السعودية تصدر ثمانية تراخيص جديدة لأنشطة التمويل.. والقطاع العقاري يتصدرها

البنوك تشترط رهن العقار وضمان التدفقات المالية لمواجهة شبح تصحيح الأسعار

أسعار العقارات في السعودية ما زالت تشكل هاجسا كبيرا أمام القنوات التمويلية («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة جديدة من شأنها تعزيز حجم المنافذ التمويلية أمام المواطنين الراغبين في شراء المساكن والأراضي، أصدر البنك المركزي السعودي، يوم أمس، موافقته الرسمية على إصدار ثمانية تراخيص لشركات وبنوك محلية، وهي التراخيص التي تسمح بممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة التمويل في المملكة، والتي جاء في مقدمتها نشاط التمويل العقاري.

ورغم إصدار السعودية ثمانية تراخيص جديدة تعنى في مجملها بالتمويل العقاري، فإن الأسعار المتضخمة للأراضي والمساكن في البلاد ما زالت تشكل هاجسا ملحا أمام البنوك المحلية والشركات الممولة، وهو ما دفع بعض هذه البنوك والشركات بحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، إلى تثبيت شرط رهن العقار باسم البنك الممول، إضافة إلى ضمان الراتب (التدفقات النقدية) للشخص الذي تم تمويله.

وفي ضوء ذلك، أكد فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس؛ أن ترخيص مؤسسة النقد العربي السعودي لثماني شركات وبنوك محلية لممارسة أنشطة التمويل العقارية، سيقود إلى توفير سيولة كافية لتمويل المواطنين الراغبين في شراء المساكن، أو توفير التمويل اللازم لبناء وحدات سكنية على أراضٍ يمتلكونها.

وحول تحفظ البنوك والشركات الممولة من خلال زيادة صرامة اشتراطاتها، قال البوعينين: «البنوك السعودية بطبيعتها متحفظة، حيث تقدم التمويل العقاري من خلال ضمانين، الضمان الأول يعتمد على رهن العقار باسمها، فيما يتعلق الضمان الثاني باستقطاع جزء من الراتب أو التدفقات النقدية وفق صيغة اتفاقية تضمن الاستمرارية، وجميع هذه الاشتراطات تقلل من حجم المخاطر المتوقعة التي قد تواجهها في حال تعثر العميل عن السداد، أو تصحيح الأسعار».

وأشار إلى أن تحديد مؤسسة النقد السعودي سقفا أعلى من حيث معدلات التمويل العقاري المسموح به، يخفض من أثر الأزمة في حال تراجع أسعار العقارات والمساكن في المستقبل، موضحا أن الشريحة المستفيدة من برامج التمويل العقاري الجديدة من المتوقع أن تكون أصحاب الدخول الجيدة من المواطنين، مرجعا ذلك إلى تضخم أسعار العقارات في البلاد.

وقال البوعينين: «يمكن لشركات التطوير العقاري من خلال أنظمة التمويل الجديدة، القيام بعمليات البناء لأراضي المواطنين الراغبين في استثمارها سكنيا، خصوصا أن بعضا من المواطنين يمتلكون الأراضي لكنهم لا يستطيعون بناءها في ظل تضخم تكاليف البناء»، مضيفا: «يفترض أن تتدخل وزارة الإسكان لإعادة السوق العقارية إلى وضعها الطبيعي، ما يساعد على زيادة معدلات تملك المواطنين للمساكن، إضافة إلى تحقيق الأمن للقطاع المالي لمواجهة الأخطار التي قد تحدث في حال تصحيح السوق العقارية الأسعار مستقبلا».

من جهة أخرى، أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) «ساما»، أمس، ثمانية تراخيص لشركات وبنوك محلية لممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة التمويل في المملكة.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور فهد المبارك، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن التراخيص التي أصدرتها «ساما» أمس شملت الترخيص لشركة أوركس السعودية للتأجير التمويلي بممارسة نشاط الإيجار التمويلي، والترخيص لمجموعة سامبا المالية بممارسة نشاط التمويل العقاري، والترخيص للبنك الأهلي التجاري بممارسة نشاطي التمويل العقاري والإيجار التمويلي، والترخيص لشركة اليسر بممارسة أنشطة الإيجار التمويلي وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى جانب التمويل الاستهلاكي.

كما شملت التراخيص الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، بحسب محافظ المؤسسة، الترخيص للبنك السعودي الفرنسي بممارسة نشاط التمويل العقاري، والترخيص لبنك البلاد بممارسة نشاطي التمويل العقاري والإيجار التمويلي، إضافة إلى الترخيص لمصرف الراجحي بممارسة نشاطي التمويل العقاري والإيجار التمويلي، والترخيص للشركة السعودية لتمويل المساكن «سهل» بممارسة نشاط التمويل العقاري.

وبيّن الدكتور المبارك أن عدد البنوك والشركات التي تم الترخيص لها بممارسة أنشطة التمويل وفقا لأنظمة التمويل ولوائحها التنفيذية في السعودية حتى اليوم، بلغ 8 بنوك و6 شركات، مشيرا إلى أن مؤسسة النقد تستكمل حاليا دراسة بقية الطلبات، مؤكدا ضرورة قيام البنوك وشركات التمويل المرخصة بتقديم طلباتها للمؤسسة للموافقة على منتجاتها التمويلية المختلفة بما يتوافق مع أنظمة التمويل ولوائحها التنفيذية.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي توصّلت فيه السعودية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى قرار جديد من شأنه تسريع وتيرة تطوير المشروعات العقارية في البلاد، جاء ذلك عقب أن قررت السماح لصناديق الاستثمار العقارية بمزاولة نشاط بيع الوحدات العقارية على الخريطة، وهو القرار الذي سيقود، بحسب تصريحات اللجنة الوطنية العقارية لـ«الشرق الأوسط» حينها، إلى تقليل اعتماد المطورين العقاريين على «البنوك» التجارية في الحصول على التمويلات المالية اللازمة.

وفي هذا الشأن، أعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية، ممثلة في الأمانة العامة للجنة بيع الوحدات العقارية على الخريطة؛ البدء في السماح لصناديق الاستثمار العقارية بمزاولة نشاط بيع الوحدات العقارية على الخريطة، وذلك بعد توصلها مع هيئة السوق المالية في البلاد إلى صيغة للإطار العام المنظم للصناديق التي ترغب في ممارسة هذا النشاط، وذلك امتدادا لقرار مجلس الوزراء الصادر في هذا الشأن، ولائحة صناديق الاستثمار العقاري الصادرة بقرار مجلس هيئة السوق المالية.

وتعليقا على هذا، أكد المهندس محمد الخليل، نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، حينها؛ أن قرار البيع على الخريطة الجديد يسمح للصناديق العقارية بشراء مشروعات عقارية لم يجر تنفيذها أو حتى الانتهاء منها من قبل المطورين العقاريين، وقال: «هذا القرار سيقود إلى نشاط كبير في قطاع البناء، كما أنه سيقلل من اعتماد المطورين على التمويل البنكي الذي يزيد فاتورة التكاليف، بسبب معدلات الفائدة التي تتحصل عليها البنوك مقابل تقديم هذه التمويلات».

وأشار المهندس الخليل إلى أن قرار السماح لصناديق الاستثمار العقارية بمزاولة نشاط بيع الوحدات العقارية على الخريطة، سيقود إلى زيادة عدد الصناديق العقارية الاستثمارية التي تقبع تحت مظلة هيئة السوق المالية في البلاد، مؤكدا أنه من أهم القرارات التي ستؤثر في عملية تسريع وتيرة تطوير المشروعات العقارية في السوق السعودية.