«سوق الخميس» في جازان.. تبادلات تجارية فريدة لـ12 ساعة من كل أسبوع

يرتادها الزوار من مدن وقرى مختلفة منذ 150 سنة دون تغيير يذكر

سوق الخميس في الدرب في منطقة جازان حيث يحضر التجار بضائعهم المتنوعة منذ الساعة السادسة صباحا حتى السادسة مساء (واس)
TT

تقف سوق الخميس الشعبية بمحافظة الدرب في جازان شامخة، ماضية بحركتها التجارية الفريدة في موعدها الأسبوعي الذي عرفه الأهالي منذ أكثر من 150 عامًا، مزدهرة بمعروضاتها العتيقة، وحركة البيع والشراء الأسبوعية.

وتشكل السوق علامة بارزة في تاريخ محافظة الدرب، وظلت على مدى عقود محافظة على مكانتها بين «المولات» والأسواق التجارية الحديثة، ومعززة القيمة الاقتصادية بالمحافظة، حيث بقيت في ذاكرة الباعة والمشترين على مدى أكثر من قرن ونصف.

وفي أرجاء السوق الواقعة إلى الجنوب من طريق «جازان - مكة المكرمة» جرى رصد الحركة التجارية الدءوبة التي تبدأ مع ساعات الصباح الأولى كل خميس، بقدوم الباعة ناصبين معروضاتهم العتيقة من المقتنيات والأواني الفخارية التي تحتل مكانا هاما داخل السوق، وتعرض فيها أوان «المغش والحيسية» والميفا وكثير من أواني الطهي والشرب الفخارية التي اشتهرت بها منطقة جازان منذ فترات قديمة.

وينتشر باعة البن والهيل والقرفا والبهارات في أنحاء السوق إلى جانب باعة السمن والعسل والأسماك بأنواعها القادمة من السواحل البحرية القريبة من المحافظة ، فيما تنثر النباتات العطرية من فل وكادي وبعيثران وشيح روائح زكية تزيد المكان عبقا من النسيم الأخاذ، وتستقطب الزوار من كل مكان حيث يحرصون على اقتناء تلك النباتات وخصوصا عقود وعصابات الفل.

ويجد الزائر لسوق الخميس بالدرب الواقعة إلى الشمال من مدينة جيزان بنحو 130 كيلومترا فرصة لاقتناء أنواع من الأقمشة والملبوسات الشعبية ، كالمصانف وهي الإزار الشهير في منطقة جازان، إذ تصطف محلات بيع المصانف بأنواعها الهندي منها واليمني مختلفة في قيمتها من 50 حتى 300 ريال وفقا لجودة صناعتها.

ويعرض الباعة أنواعا مختلفة من الحمام والدجاج والحجل التي تجد رواجا لدى هواة الطيور ومربي الحمام حيث يجدون في السوق فرصة أسبوعية لاقتناء أنواع مختلفة منها، فيما تنتصب في زاوية السوق «القعادة»، وهي أريكة الخشب المشهورة في جازان، وما زالت تحظى باهتمام من قبل رواد السوق ومن المشترين، فلم تزل تحتل مكانها الرئيس في بيوت أهالي المنطقة.

ويجلس يحيى بن أحمد علوي في مقره المعتاد وسط السوق، ويروي لمراسل (واس) ذكريات السوق التي عرفها خلال سنين عمره التي تجاوزت الـ100 عام، موضحا أن السوق ليست فقط مقرا للبيع والشراء، بل كانت منذ القدم مقرا للقاء الأصحاب والجيران والسؤال عن أحوالهم ، فمن تغيبه الأيام، يتجدد به اللقاء في سوق الخميس. وزاد من أهمية سوق الخميس موقع محافظة الدرب الشمالي بمنطقة جازان وقربها من منطقة عسير، حيث تحقق السوق ذروتها في الحركة التجارية في أوقات العطلات المدرسية والإجازات وأيام الأعياد، حيث يفد زوار محافظة الدرب إلى هذه السوق خصيصا، لما تمتاز به من معروضات تراثية متنوعة، فضلا عن بقية المعروضات.

وعلاوة على المكانة الاقتصادية التي تعززها السوق بالمحافظة فإنها تعد واحدة من مقومات السياحة ومقصدا للزوار ، لذا فقد أولت بلدية المحافظة اهتماما كبيرا بالسوق الشعبية ويجري العمل حاليا على تأهيل السوق مع المحافظة على طبيعتها وبيئتها التراثية بالتنسيق مع المجلسين البلدي والمحلي بالمحافظة وقدماء الباعة بالسوق.