أسواق المال تتفاعل مع فوز مودي بانتخابات الهند

وسط آمال بأن تمكنه سياسته من النهوض بالاقتصاد

رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي أمام مصاعب اقتصادية حقيقية (أ.ب)
TT

سجلت الأسهم المالية في الهند قفزة ملحوظة وسط آمال بأن يتمكن رئيس الوزراء المنتخب نارندرا مودي من النهوض بالاقتصاد المتعثر، غير أن المحللين يحذرون من أن توقعات مستحيلة تواجه السياسة الاقتصادية التي ينتهجها الزعيم القومي الهندوسي والقائمة على اقتصاد السوق الحرة.

وحزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي الذي أطاح بحزب المؤتمر اليساري مسجلا أفضل نتائج له في 30 عاما، سيتولى زمام الحكم في وقت يسجل اقتصاد الهند أدنى مستوى له في عقد من الزمن.

وجاب رئيس الحكومة المحلية في ولاية غوجارات المزدهرة، أرجاء الهند في حملة «صدام وترويع» كما وصفتها وسائل الإعلام، متعهدا تحقيق نمو أسرع، وبنية تحتية جديدة، والمزيد من الوظائف لتشغيل يد عاملة شابة متزايدة.

غير أن وعود الزعيم البالغ من العمر 63 عاما، أثارت السخرية حتى مع المليارات التي ضخها المستثمرون الأجانب في الأسواق المالية المحلية.

وقال خبير الاقتصاد راجيف مالك من بنك سي إل إس إيه للاستثمارات: «رجال السياسة الهنود يعدون بالمستحيل ليجري انتخابهم».

وحذر المحللون من الاعتقاد أن بإمكان مودي تحويل الهند بسرعة، إنما هو تبسيط للأمور. غير أن رئيس الوزراء المنتخب أثار التفاؤل بقوله إنه سيجعل من القرن الحادي والعشرين «قرن الهند» خلال 10 سنوات. وحذر د.ك. جوشي، كبير خبراء الاقتصاد في وكالة كريسيل للتصنيف الائتماني، من أنه «ليست هناك عصا سحرية».

فالهند تعاني من ركود تضخمي، مع هبوط نسبة النمو إلى 4,9 في المائة مقارنة بـ9 في المائة قبل عامين، فيما بلغ تضخم الأسعار على المستهلكين 8,6 في المائة، أعلى نسبة بين كبرى القوى الاقتصادية الناشئة.

إضافة إلى ذلك ينطوي الاقتصاد الهندي على بعض النواحي المحظورة مثل قوانين العمل الصارمة التي تسمح بتوظيف العمال وطردهم، وهو ما لا يشجع أرباب العمل على توظيف عمال جدد.

أما البنية التحتية الضرورية لدعم عملية تحويل الهند إلى دولة صناعية، فهي سيئة في أنحاء كثيرة من البلاد، يضاف إليها قانون جديد متعلق بشراء الأراضي زاد من تعقيد عملية شراء مساحات لبناء مصانع جديدة. وقال آرون جايتلي، المرجح تعيينه وزيرا للمالية، لمجموعة صغيرة من الصحافيين الأجانب الشهر الماضي، إن الاحتمالات ضئيلة لتحقيق إصلاحات مبكرة في سوق العمل أو أي إصلاح كبير للبرامج الاجتماعية الموضوعة لصالح الفقراء. ومع وعوده بفرض إصلاحات وتحقيق حزبه غالبية هي الأولى لحزب واحد في البرلمان منذ 1984، سيتعين على مودي مواجهة مقاومة عنيدة لفرض تغيير جذري في مجالات عدة مما سيؤدي إلى خيبة لدى الشركات الأجنبية الطامحة إلى فرص جديدة.

ولا تزال هناك في الهند، وداخل حزب بهاراتيا جاناتا، حركة حمائية قوية تعارض فتح الاقتصاد الذي لا يزال منطويا على الداخل أمام شركات أجنبية. وفيما يعد بهاراتيا جاناتا بفتح الأبواب أمام مستثمرين أجانب في مجالات الدفاع والبنى التحتية، فإن الحزب يعارض إصلاحا سابقا لحكومة حزب المؤتمر يتعلق بفتح قطاع التجزئة أمام متاجر أجنبية.

وفي معقله في غوجارات، تمكن مودي من جعل الحكم مركزيا، وتخويف البيروقراطيين. وكزعيم وطني، سيكون مودي بحاجة لبناء إجماع في الرأي، بحسب المحللين.

ومن المكاسب الكبرى التي جناها من الانتخابات أنه لن يكون بحاجة للتعامل مع شركاء ائتلاف مشاكسين، غير أن حكومات الولايات ستكون هي الأساس في تحقيق التغيير على الأرض. وحذر الخبير الاقتصادي في جي بي مورغان - الهند سجيد شينوي من المبالغة في التطلعات، مشيرا إلى أنه بموجب النظام الفيدرالي للهند فإن «75 إلى 80 في المائة من المشكلات على الأرض هي خارج السلطة المباشرة للحكومة المركزية». وقال الخبير: «بعض المشاريع الجاهزة للإطلاق يمكن تطبيقها، مما يمكِّن من تحقيق نمو بفصل أو فصلين». غير أنه أضاف «أن انتعاشا قادرا على الاستمرار سيمثل تحديا أكبر بكثير ويستغرق وقتا طويلا».

ورغم أن توسع غوجارات تخطى المعدل العام للهند في 11 من السنوات الـ12 الماضية، يقول بعض خبراء الاقتصاد إن ذلك الإنجاز قد لا يكون لافتا في ولاية عرفت بمقاوليها المفعمين بالحيوية قبل وقت طويل من وصول مودي.

وتقدر الكثير من شركات الاستثمارات الدولية ألا يتخطى النمو نسبة 5,5 في المائة في 2014 - 2015، ليصل إلى نحو 6,5 في المائة في السنة التالية. غير أن تلك التوقعات قد تجري مراجعتها الآن صعودا.

ومع ذلك، فإن «اقتصاد مودي» القائم على «حكومة أصغر وحكومة أكبر» يؤذن بخروج لافت عن الخط الاشتراكي الذي انتهجه جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها عن بريطانيا.

ويثني البروفسور في جامعة كولومبيا بنيويورك، الهندي المولد جاديش باغاواتي، على وعد زعيم بهاراتيا جاناتا بتقليص دور الحكومة ويصف ذلك «بنفحة من الهواء النقي».

ومن ناحيته يقول سين، المدرس في جامعة كامبريدج ببريطانيا، إن الهند تقف عند مفترق طرق مهم.

ويقول ميغيل شانسو، المحلل من كابيتال إيكونوميكس: «حاليا، نشوة الانتخابات هي السائدة».

غير أن شانسو يحذر بأن الأسواق المالية يمكن أن تفقد صبرها بسرعة وإذا ما فشلت الحكومة الجديدة في ترك أثر إيجابي بسرعة، فإن «تفاؤل المستثمرين يمكن أن يتحول بسرعة إلى خيبة تتفشى لدى المستثمرين» وتجفف منابع التدفقات الأجنبية.