشمل زيادة الاستثمار والتوظيف. وتشكل المجموعة نحو 85 في المائة من الاقتصاد العالمي.

وبحسب «رويترز» قال البيان: «سنضع سياسات تتسم بالطموح والواقعية بهدف زيادة الناتج المحلي الإجمالي لدولنا أكثر من اثنين في المائة فوق المنحنى الذي تنبئ به السياسات الراهنة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة».

وأشاد بالخطة جو هوكي وزير الخزانة الأسترالي الذي استضافت بلاده الاجتماع، وقال إنها تدشن فجرا جديدا للتعاون داخل مجموعة العشرين.

وأبلغ هوكي مؤتمرا صحافيا: «حددنا رقما للمرة الأولى.. حددنا رقما حقيقيا للهدف الذي نسعى لتحقيقه.. نريد أن نزيد حجم النشاط الاقتصادي أكثر من تريليوني دولار ونوفر عشرات الملايين من الوظائف الجديدة».

وله أن يزهو بالاتفاق بعد أن كان في صدارة الداعين إلى تعزيز النمو في مواجهة بعض التشكك، لا سيما من ألمانيا.

وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله عقب الاجتماع: «معدلات النمو التي يمكن تحقيقها نتاج عملية بالغة التعقيد.. نتائج هذه العملية لا يمكن أن يضمنها الساسة».

وتتولى أستراليا رئاسة مجموعة العشرين هذا العام بعد روسيا في 2013 وقبل تركيا التي تتولاها العام المقبل.

وتقتبس خطة النمو بالجملة من ورقة أعدها صندوق النقد الدولي لاجتماع سيدني تقول إن الإصلاحات الهيكلية سترفع الناتج الاقتصادي العالمي نحو 0.5 في المائة سنويا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة مما يعزز الناتج العالمي بمقدار 2.25 تريليون دولار.

ويتوقع صندوق النقد نموا عالميا بمقدار 3.75 في المائة هذا العام وأربعة في المائة في 2015.

لكن لا توجد خارطة طريق حتى الآن للكيفية التي تنوي بها الدول تحقيق ذلك أو لتداعيات الإخفاق. وأراد المجتمعون تحديد الهدف، ثم تضع كل دولة خطة عمل واستراتيجية نمو لعرضها خلال قمة زعماء مجموعة العشرين التي تستضيفها برزبين في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال هوكي: «ستضع كل دولة خطتها الخاصة بها للنمو الاقتصادي.. سيقع العبء الثقيل على عاتق كل دولة».

لكن الاتفاق يأتي على هدف «خطوة للأمام» بالنسبة للمجموعة التي فشلت من قبل في التوصل إلى أهداف للميزانيات أو ميزان المعاملات الجارية. والتغير الحاصل تغير كبير عن الاجتماعات الأخيرة عندما كان الجدل ما زال محتدما بشأن أين ينبغي أن ينصب التركيز.. على النمو أم على التقشف.

وتخشى أسواق المال من احتمال حدوث خلافات بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، لكن لا يوجد ما ينبئ بمشاكل.

وقال هيو مكاي، الاقتصادي الكبير في «وستباك»: «يفهم من نص البيان أن الموقف الأميركي المعتاد الذي يعد الشيء المفيد للب الاقتصاد العالمي مفيدا للجميع، قد انتصر». وأضافت أن «هذا يعني زيادة قدرها أكثر من تريليوني دولار في الواقع، وسيؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد الوظائف»، مؤكدة أن مواجهة التحديات «تتطلب طموحا».

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو العالمي 3.7 في المائة هذه السنة، و3.9 في المائة في 2015.

وكانت ألمانيا متحفظة على تحديد هدف بالأرقام للنمو في البيان الختامي، لكن هذه المبادرة تلقى دعم فرنسا وأستراليا وبريطانيا وصندوق النقد الدولي.

من جهة أخرى، تعهدت الدول الأعضاء في مجموعة العشرين بأن تستمر مصارفها المركزية في «التواصل بوضوح» وفي متابعة «انعكاسات سياساتها على الاقتصاد العالمي».

