خلاف أوروبي حول مشاريع قوانين الوحدة المصرفية

اتفاق في بروكسل على اعتماد برنامج لمكافحة تزييف العملة الموحدة للاتحاد.. و150 مليون يورو لمساعدة قبرص

TT

اعتمد الاتحاد الأوروبي برنامجا لمكافحة تزوير اليورو (العملة الأوروبية الموحدة)، وجاء ذلك خلال اجتماعات لوزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي ببروكسل، التي انطلقت أول من أمس عبر وزراء دول منطقة اليورو، واستأنفت أمس بشكل موسع. وانعقدت الاجتماعات بهدف التحضير الجيد للقمة الأوروبية المقررة يومي 20 و21 مارس (آذار) الحالي. وفي ختام اليوم الأول من الاجتماعات وافق وزراء مالية مجموعة اليورو التي تضم 18 دولة، على صرف دفعة جديدة قيمتها 150 مليون يورو لقبرص في بداية أبريل (نيسان) المقبل.

وقال الوزراء في بيان عقب اجتماعهم: «نلاحظ بارتياح علامات التحسن في الاستقرار المالي الكلي في وقت يتقدم فيه تنفيذ البرنامج في قبرص». وأشاروا إلى أنه من المتوقع أن يتخذ صندوق النقد الدولي قريبا قرارا بصرف 86 مليون يورو أخرى. وكان الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قد اتفقا عام 2013 على تقديم حزمة لقبرص بقيمة عشرة مليارات يورو لإنقاذها من الإفلاس. ويجري دفع المبالغ الخاصة بتلك الحزمة على أقساط بعد إجراء استعراض دوري لبرنامج التكيف الاقتصادي القبرصي من قبل كلا الطرفين.

وفي اليوم التالي رحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل، باعتماد الدول الأعضاء ما يعرف بـ«برنامج بريكليس 2020 لمواجهة تزييف اليورو»، وجرى ذلك خلال اجتماع وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي. وقال المفوض الأوروبي المكلف بشؤون مكافحة الغش ألجيرداس سيميتا، إن اليورو يعد واحدا من الأمور الأكثر قيمة في الاتحاد الأوروبي، و«تجب علينا حمايته من الإساءة الجنائية، وفي الوقت نفسه نحمي الأفراد والشركات من التعامل مع أموال وهمية»، وأضاف المسؤول الأوروبي أن البرنامج الجديد يوفر للسلطات المعنية الفرصة للقيام بعملها في الكشف وتضييق الخناق على عمليات تزييف اليورو من خلال العمل المشترك في بيئة من الثقة والتعاون المشترك وتبادل المعلومات، ويتكلف «برنامج بريكليس 2020» بشكل سنوي مليون يورو ويساهم في تعزيز اليقظة المستمرة والتدريب والمساعدة التقنية لتوفير الحماية اللازمة لليورو ضد التزوير، و«سوف يدخل البرنامج الإطار التنفيذي بمجرد نشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي».

وعكف الوزراء الثلاثاء الماضي أيضا على دراسة مشاريع قوانين الوحدة المصرفية، والهدف هو إيجاد اتفاق كامل حول الوحدة المصرفية يقر قبل نهاية ولاية البرلمان الأوروبي الحالي. وكان رئيس مجموعة اليورو جيرون دايسلبلوم أشار إلى صعوبة الاتفاق قائلا إنه «على البرلمان الأوروبي أن يدرك أن عناصر الاتفاق الأساسية بحاجة إلى توافق حكومات الاتحاد أولا على تاريخ البدء بتطبيق الوحدة المصرفية، وثانيا على كيفية ضخ واستخدام الأموال المودعة في الصناديق التمويلية».

