المدير التنفيذي بإدارة التجارة والاستثمار البريطانية: بلادنا معدة لتكون أفضل بيئة استثمارية لرجال الأعمال السعوديين

مارتن وار أوضح لـ «الشرق الأوسط» أن قطاعات الطاقة والنقل والمياه خصبة للاستثمار.. والحكومة خصصت 300 مليار إسترليني للفرص الاستثمارية

مارتن وار
TT

ما زالت المملكة المتحدة واحدة من المناطق التجارية الرائدة حول العالم، كما أنها سوق غنية بالصناعات ذات المستوى العالمي، وتوفر موقعا جاذبا للشركات التي يسهل عليها عملية الوصول إلى العملاء.. هكذا وصفها مارتن وار، المدير التنفيذي بإدارة التجارة والاستثمار البريطانية، ردا على ما إذا كانت بلاده لا تزال وجهة استثمارية لرجال الأعمال الخليجيين.

وتحدث خلال مقابلته مع «الشرق الأوسط» عن زيارة وفد برئاسة توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، تضمنت النتائج الرئيسة منها إنشاء مجموعة عمل تضطلع بمهمة تبسيط عملية إصدار التأشيرات بين البلدين من أجل الحد من الحواجز التي تقف أمام المبادلات التجارية، فضلا عن تعزيز التعاون في مجالات التعليم والرعاية الصحية. وفي ما يلي نص الحوار:

* قام وزير التجارة والصناعة السعودي بزيارة إلى لندن مؤخرا على رأس وفد من قطاع الأعمال، ما هو هدف الزيارة وكيف رأيتها؟

- هدفت هذه الزيارة التي قام بها الوزير السعودي مع وفد رفيع المستوى ضم 45 من المسؤولين السعوديين لاستكمال أعمال اللجنة الوزارية السعودية البريطانية المشكلة للاتفاق حول أطر تنمية التجارة والاستثمار بينهما، بما في ذلك تبادل الخبرات في القطاعات ذات الأولية. والحقيقة أن مجلس الأعمال المشترك قد نجح في الاتفاق على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين، وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصة في المجالات المعرفية.

* ما هي المشاريع التي تم تسليط الضوء عليها أثناء الزيارة؟

- لقد قام الوفد السعودي بزيارة إلى مانشستر، حيث التقى مع مسؤولين من وكالة تنمية الاستثمارات وغرفة التجارة ومطار مدينة مانشستر. كما اطلع الوفد عن قرب على المشروعات المتعلقة بمجالات التقنية والإعلام والرعاية الصحية هناك. وكما علمت فإن «الخطوط الجوية العربية السعودية» تعمل على فتح مسار لرحلات الطيران بين جدة ومانشستر في شهر أبريل (أبريل) وهو ما سيوفر فرصا كبيرة لمشاريع اقتصادية أكبر مستقبلا.

* هل لك أن تطلعنا على أهم ما تم الاتفاق عليه في هذه الاجتماعات؟

- شملت النتائج الرئيسة لهذه الزيارة إنشاء مجموعة عمل تضطلع بمهمة تبسيط عملية إصدار التأشيرات بين البلدين من أجل الحد من الحواجز التي تقف أمام المبادلات التجارية، فضلا عن تعزيز التعاون في مجالات التعليم والرعاية الصحية بما في ذلك تطوير برنامج التدريب الطبي لما بعد التخرج للأطباء السعوديين، وكذلك خطة التدريب للخريجين السعوديين في المملكة المتحدة.

وضمت قائمة الاتفاقات المبرمة بعد سلسلة من الاجتماعات أيضا الاتفاق على العمل معا لزيادة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، ودعم نية الهيئة العامة للاستثمار بالسعودية لاستضافة مؤتمر حول الفرص الاستثمارية بلندن، والمخصص لتسليط الضوء على فرص الشركات والعائلات السعودية للاستثمار هناك، كما قدم الجانب البريطاني شرحا حول توسيع الخدمات الاستثمارية التي تقدمها الحكومة البريطانية للشركات السعودية لمساعدتها في الاستثمار بالمملكة المتحدة. كما أكد الوفد البريطاني على مشاركة خبرته في إدارة وتنفيذ المشاريع الكبرى لجميع الوزارات في المملكة العربية السعودية، وقد لمسنا الاهتمام الكبير الذي أبداه وزير التجارة والصناعة السعودي للاستفادة من تجربة تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة وفرص التعليم.

