البرتغال ترفض الإغراءات للعودة إلى برنامج الإنقاذ وتنتظر موقف «الدستورية» من تدابير الموازنة

الإيكوفين تعرض على لشبونة حزمة مالية قيمتها 1.7 مليار يورو حتى نهاية الشهر الحالي

البرتغال ثاني اقتصاد في أوروبا يتحرر من خطط الإنقاذ الأوروبية لاقتصادها بعد آيرلندا (أ.ب)
TT

قالت رئاسة المجلس المالي والاقتصادي الأوروبي «الإيكوفين» ببروكسل بأنها أحيطت علما بقرار السلطات في البرتغال التخلي عن برنامج الإنقاذ الذي كانت تنفذه بالتعاون مع الترويكا الدولية، وأثنى المجلس على ما قامت به البرتغال من إنجازات في برنامج تعزيز المالية العامة، وتحقيق الاستقرار في القطاع المالي.

وفي الوقت نفسه فقد أحيط المجلس علما بقرار المحكمة الدستورية في البلاد الذي صدر في 30 مايو (أيار) الماضي، والذي عد تدابير محددة بشأن الموازنة هي تدابير غير دستورية، ولهذا يتفهم المجلس أن السلطات بحاجة إلى بعض الوقت لتقييم الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية حتى تكون قادرة على معالجة النقص في الموازنة، من خلال تدابير تعويضية تكون كافية لتحقيق الأهداف المالية المتفق عليها.

وقد أحيط المجلس علما بأن الحكومة لن تتخذ تلك التدابير إلا بعد أن يتم الحصول على آراء محددة بشأن دستورية تلك التدابير، وبالتالي فإن الحزمة المالية المتبقية من برنامج الإصلاح بقيمة 1.7 مليار يورو ستظل متاحة حتى نهاية الشهر الجاري، من منطلق ضمان وضع نقدي مريح للحكومة وضمان نجاح الوصول إلى الأسواق المالية.

واختتم بيان في بروكسل حول هذا الصدد بالترحيب بالتزام السلطات في البرتغال بالحفاظ على زخم الإصلاح والأهداف المتفق عليها في سياق برنامج الإنقاذ من أجل حماية الإنجازات، و«ندعو جميع أصحاب المصلحة لدعم عملية الإصلاح».

وكان بيان صدر قبلها بساعات في بروكسل عن الترويكا التي تضم المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي، جاء فيه أن الترويكا أحيطت علما بقرار السلطات في البرتغال بانتظار رأي المحكمة الدستورية بشأن تدابير تتعلق بالموازنة وليس من المتوقع أن يحدث ذلك قبل نهاية الشهر الجاري.

وأضاف البيان أنه بالتزامن مع ذلك قررت الحكومة عدم السعي لتمديد برنامج الإصلاح والإنقاذ، وأنه لا حاجة لاستكمال الاستعراض من جانب وفد الترويكا، ودون تلقي الشريحة النهائية المرتبطة به.

وفي هذا الصدد ترحب الترويكا بالتزام الحكومة الحازم بتحديد التدابير اللازمة لسد الفجوة المالية الني نتجت عن قرار المحكمة الدستورية وفي نفس الوقت تشجع الترويكا مواصلة الحكومة للعملية الجارية حاليا لإحداث إصلاح هيكلي، وسياسات اقتصادية سليمة على المدى المتوسط، ستكون ضرورية لتعزيز الانتعاش، وضمان النمو المستدام، وخلق فرص العمل، واختتمت الترويكا بالتأكيد على الاستعداد الدائم لمساعدة السلطات والشعب البرتغالي.

