ارتفاع تكاليف المعيشة في سوريا يزيد الإقبال على المواد الغذائية المغشوشة

محدودو الدخل يشترونها رغم درايتهم بأن احتمال الغش فيها كبير

أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

انتشرت في الآونة الأخيرة مواد غذائية مغشوشة في أسواق العاصمة السورية دمشق، حيث دفع رخص ثمنها الكثير من السوريين إلى الإقبال عليها، بعيدا عن جودتها أو خطورتها صحيا، نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير على خلفية الأحداث التي تشهدها البلاد.

وشملت قائمة المواد المغشوشة الكثير من الأصناف، في مقدمتها اللبنة والطحينة والزيوت واللحوم ورب البندورة والسمنة، حيث انتشرت هذه المواد على الكثير من البسطات بالأسواق والشوارع الرئيسة بدمشق.

وتقول سلام، متزوجة ولديها طفلان، إن كيلو الجبنة البلدية يباع على البسطات بقرابة 400 ليرة، (الدولار في السوق الحرة يساوي 155 ليرة)، في حين يبلغ سعره في المحال 700 ليرة، كما يصل سعر كيلو اللبنة إلى نحو 300 ليرة، بينما يباع في المحال بـ550 ليرة، وغير ذلك الكثير.

وأوضحت سلام الحسن أن «ارتفاع الأسعار أجبر محدودي الدخل الذين تقلصت القدرة الشرائية لديهم على شراء هذه المواد رغم درايتهم بأن احتمال الغش فيها كبير جدا، لكن سعرها مقبول لديهم، لا سيما مع ارتفاع تكاليف المعيشة».

وأكد ممدوح المحميد أن «أغلب المواد الغذائية التي تباع على البسطات مغشوشة، لكن الفرق فيما بينها هو بنسبة الغش، فمنها ما قد يكون مقبولا إلى درجة ما وأخرى غير مقبولة بتاتا، بل قد تؤدي إلى التأثير صحيا على المستهلك، ومن ثم يجب عدم شرائها رغم سعرها الزهيد».

ويشتري ممدوح من معظم هذه المواد، لكنه لا يفضل نهائيا شراء اللحوم لما قد يشكل الغش فيه من أضرار صحية.

في حين يدافع أبو عبدو، صاحب إحدى البسطات، عن نوعية المواد التي يبيعها إزاء شبهة الغش، ويحاول تبرير أسعارها المنخفضة نسبيا عن مثيلاتها في المحلات بأنه يقوم بإعدادها منزليا، لذلك تقل التكلفة لديه بشكل كبير.

ونقلت وسائل إعلام مقربة من الحكومة السورية عن رئيس «اتحاد الحرفيين في دمشق»، مروان دباس، قوله أخيرا إن «عمليات الغش في الأسواق وصلت إلى درجة لا يقبلها العقل»، لكنه شدد على أن الاتحاد منظمة شعبية «لا يملك صلاحيات لاتخاذ أي إجراء حيال أي مخالفة».

ولفت إلى أن هناك الكثير من العبوات الغذائية المزورة التي طرحت في الأسواق دون تاريخ صلاحية ودون لصاقات أو حماية ملكية، موضحا أن انتشار الغش وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يعود إلى غياب الرقابة التموينية والصحية عن أسواق دمشق.

من جهتها، تقر مصادر رسمية تابعة للسلطات بانتشار ظاهرة الغش، وخاصة «في اللبنة والطحينة والزيوت واللحوم ورب البندورة»، مشيرة إلى أنها نظمت الكثير من العمليات لضبط مثل هذه الحالات، وإحالة المخالفين إلى القضاء، دون لمس نتائج لذلك على أرض الواقع.

ومع تقصير الجهات الرقابية المختصة بالقيام بدورها للحد من هذه الظاهرة المتنامية، فإن السوريين يرون في هذه المواد رغم نسب الغش فيها التي قد تكون كبيرة بعض الأحيان، ما يتماشى مع قدرتهم الشرائية ومن ثم سيبقون يشترون منها مضطرين غير مقتنعين.