القطاع الزراعي يستهلك 83 في المائة من المياه بالسعودية

وفد دولي يبحث أفضل الطرق اللازمة لمعالجة حجم الطلب وتأمين الغذاء

تواجه المملكة تحديات كبيرة تتطلب جهودا مستمرة، تتضافر فيها كل الجهات المعنية، لإيجاد آلية تعالج وتوازن بين كيفية تأمين الغذاء والحفاظ على موارد المياه
TT

بحث وفد دولي كيفية معالجة شح المياه وتأمين الغذاء بالسعودية، في وقت كشفت فيه لجنة الزراعة والأمن الغذائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، أن القطاع الزراعي يستهلك ما يقارب 83 في المائة من حجم الطلب على المياه بالمملكة.

وأوضح محمد الحمادي، رئيس لجنة الزراعة والأمن الغذائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، أنه في ظل هذا الواقع تواجه المملكة تحديات كبيرة تتطلب جهودا مستمرة، تتضافر فيها كل الجهات المعنية، لإيجاد آلية تعالج وتوازن بين كيفية تأمين الغذاء في المملكة والحفاظ على موارد المياه، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من شح المياه وفق البيانات المتوافرة حتى الآن. وقال الحمادي «إن هناك حاجة ماسة لتأسيس مركز بيانات متكامل يوفر كل الإحصاءات المطلوبة، لتمكين الجهات المعنية وذوي الاختصاص من اتخاذ القرار العلمي السليم في الوقت الصحيح، بشكل يساعد على تأمين الغذاء والحفاظ على مورد المياه».

وشدد رئيس لجنة الزراعة والأمن الغذائي في «غرفة الرياض» على أن الأمن المائي لا ينفصل عن الأمن الغذائي، في الوقت الذي تفتقد فيه المملكة المياه الكافية لزراعة المنتجات من الخضر والفاكهة والحبوب والمحاصيل، مشيرا إلى أن القطاع الزراعي يستهلك ما يقارب 83 في المائة من حجم الطلب على المياه في البلاد. وأضاف أن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للاستثمار الخارجي تعتبر بمثابة خريطة طريق يمكن توظيفها للمساهمة في إيجاد معادلة الموازنة المطلوبة بين الحاجة لتأمين الغذاء والحفاظ على موارد المياه في المملكة على قلتها».

ونوّه الحمادي بأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين يمكن أن توفر المنتجات الزراعية الغذائية الضرورية كالقمح مثلا، لحاجته لكميات وفيرة من المياه لا تستطيع المملكة توفيرها، مشيرا إلى أن حاجة البلاد من القمح تقدر بثلاثة ملايين طن سنويا. وتوقع رئيس لجنة الزراعة والأمن الغذائي في «غرفة الرياض» زيادة الحاجة من القمح كمحصول غذائي رئيس، في ظل زياد محتملة مستقبلا في النمو السكاني، مما يؤكد أهمية استغلال مبادرة الاستثمار الزراعي بالخارج لتوفير الغذاء بطرق عدة، داعيا إلى الاستفادة من مساهمات صندوق التنمية الزراعية في هذا الصدد.

في غضون ذلك، بحث رئيس لجنة الزراعة والأمن الغذائي بغرفة الرياض مع وفد من البنك الدولي، ضم كلا من الدكتور بيكلي نيجيو كبير إخصائيي موارد المياه، والدكتور حزام العتيبي إخصائي موارد المياه، طرق استخدام وترشيد المياه في القطاع الزراعي بالمملكة. وبحث اللقاء أفضل طرق العمليات الزراعية التي تساعد على ترشيد المياه، وذلك من خلال استخدام الميكنة في العمليات الزراعية والري، أو زراعة المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه.

وأكد الحمادي خلال اللقاء أهمية المياه والحفاظ عليها، وضرورة معرفة البيانات الصحيحة عن حجم المتوافر منها، وتحديد احتياجات الاستخدام السكاني والاقتصادي، بما فيها الأنشطة الزراعية، موضحا أن القطاع الزراعي يعد المستهلك الأكبر للمياه في المملكة. وأوضح أن القطاع الزراعي يوفر الكثير من احتياجات السلع الزراعية، مما يساعد في الحد من تأثير التضخم، متفائلا حول إمكانية تطوير مصادر المياه بالمملكة، لافتا إلى أهمية العمل على تنقية مياه الصرف الصحي والاستفادة منها في الزراعة والصناعة.

وفي هذا الصدد، أبدى الوفد الدولي رغبته في التعاون مع اللجنة في هذا المجال، والعمل على تبادل الآراء والمقترحات، بما يساعد على تحقيق هذه المرئيات حول أفضل الطرق اللازمة لتحديد كميات المياه التي تستخدم في الزراعة.

من جهته، شدد الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، على ضرورة تبني الجهات المعنية مبادرة منتدى يختص بتأمين الغذاء في المملكة، يجمع الخبراء المختصين من داخل وخارج المملكة، لبحث قضية تأمين الغذاء والاستفادة من المياه المتوافرة بالشكل الذي لا يُفقد البلاد مصادرها ويحولها إلى أزمة مياه في نهاية المطاف. وقال باعشن «إن إطلاق مؤتمر دولي يبحث واقع وتحديات الأمن الغذائي في المملكة بات أمرا ملحا، خاصة أن إنتاج الغذاء في الخارج وترحيله لم ترد فيه أي أبحاث من مختصين أو خبراء، تقطع بجدواه الاقتصادية، ويعطي بيانات تُمكن من حساب الفاقد الغذائي وخلق آليات تقلل الهدر فيه»، مشيرا إلى أن أهمية مثل هذا المنتدى تكمن في رسم سياسة تخزينية واستراتيجية من إنتاج الغذاء.

يذكر أن منظمة الزراعة والأغذية العالمية الـ«فاو»، أكدت في تقرير لها أن التكاليف الاقتصادية المباشرة للفاقد الغذائي تبلغ 750 مليار دولار سنويا، مبينة أن الفاقد الغذائي على المستوى العالمي يقدر بنحو 1.6 مليار طن من مكافئ المنتجات الأولية، في حين يبلغ الفاقد الكلي من المواد الصالحة للأكل 1.3 مليار طن وفق المنظمة العالمية، تقدر قيمتها الاقتصادية بنحو 750 مليار دولار سنويا.