رئيس «إي آي آي بي ـ رسملة»: المستثمرون الدوليون يتأهبون للدخول في السوق السعودية

أكد لـ «الشرق الأوسط» أن التحرير المحتمل للسياسات الاستثمارية سيجذب رؤوس الأموال الأجنبية

زاك حيدري الرئيس التنفيذي لمجموعة «إي آي آي بي - رسملة»
TT

أكد زاك حيدري، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إي آي آي بي - رسملة»، أن التحرير المحتمل للسياسات والقوانين الاستثمارية في السعودية، يساعد على ضخ تدفقات ضخمة من رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في البلاد، كاشفا في الوقت ذاته عن وجود طلب قوي من جانب المستثمرين الدوليين للتوجه نحو السوق السعودية.

وقال حيدري في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» إن «المستثمرين العالميين الذين يتمتعون بنظرة استثمارية بعيدة المدى، لا يزالون يظهرون اهتماما كبيرا ومتزايدا بأسواق الشرق الأوسط، إذ أثبتت الكثير من أسواق المنطقة امتلاكها أساسيات اقتصادية متينة، وعوامل ديموغرافية مهمة، ونظرة اقتصادية واعدة، واحتمالات بتسجيل مزيد من الصعود، وتتمتع السوق السعودية تحديدا بجميع هذه المزايا». وأشار الرئيس التنفيذي لمجموعة «إي آي آي بي - رسملة» إلى أن الخطط التي وضعتها السعودية لتنويع قاعدتها الاقتصادية وتطوير بنيتها التحتية ستكون كفيلة بتوفير فرص مجزية للمستثمرين، وتبدو آفاق نمو الأرباح في السعودية إيجابية في شتى المجالات، فيما لفت إلى أن انخفاض أسعار النفط، هو أحد التحديات الرئيسة للسعودية، إذ نتوقع أن يسير النشاط الاقتصادي فيها بوتيرة معتدلة في هذه المرحلة، ونحن متفائلون إزاء آفاق التجارة مع الأسواق الرئيسة الناشئة مثل الصين والهند وكوريا.. فإلى نص الحوار:

* تشكلت مجموعة «إي آي آي بي - رسملة» نتيجة استحواذ «بنك الاستثمار الأوروبي الإسلامي» (إي آي آي بي) على حصة الأغلبية (76.3 في المائة) من شركة إدارة الأصول «رسملة» التي تعمل في منطقة الشرق الأوسط.. فما استراتيجيتكم في إطار هذا التحالف؟

- أسهم استحواذنا على شركة «رسملة» التي تعد لاعبا رئيسا منذ أمد بعيد في أسواق الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموما، في تعزيز حضورنا الإقليمي لتأسيس منصة استراتيجية مزدوجة لتسهيل حركة التجارة المتنامية ورأس المال والتدفقات الاستثمارية بين منطقة الخليج وأوروبا، كما أن حضورنا القوي في اثنين من المراكز المالية الرائدة، مثل لندن ودبي، يعد جزءا أساسيا من نموذج أعمالنا، ويشكل اليوم حافزا أساسيا لنجاحنا وتقدمنا.

وتعد «رسملة» لإدارة الأصول منصة استراتيجية تنسجم مع إمكانات التمويل لـ«بنك الاستثمار الأوروبي الإسلامي» (إي آي آي بي) حيث تمكننا من الاستفادة بفعالية أكبر من الفرص الفريدة لإدارة الأصول في منطقة الخليج، كما أن توظيف الكوادر المتمرسة، واستخدام التقنيات الرائدة، وامتلاك قاعدة عملاء متميزة أتاح لنا إعادة التركيز بشكل سهل وسريع على تطوير منصة استثمارية، متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، تحت إشراف الهيئة الشرعية التابعة لنا، كما شكل اندماج بنك «إي آي آي بي» و«رسملة» فرصة للتركيز على قاعدة استثمارية جديدة على مستوى لندن والعالم، والاستفادة من قناة توزيع لم تكن متاحة أمام «رسملة» من قبل.