وشهدت دول ناشئة عدة بينها الهند وتركيا والأرجنتين وجنوب أفريقيا، تراجعا كبيرا في أسعار عملاتها في الأشهر الأخيرة بسبب خفض المشتريات الشهرية من الأصول من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يدفع المستثمرين إلى سحب أموالهم من هذه البلدان وإعادتها إلى الولايات المتحدة.

وعشية اجتماع مجموعة العشرين، طلبت إندونيسيا وجنوب أفريقيا من الاحتياطي الفيدرالي الإبلاغ بشكل أفضل بسياسته النقدية.

وعبرت مجموعة العشرين عن «أسفها العميق» لعدم تطبيق الإصلاحات التي تتعلق بالحصص وبإدارة صندوق النقد الدولي التي أقرت في 2010، حتى الآن.

وقالت المجموعة إن «أولويتنا ما زالت المصادقة على الإصلاحات التي أقرت في 2012، ونطلب من الولايات المتحدة البدء بذلك قبل اجتماعنا المقبل في أبريل (نيسان) المقبل.

وينص اتفاق 2010 على مضاعفة رأسمال الصندوق (من الحصص) وإعادة توزيع العمل لمصلحة الدول الناشئة في الصندوق الذي يهيمن عليه الأميركيون والأوروبيون منذ تأسيسه.

لكن الكونغرس الأميركي لم يصادق حتى الآن على الإصلاحات.

وقد شددت دول مجموعة العشرين على النمو، وحاولت تهدئة قلق البلدان الناشئة، وعززت جهودها في مجال مكافحة التهرب الضريبي، لكن أوكرانيا التي تشكل موضوع مواجهة بين الغرب وموسكو لم يرد ذكرها في البيان الختامي.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد صرح وزير المال الفرنسي بيار موسكوفيسي أن «هذا يسمح بقياس الطريق الذي قطعناه منذ الأزمة المالية». وذكر بأنه «في 2010 تعهدنا بخفض العجز في الميزانيات، وفي 2012 كنا نتحدث عن بقاء منطقة اليورو».

وأضاف: «اليوم نتحدث عن النمو».

وشددت المديرة العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على «مستوى التعاون في هذا الاجتماع» الذي كان كثيرون يتوقعون أن يسوده التوتر بسبب شكاوى الدول الناشئة.

وقالت: «تبادلنا وجهات النظر وبرهنا على احترام لسياسات كل منا وتفهم للآثار الجانبية الذي يمكن أن تسببه (سياسات) على دول أخرى»، مشيدة «بالروح الممتازة» التي سادت الاجتماع.

من جهة أخرى، قطعت المجموعة مرحلة جديدة في مكافحة التهرب الضريبي عبر موافقتها على معايير تبادل آلية للمعطيات الضريبية وضعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وتعهدت أكثر من 42 دولة بتطبيقها.

وقال الأمين العام للمنظمة أنخيل غوريا إن هذه المعايير «ستعزز التعاون الضريبي الدولي وتساوي بين الدول عندما تسعى إلى حماية نزاهة أنظمتها الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي».

ويفترض أن يبدأ في 2015 تطبيق هذه الآلية التي تتجاوز التعاون الذي يعتمد على حسن نية الدول المعنية المختلفة.

وأخيرا، عبرت مجموعة العشرين عن «أسفها العميق» لعدم تطبيق الإصلاحات التي تتعلق بالحصص وبإدارة صندوق النقد الدولي التي أقرت في 2010، حتى الآن. وقالت إن «أولويتنا ما زالت المصادقة على الإصلاحات التي أقرت في 2012، ونطلب من الولايات المتحدة البدء بذلك قبل اجتماعنا المقبل في أبريل».

وينص اتفاق 2010 على مضاعفة رأسمال الصندوق (من الحصص) وإعادة توزيع العمل لمصلحة الدول الناشئة في الصندوق الذي يهيمن عليه الأميركيون والأوروبيون منذ تأسيسه. لكن الكونغرس الأميركي لم يصادق حتى الآن على الإصلاحات.