الاستثمار في أفريقيا

جمال الدين طالب

TT

قد تكون العناوين السياسية والأمنية المقبلة من أفريقيا كلها تقريبا سلبية ومخيفة، فإن الأخبار الاقتصادية من القارة السمراء تعطي انطباعا آخر، لعل ما يلخصه ربما عنوان هذا الأسبوع في الصفحة الأولى لصحيفة المال والأعمال العالمية «فايننشيال تايمز» البريطانية، التي كتبت تقول الأسبوع الماضي: «توقعات وردية لأفريقيا»، مشيرة إلى تقرير اقتصادي توقع استمرار نمو اقتصادات أفريقيا على المدى المتوسط بمعدل خمسة في المائة خلال العام الحالي ثم بمعدل ستة في المائة العام المقبل.

وقال التقرير السنوي الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبرنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة، وبنك التنمية الأفريقي، إن القارة السمراء أظهرت «مرونة في مواجهة الرياح العالمية والإقليمية العكسية».

في الوقت نفسه، فإن معدلات النمو تتفاوت بشدة بين مختلف دول القارة الأفريقية.

ومن المتوقع نمو اقتصادات جنوب الصحراء الأفريقية بمعدل 5.8 في المائة، في حين يبلغ معدل النمو المتوقع لجنوب أفريقيا التي تشهد تراجعا في سعر الصرف واضطرابات عمالية 2.7 في المائة. وفي حالة استبعاد دولة جنوب أفريقيا، يصل معدل النمو المتوقع لمنطقة الجنوب الأفريقي إلى 6.8 في المائة خلال العام الحالي.

وستكون دول شرق وغرب أفريقيا الأسرع نموا بين دول منطقة جنوب الصحراء الأفريقية، مع توقع معدل نمو يفوق سبعة في المائة خلال العامين الحالي والمقبل، مدفوعة بنمو أكبر اقتصاد في أفريقيا وهو الاقتصاد النيجيري، الذي تجاوز أخيرا جنوب أفريقيا في صدارة القارة.

وبحسب التقرير، فإن النمو الاقتصادي في المنطقة وما يتيحه من فرص، زاد من تدفق الاستثمارات الأجنبية، التي يتوقع أن تتجاوز 84 مليار دولار خلال هذا العام. وهناك تزايد في الإقبال على الاستثمار بالمنطقة من دول بعيدة كل البعد عن القارة، مثل صندوق الثروة السيادي لسنغافورة الذي استثمر في نيجيريا، وإن بقي استثمار سنغافورة قطرة في بحر الاستثمارات التي تأخذ بعدا استراتيجيا للصين في أفريقيا، التي تصل 100 مليار دولار. ويثير هذا التوجه «الاستراتيجي» للتوسع الاقتصادي للصين في أفريقيا مخاوف غربية وتوجسات محلية. وكان رئيس الحكومة الصيني لي كي تشيانغ تعهد أخيرا بمضاعفة التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا ليصل إلى 400 مليار دولار (290 مليار يورو) بحلول 2020. وكان التبادل بين الطرفين لا يتعدى عشرة مليارات دولار في عام 2000 ومليار دولار فقط في عام 1980.

وحتى على مستوى المستثمرين والصناديق الخاصة الأجنبية، التي عادة ما تكون أكثر حذرا في المغامرات الاستثمارية، فإن مجموعة استثمارية كبيرة مثل «غولدمان ساكس» وشركات متعدد الجنسيات مثل «نستله» و«يونيليفر» تزيد استثماراتها في القارة مجذوبة بالعوائد الكبيرة وما يبدو تحسنا في الحكامة.

ومن النماذج التي أشارت إليها صحيفة «فايننشيال تايمز» عن مدى جاذبية الاستثمار في القارة، وبلغة الأرقام، مجموعة «كارلايل» التي أغلقت أخيرا صندوقها الاستثماري الخاص في أفريقيا عند 700 مليون دولار، أي بنسبة 40 في المائة عن الهدف المنشود.

[email protected]