الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية: حزمة استثمارات بقيمة 300 مليار يورو ستعرض في فبراير المقبل

دافع عن اليورو واتفاق التجارة الحرة مع واشنطن وتعهد بزيادة النمو وخلق وظائف وتنويع مصادر الطاقة

جان كلود يونكر (رويترز)
TT

أصبح اللوكسمبورغي جان كلود يونكر الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، ولخمس سنوات مقبلة خلفا للبرتغالي مانويل باروسو وذلك عقب حصول يونكر على الأغلبية اللازمة في التصويت الذي جرى الثلاثاء من جانب أعضاء البرلمان الأوروبي.

وقبل التصويت طرح يونكر برنامج عمله في حال فوزه بثقة البرلمان وتعهد فيه بأن المفوضية الجديدة سوف تلتزم بنظام العمل الحالي فيما يتعلق بالتعاون المشترك مع البرلمان مع تشجيع المزيد من الحوار المشترك لإيجاد الحلول والتفاهم حول القضايا المختلفة.

كما تعهد بالكشف عن اللوبيات الموجودة من أجل مزيد من الشفافية للرأي العام حتى يعلم الجميع من يعمل مع من ومن يعمل ضد من، وقال يونكر إن أوروبا أصبحت غير مفهومة في الوقت الحالي وأصبح هناك ثقة وقناعة أقل في أوروبا ويجب أن نقوم بتوضيح الأمور ويكون لدينا أجندة إصلاح واضحة وشاملة.

وأشار إلى أن البعض يخافون من الإصلاح ويربطون بينه وبين المخاطر ولكن في الوقت نفسه لا بد أن نعمل من أجل أن نجعل أوروبا أكثر تنافسية، «خاصة أننا وقفنا في نفس المكان ولم نتقدم، بينما العالم حولنا يتحرك وهذا ليس أمرا جيدا لأوروبا في ظل المنافسة العالمية، ولهذا لا بد أن يكون لدينا مواقف معروفة ونركز على الاقتصاد من أجل المواطنين، هذا إلى جانب القضايا الاجتماعية».

وأوضح يونكر بالقول «أنا متفائل بسوق اقتصادي اجتماعي للجميع، وسيكون هذا عنصرا أساسيا في سياساتنا»، وشرح أن الحوار الاجتماعي أمر مهم لتحقيق السوق الاقتصادية الاجتماعية وفي نفس الوقت الحفاظ على الوضع الحالي هو أمر جيد ولكن علينا العمل من أجل المزيد من النمو، والمزيد من الاستثمارات، فلدينا حزمة استثمارات تنافسية واستثمارات في من أجل التوظيف. ولمح يونكر إلى استثمارات في مجال الطاقة والنقل والصناعة والبحث العلمي والابتكار، وتعهد بتقديم حزمة الاستثمارات هذه في فبراير (شباط) المقبل، وتصل قيمتها إلى ما يقرب من 300 مليار يورو.

وأضاف يونكر أن الاستثمار يعني مزيدا من التوظيف ومواجهة البطالة كما أن الاستثمار يعني بيروقراطية أقل، وأضاف «كما يجب إعادة النظر في نظام المساعدات الاجتماعية، وأيضا التركيز على القضايا الكبرى»، وأوضح يونكر «ليست كل مشكلة في أوروبا تعني أنها مشكلة للاتحاد الأوروبي ككل»، كما تعهد يونكر بالحفاظ على الاستقرار في أوروبا. وقال يونكر إن ما حدث في الماضي لم يكن أزمة يورو بل كانت أزمة ديون، «ونجحنا في الحفاظ على وحدة مجموعة اليورو واليوم لا تزال اليونان عضوا فيها». واعترف يونكر بأن أخطاء وقعت بالفعل وتعهد بعدم إجراء أي إصلاحات أو تغييرات في البرامج قبل النظر في مدى تأثيرات ذلك على حياة المواطنين.

وحول ما يعرف بالترويكا التي تضم المفوضية والبنك الدولي والمصرف المركزي الأوروبي، قال يونكر إن البعض يصفها بأنها ليست ديمقراطية وفي هذا الصدد سنعمل على إعادة النظر في شكلها وبرنامج عملها، وشدد يونكر بالقول «الأموال التي ليست بحوزتنا لن نستطيع أن نعطيها».