* برأيك، لماذا تعد المملكة المتحدة الوجهة المفضلة بالنسبة للمستثمرين من دول الخليج خاصة السعوديين؟

- المملكة المتحدة هي بكل تأكيد واحدة من المناطق التجارية الرائدة حول العالم، كما أنها سوق غنية بالصناعات ذات المستوى العالمي، وتوفر موقعا جاذبا للشركات التي يسهل عليها عملية الوصول إلى العملاء ومبتكري المنتجات ومورديها فيها، وعلى هذا النحو تحتفظ بمكانتها كوجهة أولى للاستثمارات الخليجية، ويرجع ذلك جزئيا إلى العلاقات التاريخية الطويلة، التي بنيت على مشتركات تجارية. وبوجه عام فإن المملكة المتحدة خاصة لندن غالبا ما تعتبر البلد الثاني لكثير من رجال وسيدات الأعمال من منطقة الخليج، فالعديد منهم يمتلكون عقارات واستثمارات فيها، بالإضافة إلى أنها مركز للأعمال التجارية، ويرجع ذلك لموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط الأسواق الرئيسة في الولايات المتحدة وآسيا، وتوفيرها للخدمات التجارية على مدار الساعة.

* هل هناك أي حوافز تقدمها المملكة المتحدة للمستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي؟

- بالنظر إلى المملكة المتحدة كمقصد للاستثمار بالنسبة للخليجيين فإن هناك عددا من الحوافز، منها جودة النظام التعليمي ذي المستوى العالمي وخدمات الرعاية الصحية المميزة، وازدهار سوق العقارات وتوفير كل وسائل النقل من وإلى وداخل المملكة المتحدة، كل هذه العوامل أسهمت في تعزيز مكانة المملكة المتحدة كوجهة رائدة للعيش والعمل معا. ونحن لا نزال نعمل بشكل وثيق مع عدد من دول الخليج بما فيها المملكة العربية السعودية على برنامج الإعفاء من التأشيرات، وذلك لتسهيل إجراءات الدخول إلى البلد. ومن حيث ترتيب المملكة المتحدة مع نظيراتها في ما يتعلق بالضرائب فإن الحكومة تسعى لإيجاد نظام ضريبي يكون الأكثر تنافسية بين دول مجموعة العشرين، وإصلاح نظام الضريبة على الشركات لجعله أكثر جاذبية للشركات الدولية. وقد تم بالفعل خفض معدل الضريبة على الشركات من 28 في المائة إلى 23 في المائة، وسيتم خفضه إلى 21 في المائة هذا العام وإلى 20 في المائة عام 2015. وبناء على ذلك فالمعدل الضريبي يعتبر الأقل بين دول مجموعة السبع وأحد الأكثر انخفاضا في مجموعة العشرين ككل.

* ما هي أهم القطاعات التي تتوافر فيها الفرص الاستثمارية بالنسبة للخليجيين؟

- تعتبر قطاعات الخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والتقنية والعقار والشراكات بين القطاعين العام والخاص والبنية التحتية وعلوم الحياة الأكثر ثراء بالفرص بالنسبة للمستثمرين الخليجيين في المملكة المتحدة.

* وما المشاريع الأهم بين تلك القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها؟

- تقدم الخطة الوطنية للبنية التحتية في المملكة المتحدة 330 مليار جنيه إسترليني من الفرص الاستثمارية ذات العوائد المضمونة على مدى السنوات الـ20 المقبلة، في قطاعات الطاقة والنقل والمياه وفي الأصول الخاضعة للتنظيم. وتشمل المشاريع إنشاءات السكة الحديد التي ستربط لندن بعدد من المدن الأخرى. كما أن هناك أيضا مشاريع استثمارية عديدة في إعادة التوليد بقيمة إجمالية تزيد على 100 مليار جنيه إسترليني. بالإضافة إلى أمثلة على مشاريع أخرى تتضمن تنمية 9 مناطق في لندن وفي الحديقة الأولمبية فيها.