* تعمل مجموعة «إي آي آي بي - رسملة» في منطقة الشرق الأوسط ولندن.. ما المزايا التي تحصلون عليها من وجودكم في هذين السوقين؟ وهل تجدون أي فرصة للنمو في قطاع الاستثمار المصرفي وإدارة الأصول بين هاتين المنطقتين؟

- نحن مجموعة متخصصة في التمويل وإدارة الأصول، تركز على الأسواق النامية لدول الخليج، ونلعب أيضا دور البوابة أو المنسق بين المملكة المتحدة ومنطقة الخليج، ومن خلال منصتنا الاستراتيجية المزدوجة بين لندن ودبي، نمتلك قدرة على تزويد المستثمرين الإقليميين والدوليين برؤية متوازنة حول الأسواق المحلية والإقليمية، وسبل تنفيذ العمليات والفرص الاستثمارية، كما نقدم خدماتنا للشركات التي تسعى إلى الاستثمار ومزاولة الأعمال، أو زيادة حجم رأس المال بين المنطقتين.

وتأسس بنك «إي آي آي بي» في المقام الأول لمواكبة الطلب على منتجات التمويل وخدمات الاستثمار المصرفي الإسلامي في المملكة المتحدة وأوروبا، وقد حرصنا منذ ذلك الحين على تطوير خبرتنا في هذا المجال لتسهيل الاستثمار المصرفي المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتقديم حلول تمويل الصكوك خصيصا لحركة التجارة، والتمويل، ورأس المال، والتدفقات الاستثمارية المتنامية بين المنطقتين.

من ناحية ثانية، ساهم الاستحواذ على «رسملة» في الارتقاء سريعا بإمكاناتنا في مجال إدارة الأصول المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والعروض التي نقدمها، ونحن ندرك وجود شح كبير في المنتجات والصناديق الاستثمارية الإسلامية المبتكرة والمتنوعة ليس في هاتين المنطقتين فحسب، وإنما على المستوى العالمي أيضا، لذا تمحورت جهودنا منذ الاستحواذ على «رسملة» حول تطوير عدد من منتجات الصناديق الاستثمارية الإسلامية الجديدة والمبتكرة، مثل صندوقنا الخاص بالتأجير التمويلي وصندوق التمويل التجاري المتوافقين مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يكن مستغربا أن نشهد هذا الاهتمام والطلب اللافتين على صناديقنا من المستثمرين في المنطقة والمملكة المتحدة والكثير من المؤسسات الاستثمارية الدولية، ولكننا ندرك وجود فجوة واضحة حتى اليوم بين العرض والطلب في الاستثمارات الإسلامية، ونطمح بدورنا لأن نكون من اللاعبين الرئيسين في ردم هذه الهوة، ونجد أن فرص السوق تبدو مجزية للغاية، ونأمل أن نسهم بشكل كبير في تطويرها.

* ما الحلول المصرفية والاستثمارية التي توفرونها - حاليا - للمستثمرين في السعودية؟

- بفضل كفاءتنا في العمل، يقصدنا العملاء السعوديون للحصول على عدد من خدمات الاستثمار المصرفي وحلول إدارة الاستثمارات، ولذلك تتركز خبرتنا وابتكاراتنا في عمليات إصدار الصكوك والهيكلة التي نقوم بها لصالح عملائنا في السعودية حول هذين المجالين، كما أننا نزاول نشاطنا - حاليا - مع مجموعة من العملاء المقيمين في دول الخليج، ونعمل على إنجاز عدد من الصفقات بصفة مدير رئيس للقروض ومستشار بالنسبة لصفقات الصكوك وهيكلة الصفقات العقارية في لندن ودبي، وتأجير المعدات في الولايات المتحدة الأميركية، وتشكل الشركات العائلية غالبية عملائنا في السعودية، وقد جذبتها قدرتنا على تقديم الحلول والفرص التي نستطيع ابتكارها وتنفيذها، استنادا إلى حضورنا القوي ومعرفتنا بالأسواق الإقليمية وأسواق المملكة المتحدة.