مباحثات الوزراء تناولت حاليا الشق المتعلق بتنظيم إفلاس المصارف المتعثرة بعد أن جرى الاتفاق سابقا على كيفية مراقبة النظام المصرفي من قبل البنك المركزي الأوروبي. بيار موسكوفيسي وزير المالية الفرنسي أوضح أن «فرنسا ترغب في تحسين أسس الاتفاق الذي أقر نهاية العام الماضي، والبرلمان الأوروبي طرح أمورا تساهم بجعل الوحدة المصرفية أكثر فعالية». التدابير المصرفية والمالية المطلوبة أوروبيا على الصعيد الرسمي والمؤسساتي تهدف أولا إلى عدم تحميل المدخرين مستقبلا تبعات أية أزمة مالية تتسبب فيها المصارف. وكانت المفوضية قدمت مقترحات في خريف 2010 وبدأت مفاوضات في 2011 بين البرلمان الأوروبي والرئاسة الدورية للاتحاد، وصوت البرلمان على القراءة الأولى لتلك التشريعات في فبراير (شباط) 2012 وجرت محادثات جديدة في يوليو (تموز) من العام الماضي، وجرى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد عامين من المفاوضات الصعبة على تشريع ملزم يحمي أموال ومدخرات الخواص في المصارف الأوروبية. وأعلن وقتها مفوض الخدمات المالية الأوروبي ميشال بارنيه أن هذه الخطوة التي تعد حاسمة على طريق استكمال الاتحاد البنكي الأوروبي الجاري إرساؤه، تتضمن حماية مبلغ 100 ألف يورو لكل مودع وصاحب حساب على الأقل إذا ما تعرض البنك الذي يتعامل معه لضائقة مالية. ويهدف القانون إلى حماية أصحاب الحسابات الخاصة وإلى ما تصل قيمته إلى 100 ألف يورو.

وبحسب الاتفاق، ستجري مطالبة المصارف الأوروبية أيضا بتكريس مبالغ مالية محددة لتعويض المدخرين وبشكل ملزم. وعدّ المسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن حماية المدخرات المصرفية للخواص واحدة من الركائز الرئيسة الثلاث للاتحاد المصرفي في منطقة اليورو، وتعمل جنبا إلى جنب مع إرساء نظام واحد للإشراف المصرفي وآلية لحل البنود المتعثرة في أوقات الأزمات. وحرص البرلمان الأوروبي على أن تتحمل المصارف تكاليف الأزمات المصرفية في المستقبل بدلا من دافعي الضرائب. ويمهل الاتفاق البنوك عشر سنوات لإنشاء صندوق بقيمة 0.8 في المائة على الأقل من ودائعها. ويخفض الاتفاق أيضا من المدة التي يحتاجها المودعون للانتظار لتلقي ودائعهم من 20 يوما إلى 15 يوما مع مطلع عام 2019، وفي نهاية المطاف، إلى سبعة أيام بحلول عام 2024.

وفي الشهر الماضي، ظهر واضحا للمراقبين أن الاتحاد المصرفي الأوروبي يواجه عقبة رئيسة تتمثل في استمرار الخلاف بين البرلمان الأوروبي من جهة، والمجلس الوزاري الأوروبي الذي يمثل حكومات الدول الأعضاء من جهة أخرى، حول آلية قرار موحد لإنقاذ البنوك المتعثرة، وقد صوت أعضاء البرلمان الشهر الماضي بأغلبية كبيرة في ستراسبورغ على نص قرار يؤيد موقف الفريق التفاوضي للبرلمان في محادثاته مع المؤسسات الاتحادية الأخرى في هذا الصدد، ووافق على القرار 441 صوتا مقابل 141 وامتناع 173 عضوا عن التصويت، وقبل وقت قصير من التصويت انتقد زعماء المجموعات البرلمانية موقف المجلس الوزاري الأوروبي الذي يؤدي، بحسب قولهم، إلى مضيعة للوقت الثمين. وقال بيان للبرلمان الأوروبي إنه طوال التفاوض مع الرئاسة اليونانية الحالية للاتحاد وممثلي البرلمان الأوروبي، جرى التأكيد على أن الطرح الذي تؤيده الدول الأعضاء يتضمن عيوبا كثيرة ويعرض للخطر الهدف الأساسي للنظام، وهو ضمان عدم تحمل دافعي الضرائب العبء في إنقاذ البنوك، كما أن عملية صنع القرار لتصفية البنوك تبدو معقدة ومسيسة بشكل كبير، ولا بد من العمل على ضمان النجاح لصندوق إنقاذ البنوك، كما أن هنالك نقاطا أخرى عبر المفاوضون من البرلمان الأوروبي عن القلق بشأنها، خاصة ما يتعلق بالتدخل الحكومي وعدم وجود أسباب قانونية سليمة لذلك.