«نومورا» لإدارة الأصول: أسعار الأسهم في دول الخليج متضخمة ولا تتناسب مع نمو أرباح الشركات

طارق فضل الله الرئيس التنفيذي يؤكد أنها تعيش سباقا لتحسين العائد على أسهمها

TT

ذكر تقرير صادر من شركة نومورا لإدارة الأصول في الشرق الأوسط، أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحالي تشهد ارتفاع أسعار النفط وانخفاض معدلات الفائدة وانتعاش أسعار الأصول، بالإضافة إلى ارتفاع أرباح الشركات، والتخطيط لتنفيذ مجموعة من المشاريع الاستثمارية من قبل القطاعين العام والخاص.

ولفت التقرير إلى أن دول المنطقة قادرة على تمويل كافة المحركات اللازمة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة، بما في ذلك تطوير البنية التحتية وتطوير قطاع التعليم، مما يشير إلى أن المشهد الاقتصادي لم يكن أفضل مما هو عليه الآن.

إلا أن «نومورا» أوضحت، في تقرير حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وجود أمور تبعث على القلق، وتتمثل في تقييمات أسواق الأسهم التي أصبحت متضخمة وفقا للتقرير، وأضاف: «لا تتناسب تلك التقييمات مع النمو المتواضع المتوقع في أرباح الشركات، ومن ثم قد تتعرض الأسهم لموجة تصحيح، فمكرر ربحية مؤشر (إم إس سي آي) لأسواق مجلس التعاون الخليجي يبلغ نحو 18 ضعفا، أي أعلى بنسبة 75 في المائة من المعدل المعياري لمكرر ربحية مؤشر (إم إس سي آي) لأسواق البريك - البرازيل، روسيا، الهند، والصين - وبنسبة 40 في المائة مقارنة بمؤشر (إم إس سي آي) لأسواق آسيا».

وقال طارق فضل الله الرئيس التنفيذي لـ«نومورا» لإدارة الأصول الشرق الأوسط: «أصبح التوصل إلى تقييمات معقولة لقيمة الأصول ضمن أي أفق زمني مقبول عملية صعبة للغاية، لا سيما خلال هذه الفترة الطويلة من الانخفاض غير الطبيعي في أسعار الفائدة، ولكن من الواضح أن المستثمرين في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي سعداء بشراء الأسهم عند هذه الأسعار، المرتفعة بصورة متزايدة».

وأضاف: «لقد سجلت أسواق الأسهم الخليجية ارتفاعا كبيرا في أحجام تداول الأسهم خلال السنتين الماضيتين، سيما سوق الإمارات التي سجلت نموا مضاعفا، من حيث عدد وقيمة الصفقات».

وأكد أن أحجام التداول العالية هذه تعكس تزايد ثقة المستثمرين بالأسواق، وعودة المتداولين الذين تكبدوا خسائر جراء الأزمة المالية الماضية، بالإضافة إلى وفرة رأس المال قليل التكلفة في الاقتصادات المحلية.

وبحسب التقرير الذي عنون بـ«99 إشارة تستوجب الحذر»، فإن ارتفاع الأسواق بشكل متزايد نتيجة السيولة العالية بدلا من التقييمات المنطقية، يؤرق الكثيرين ويعيد إلى الأذهان ذكريات مريرة من الماضي القريب عندما كانت المضاربات هي الغالبة على نشاط أسواق المال، وأن الأمر ذاته يتكرر اليوم، حيث يشتكي المستثمرون من عدم وجود بدائل استثمارية للأسهم والعقارات، ليجدوا أنفسهم مجذوبين بشكل متزايد نحو الاستثمارات المضاربية.

وبالعودة إلى فضل الله، قال: «صحيح أن سوق الصكوك سجلت تطورا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية، ولكنها لا تزال صغيرة نسبيا، وتقتصر بشكل رئيس على المستثمرين من قطاع المؤسسات، كما أن العوائد الحالية على الصكوك أقل جاذبية من معدلات الأرباح على الودائع المصرفية الخالية من المخاطر التي وفرتها البنوك قبل عقد من الزمان».

وشدد على أنه «من دون شك، من الممكن أن تتحول وفرة السيولة إلى هاجس في الأسواق التي لا تمتلك سوى القليل من صمامات الأمان، والتي يمكن أن تخفف من الضغوط التي قد تتعرض لها، سواء عبر أدوات التحوط أو غيرها من آليات التكيف الذاتي».

وزاد: «علاوة على ذلك، فإن تأثير السيولة يتعاظم مع نقص المعروض، نظرا لأن الكثير من الأسواق الخليجية يهيمن عليها المساهمون المؤسسون والحكومات، والذين يملكون بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من ثلث أسواق الأسهم، بما في ذلك حصص كبيرة في قطاعات البتروكيماويات والاتصالات والخدمات المصرفية التي تعد من أكثر القطاعات جاذبية بالنسبة للمستثمرين».

وقال التقرير إن الإعلان عن إمكانية طرح جزء من أسهم البنك الأهلي التجاري للاكتتاب العام في السوق المالية السعودية (تداول) شكل تطورا مرحبا به، غير أن هناك فرصا أخرى في المملكة وخارجها بالنسبة للحكومات، للعب دور أكثر فعالية في تلبية الطلب على فئة الأصول التي تنطوي على درجة معينة من المخاطر عبر زيادة المعروض أو إدخال إصلاحات على السوق.

وأكد أن الشركات في الوقت الحالي تعيش سباقا مع الزمن لتحسين العائد على أسهمها، الذي لا يزال منخفضا نسبيا حسب المعايير الدولية رغم هوامش ربحها العالية نسبيا، ومن المتوقع أن يسهم تحرير الاقتصاد وإدخال إصلاحات على الأسواق في الضغط على هوامش الربح بشكل تدريجي وإجبار الشركات على استخدام أصولها بكفاءة أكبر وتحسين هيكلية رأس المال في ميزانياتها العمومية، وستكون الشركات بحاجة للقيام بذلك في ظل عدد من إشارات التحذير التي تحذر من سلامة الاقتصاد العالمي والأسواق المالية.

وزاد الرئيس التنفيذي لـ«نومورا» لإدارة الأصول الشرق الأوسط: «من السهل أن نركن إلى شعور زائف بالأمان، متلحفين بفكرة أن المصارف المركزية الكبرى في العالم يمكنها توفير المال بسهولة عند الحاجة إليه، ولكن يجب أن نتذكر أن الأفق الاقتصادي المستقبلي غير مشجع، فالاقتصاد الصيني يشهد تباطؤا في النمو، وهو أمر يدعو للقلق إذا ما راجعنا تاريخ الهبوط التدريجي للاقتصادات المدينة؛ والدول الموجودة في محيط قارة أوروبا سجلت تراجعا في عائدات السندات، ولكن هناك شكوك حول قدرتها على سداد القيمة الأصلية للسندات».

وتابع: «كما أن الأسواق الناشئة تواصل التأثر بشكل كبير بالاضطرابات السياسية والفوضى الاقتصادية، إضافة إلى انخراط الولايات المتحدة في مجموعة من السياسات النقدية التجريبية التي لا يعرف أحد تكاليفها وعواقبها».

وأكد أن ما يثير قلق المستثمرين في المنطقة هو مدى إمكانية تأثر الاقتصادات المحلية بالاضطرابات المحتملة في أسواق رأس المال العالمية، ما إن تبدأ أسعار الفائدة بالارتفاع، أو في حال فقدت الاقتصادات الدولية الرئيسة زخم نموها بشكل مفاجئ.