* تدل المؤشرات - حاليا - على بدء تدفق رؤوس الأموال خارج الأسواق الناشئة، إلا أن منطقة الشرق الأوسط أثبتت أنها أقل تأثرا من غيرها، فما زالت هناك أجواء من الثقة في الأسواق المحلية.. في رأيك ما الذي يجعل دول المنطقة عموما والسعودية على وجه الخصوص سوقا جاذبة للاستثمارات؟

- من وجهة نظرنا، لا يزال المستثمرون العالميون الذين يتمتعون بنظرة استثمارية بعيدة المدى يظهرون اهتماما كبيرا ومتزايدا بأسواق الشرق الأوسط؛ حيث أثبتت الكثير من أسواق المنطقة امتلاكها أساسيات اقتصادية متينة، وعوامل ديموغرافية مهمة، ونظرة اقتصادية واعدة واحتمالات بتسجيل مزيد من الصعود، وتتمتع السوق السعودية تحديدا بجميع هذه المزايا، لذا كان من الطبيعي أن تستقطب مختلف المستثمرين الدوليين بفضل حجم اقتصادها وأهميته بالنسبة للمنطقة عموما، بالإضافة إلى عمق وتوافر السيولة النقدية بالتوازي مع وجود إطار تنظيمي وقانوني قوي، علاوة على ذلك.

وعلى الرغم من الاضطراب الذي شهدته الأسواق الناشئة – أخيرا - تمكنت الأسواق الخليجية من الحفاظ على معدلات نمو مستقرة وقوية مدفوعة بازدياد مستوى نشاط القطاعين العام والخاص عبر قطاعات متنوعة مثل البيع بالتجزئة، والخدمات اللوجيستية، والنقل، والرعاية الصحية، والنفط والغاز وغيرها، ونمتلك نظرة مستقبلية واعدة حيال المنطقة عموما، ونعتقد بأنها لا تزال في مراحل مبكرة من مسيرة تطورها ونموها على المدى الطويل.

* هناك طلب متزايد على المنتجات الإسلامية ولكن لا يوجد مورد كاف لتلبية احتياجات السوق.. باعتباركم بنكا استثماريا ومدير أصول متوافقا مع الشريعة الإسلامية، ما الأمور التي تقومون بها لسد هذه الفجوة مع العلم بأنه لا يتوافر الكثير من خيارات الابتكار أو التنويع في صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وما الأمور التي تقومون بها للتعامل مع غياب الابتكار في الاستثمارات الإسلامية؟

- قضينا وقتا كبيرا خلال العامين الماضيين لدمج وتطوير منصة «إي آي آي بي - رسملة»، وقمنا باستثمار ما يكفي من الموارد والخبرات لجعلها تعمل بالطريقة الأمثل، وبدأنا نشهد اليوم أولى ثمار هذه الجهود، نحن نريد أن ينظر إلينا كسلالة جديدة من المؤسسات المالية أو إحدى مؤسسات الجيل القادم بمجال التمويل الإسلامي التي تسهم في دفع عجلة التنمية في هذا القطاع.

وتعد صكوك «FWU» الأخيرة مثالا على ابتكار قطاع الاستثمار المصرفي في البنك لهيكلية مبتكرة وجديدة نؤمن بأنها أكثر انسجاما مع الجوهر الحقيقي للتمويل الإسلامي ومساعيه، كما يتمتع قطاع إدارة الأصول بنفس المميزات العالية من الابتكار والفرص الواعدة، وعلى سبيل المثال، توفر صناديق التمويل التجاري وصناديق التأجير الجديدة، المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، آفاقا وبدائل استثمارية واعدة لم تكن متاحة من قبل للمستثمرين في قطاع التمويل الإسلامي.