واستعرض أيضا عددا من القضايا الوطنية وقال إنها تتزايد خلال السنوات الأخيرة واستعرض على سبيل المثال قضايا تتعلق بالاتصالات والنقل وغيرها وشدد على ضرورة إلغاء التعريفات التي تفرض على أسعار المكالمات بين الدول الأعضاء. وفيما يتعلق بالطاقة تحدث يونكر عن ضرورة تحقيق وحدة أوروبية في مجال الطاقة وخاصة في أعقاب الأزمة الأوكرانية والاعتماد على مصادر متنوعة و«يجب أيضا القيام بما هو أكثر مما هو موجود في استراتيجية 2020 حول هذا الصدد».

ولمح يونكر أيضا إلى أن إكمال تحقيق سوق داخلية أوروبية يعني زيادة قيمتها 200 مليار يورو، كما شدد أيضا على أهمية تحقيق المزيد من الاندماج ومزيد من التمويل الاقتصادي، وقال «سوف أدافع عن هذه المبادئ»، وعن حرية التنقل بين الدول الأعضاء قال يونكر إنها سوف تستمر ولن يجري المساس بها مع بقاء السلطات الوطنية تتمتع بالحق في مواجهة الجرائم والانتهاكات.

وعن اليورو قال يونكر «لدينا عملة قوية في العالم ويجب التعامل مع ملف اليورو بصوت موحد في كل المؤسسات الاتحادية الأوروبية. وعن اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية قال يونكر أنا مع الوصول إلى اتفاق بين بروكسل وواشنطن لما تمثله من أهمية للمواطنين الأوروبيين والأميركيين وشدد في الوقت نفسه على ضمان الشفافية في المفاوضات وكشف التفاصيل للرأي العام، ورفض الربط بين المفاوضات وأي مطالبات تتعلق باتفاق سابق يتعلق بحماية البيانات الشخصية للمسافرين.

وتزامنت كلمة يونكر مع انعقاد الجولة السادسة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وانطلقت الاثنين في بروكسل وتستمر حتى الجمعة.

وحول ملف الهجرة الشرعية وغير الشرعية أشار يونكر إلى أن هذا الملف هو محل حوار يومي للأوروبيين، وقال إن أوروبا في حاجة إلى الهجرة الشرعية خلال العقود المقبلة ولقد فكرت كندا وأستراليا في هذا الأمر وعلينا أيضا أن نفكر في هذه المسألة وفي نفس الوقت لا بد من حماية حدود أوروبا الخارجية ومواجهة المنظمات الإجرامية التي تستغل الآخرين لتحقيق أرباح مالية وتقوم بتسفيرهم عبر البحر المتوسط وشدد يونكر على أن ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية هي مشكلة لكل أوروبا وليست قاصرة على اليونان ومالطا وإيطاليا، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي قال يونكر إن السياسة الخارجية يجب أن تكون نتيجة لصوت أوروبي موحد ولمح إلى صعوبة تحقيق توسيع للاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس المقبلة وأن المفاوضات الحالية مع دول غرب البلقان تحتاج إلى تحقيق المزيد من الأمور ومنها ما يرتبط بالقيم الأوروبية، وبالنسبة لأوكرانيا قال يونكر «أقول للشعب الأوكراني مرحبا بوجودكم معنا في أوروبا ولكم مكان فيها».

وفي ختام كلمته قال يونكر «يجب أن نفخر بما حققناه، ولا يجب الحديث عن دول جديدة أو دول قديمة في التكتل الموحد، وإنما جميعها دول أعضاء لديها عملة موحدة وهي عملة لا تعرض أوروبا للخطر بل هي تحمي أوروبا»، وكررها أكثر من مرة وسط تصفيق الأعضاء، وشدد على أن الأزمة لم تنته ما دام هناك 25 مليون عاطل في أوروبا، منوها إلى ضرورة مواجهة البطالة وخلق الوظائف، ودافع عما سماه وجود حكومات اقتصادية.

وأكمل يونكر يقول «القومية ستؤدي إلى الحروب وهذا ما قاله الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، وكان على حق، وعلينا أن نتبع النماذج الأوروبية التي كانت تتمتع بصفة الصبر الكبير وعلينا أن نتحلى بهذه الصفة وهذا ضروري».