وفي مطلع مايو الماضي أعلن رئيس وزراء البرتغال بيدرو كويلهو عن انتهاء برنامج الإصلاح والتكيف الاقتصادي وهو البرنامج الذي فرضته في العام 2011 الترويكا الدولية، وبالتالي تنتهي إجراءات صارمة كانت البلاد ملتزمة بتنفيذها خلال السنوات الأخيرة وأضاف كويلهو «أن المشككين في أوروبا تلقوا درسا كبيرا، أنه مثل الحصول على الاستقلال مرة أخرى» واضطرت البرتغال إلى الحصول على مساعدة الترويكا قيمتها 78 مليار يورو واتبعت حكومة يمين الوسط بقيادة كويلهو في السنوات الأخيرة برنامج للتقشف والإصلاح شديد القسوة من أجل تحسين المالية العامة. وشهد اجتماع وزراء المال في منطقة اليورو خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي ببروكسل النظر في مصير حزمة من المساعدات تقدر بـ2.6 مليار يورو في أعقاب تقرير إيجابي لوفد الترويكا الذي زار البلاد خلال الفترة من 22 أبريل إلى 2 مايو الماضي. وكان آخر تقرير صدر عن الترويكا، قال، بأن الانتعاش الاقتصادي قد ازداد وواصلت الصادرات دفع النمو الاقتصادي وزيادة في الاستثمارات الخاصة وتراجع في معدلات البطالة وكلها أمور تتوافق مع توقعات بالانتعاش الاقتصادي خلال العام الجاري والعام القادم في ظل أهداف تتعلق بعجز الموازنة لتنخفض إلى 4 في المائة في العام الجاري لتصل إلى 2.5 في المائة العام المقبل كما قدمت الحكومة استراتيجيتها المالية على المدى المتوسط حتى 2018 والامتثال لالتزاماتها في إطار برنامج الإصلاح والتكيف.

كما نوه التقرير إلى تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي ولكن تبقى ظروف التمويل في الاقتصاد صعبة وتم تعزيز رسملة البنوك بشكل ملحوظ وتحسن أيضا أوضاع السيولة في السوق ولكن لا تزال ظروف تشغيل البنوك صعبة في ظل تقييد الوصول إلى الائتمان المصرفي بتكلفة معقولة للشركات وخاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة واختتم التقرير بالقول: إن الاقتصاد البرتغالي على الطريق نحول المالية العامة السليمة والاستقرار المالي والقدرة التنافسية وتحرك الحساب الجاري الخارجي من عجز إلى فائض كبير خلال السنوات الثلاث الماضية كلك كانت هناك إصلاحات طموحة في جميع القطاعات الرئيسية للاقتصاد ولكن من الضروري أن تلتزم البرتغال السياسات الاقتصادية السليمة على المدى المتوسط وبعد أن عانى الشعب البرتغالي الصامد سيكون من المناسب على جميع الجهات الفاعلة في المجتمع الاتفاق على الخطوط العريضة لاستراتيجية تعزيز آفاق الاقتصاد للنمو والازدهار والاكتفاء.

وفي منصف نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي منح وزراء المالية والاقتصاد في منطقة اليورو الضوء الأخضر لخروج آيرلندا وإسبانيا من برنامج المساعدات المالية. وأعرب الوزراء في بيان أصدروه عقب الاجتماع عن دعمهم الكامل لقرار الحكومة الآيرلندية الخروج من برنامج إنقاذ الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي دون طلب أي مساعدة مالية أكبر. وقالوا: إن «نجاح برنامج المساعدة المالية الآيرلندية أيضا يبين بوضوح عزمنا على العمل معا لضمان تماسك واستقرار منطقة اليورو». وتعرض اقتصاد آيرلندا لانتكاسة شديدة عام 2008 وتمكن من الحصول على 85 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد من الإفلاس. كما أعرب الوزراء عن دعمهم لقرار إسبانيا عدم طلب أي مساعدة مالية بعد خروجها من البرنامج في يناير (كانون الثاني) 2014 مشيرين إلى أن الوضع العام للقطاع المصرفي الإسباني تحسن بشكل ملحوظ بما في ذلك وصول البنوك الإسبانية إلى أسواق التمويل. وذكروا أن إسبانيا مثال حي على أن برامج المساعدة بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ناجحة بشرط أن يكون هناك التزام حقيقي بالإصلاحات مضيفا: «إننا نثني على الشعب الإسباني لما بذله من جهود وإنجازات في ظل ظروف صعبة». ومن جهتها رحبت إسبانيا بمنح الوزراء الأوروبيين الضوء الأخضر لإنهاء برنامج المساعدات المالية لإسبانيا في موعده وذلك بعد 18 شهرا من انطلاقه لإنقاذ البنوك الإسبانية وإعادة هيكلتها.