* قمتم – أخيرا - بقيادة إصدار وإدارة برنامج «صكوك الوكالة» بقيمة مائة مليون دولار أميركي لصالح مجموعة التأمين الأوروبية.. (FWU) في رأيكم ما أسباب ارتفاع الطلب والإقبال على إصدارات الصكوك من قبل الشركات والدول غير الإسلامية؟

- ندرك أن قطاع التمويل الإسلامي يشكل بديلا تمويليا حقيقيا للكثير من الشركات المرتكزة على التمويل التقليدي في هذه المنطقة وخارجها، وكان برنامج «صكوك الوكالة» لصالح «مجموعة التأمين الأوروبية» (FWU) مثالا يحتذى عن شركة أوروبية توظف مصدر تمويل بديل عالي الكفاءة ويحظى بسيولة نقدية وافرة لاستكمال أعمالها، فضلا عن الاستفادة من قاعدة تمويل ضخمة وغير مطروقة سابقا من المستثمرين، ونحن نطمح إلى التركيز بشكل أكبر على شركات مشابهة، وجهات سيادية تتطلع للاستثمار في أسواق التمويل الإسلامية الكبرى لمواكبة احتياجاتهم التمويلية في المستقبل، ولا شك أن الإعلان الذي صدر – أخيرا - في لندن حول إصدار الحكومة البريطانية لصكوك سيادية يشكل دليلا ملموسا على ذلك، ويثبت نجاح قطاع التمويل الإسلامي في دخول مرحلة جديدة من التطور والنمو، ولفت هذا التوجه اهتمام الحكومة البريطانية وغيرها من الحكومات التي تسعى لاستقطاب الاستثمارات الإسلامية بهدف دعم اقتصاداتها.

كما يوفر التمويل الإسلامي منظومة تجارية أخلاقية مرتكزة على قيم الصدق والشفافية والعدل، ويمكن للتمويل الإسلامي أن يلعب دورا محوريا في ابتكار منهج مسؤول ومتوازن وعادل لممارسات منح القروض التي تسهم في معالجة مشكلات الديون الضخمة التي لا يمكن تحمل أعبائها اليوم في كثير من بقاع العالم.

* كيف تنظرون إلى الفرص المتاحة في سوق المال السعودية والبنية الاقتصادية في المملكة بشكل عام؟

- نحن ننظر بكثير من الإيجابية والتفاؤل إزاء التطلعات الاقتصادية للسعودية، ونعتقد أن الخطط التي وضعتها المملكة لتنويع قاعدتها الاقتصادية وتطوير بنيتها التحتية ستكون كفيلة بتوفير فرص مجزية للمستثمرين، وتبدو آفاق نمو الأرباح في السعودية إيجابية في شتى المجالات، وكما نعلم، ليس بمقدور المستثمرين الأجانب الاستثمار بشكل مباشر في أسهم الشركات السعودية المدرجة، ولكن التحرير المحتمل للسياسات والقوانين الاستثمارية في المملكة قد يساعد على ضخ تدفقات ضخمة من رؤوس الأموال في السوق المحلية، نظرا لوجود طلب قوي من جانب المستثمرين الدوليين.

ويشكل انخفاض أسعار النفط واحدا من التحديات الرئيسة للمملكة، حيث نتوقع أن يسير النشاط الاقتصادي فيها بوتيرة معتدلة في هذه المرحلة، أما على المدى الطويل، فنحن متفائلون إزاء آفاق التجارة مع الأسواق الرئيسة الناشئة مثل الصين والهند وكوريا، ونعتقد أن السعودية ستستفيد بشكل هائل من النمو المتسارع للاقتصادات الآسيوية التي ستحتاج بدورها للحصول على الطاقة.