* كيف تقيم وضع التبادل التجاري بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية في المرحلة الحالية؟

- هو في تصاعد مستمر، فكما تعلم فالمملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إذ إن أكثر من ستة آلاف شركة من المملكة المتحدة تصدر منتجاتها إلى السعودية. كما أن المملكة المتحدة تعتبر ثاني أكبر مستثمر أجنبي في السعودية بعد الولايات المتحدة، وذلك في وجود ما يقرب من 200 مشروع مشترك بين البلدين. وخلال عام 2012 بلغ حجم التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية 10 مليارات جنيه إسترليني في السلع والخدمات–باستثناء قطاع الدفاع–كانت 75 في المائة منها صادرات من المملكة المتحدة، مع توازن في الصادرات السعودية إلى المملكة المتحدة. وخلال العام التالي قفزت صادرات المملكة المتحدة إلى السعودية بنسبة 25 في المائة عما كانت عليه من قبل.

وتركز الحكومة السعودية في جزء كبير من خطط إنفاقها على تطوير البنية التحتية الاجتماعية والعمل على استراتيجية طموحة للتنويع الصناعي، تشمل إنشاء مدن اقتصادية وتجمعات صناعية جديدة. وقد وفر هذا الاستثمار فرصا للمشاريع ذات القيمة العالية في مجموعة من القطاعات؛ كالبنية التحتية للنقل، والرعاية الصحية، والنفايات والمياه، والبتروكيماويات، مما أتاح الفرصة للشركات البريطانية للدخول في هذا المجال، ولا يمكن أن ننسى أن مدينة لندن المالية هي إحدى أكبر مدن العالم في تلقي الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

* هل ترى أنه من الوجاهة القول بأن الفرص الاستثمارية في المملكة المتحدة موجودة في لندن فقط، أم أن هناك فرص لا تصل إليها عيون المستثمرين في بقية أنحاء المملكة المتحدة؟

- صحيح أن لندن تحتل مرتبة عالية دائما وذلك باعتبارها مركزا ماليا رائدا حول العالم وموقعا للنشاط الدولي، فالعاصمة بطبيعتها تتمتع بسهولة الوصول إلى الأسواق، مما يجعلها تقدم الدعم للشركات الخليجية مع خدمات مهنية ومساندة عالية الجودة، وتوفر مقرات عمل ضخمة وحديثة وبنية تحتية فعالة في قطاع الاتصالات.. ومع ذلك فإنه يجدر القول إن أماكن أخرى مثل أدنبرة ومانشستر وليدز وبريستول وكارديف أصبحت أيضا مراكز رائدة تختص في تقديم خدمات الأعمال المالية والمهنية لتسهم في جعل المملكة المتحدة ككل وجهة للاستثمار الأجنبي المباشر، وبوجودها تتوافر خيارات أوسع من المواقع التي تشتهر عالميا كمراكز خبرة في مختلف الصناعات أمام المستثمرين.

* ما هي أهم شريحة تستهدفها هيئة التجارة والاستثمار البريطانية من المستثمرين الخليجيين.. أهي الصناديق السيادية، الشركات العائلية أم الشركات؟

- المملكة المتحدة مفتوحة دائما للأعمال التجارية، ولها تاريخ طويل في التبادل التجاري ليس فقط مع المملكة العربية السعودية ولكن مع جميع بلدان الخليج. وسواء كان المستثمرون من الشركات العائلية، الشركات الكبرى، أو الصناديق السيادية للدول، فإننا نتيح كل استثماراتنا في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والزراعة والخدمات المالية والرعاية الصحية والبنية التحتية والعقار أمامها جميعا متى توافرت لديها الرغبة في ذلك.