وزير البترول المصري السابق لـ «الشرق الأوسط» : فرص كبيرة للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط

المهندس أسامة كمال دعا إلى اتخاذ إجراءات جدية لتحسين كفاءة منظومة الطاقة

المهندس أسامة كمال («الشرق الأوسط»)
TT

كشف وزير البترول المصري السابق، المهندس أسامة كمال، عن استمرار وجود مسببات مشكلات الطاقة التي ضربت البلاد في عامي 2012 و2013، مؤكدا في الوقت نفسه وجود فرص كبيرة للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. ودعا لاتخاذ إجراءات جدية لتحسين كفاءة منظومة الطاقة. وكانت أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء من أسباب ثورة المصريين على نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي. وقال كمال الذي تولى حقيبة وزارة البترول في عهد مرسي، في حوار مع «الشرق الأوسط» إن مصر لم تتخذ حتى الآن إجراءات جدية في تحسين كفاءة منظومة الطاقة.

وتحدث الوزير السابق عن رؤيته للطريقة التي ستسير عليها الأمور بهذا الشأن فيما تبقى من العام المالي الحالي المستمر حتى نهاية يونيو (حزيران) 2015، إن مصر في الوقت الراهن لا تحصل على دعم من الخارج ولكنها تحصل على تسهيلات سداد لمدة سنة، وبالتالي فإن ما اشترته منذ يوم الأول من يوليو (تموز) 2014، ستضطر لسداده يوم 30 يونيو 2015. «وهنا سيظهر من بداية موازنة 2015 / 2016 الموقف من توافر المنتجات البترولية في السوق». وأكد وجود زيادة في إنتاج مصر من البترول خلال السنوات الأخيرة «عوضت الانخفاض الطبيعي الذي يحدث للآبار بل زادت عليه قليلا»، مشيرا إلى مشكلة في اقتصادات التشغيل، لأن «الكهرباء تحصل على ثلثي كميات الوقود ولا تسدد ثمنها، وبالتالي هناك مديونية كبيرة»، في وقت مطلوب فيه من الدولة أن تسدد ما عليها للشركات الموردة للوقود. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* إلى أي حد يحق لمصر التنقيب عن الغاز في مياه البحر المتوسط؟

- قواعد ترسيم الحدود بالنسبة للبر وبالنسبة للبحر.. بالنسبة للبر نحن محكومون باتفاقيات «سايكس بيكو» وهي الحدود بين مصر وليبيا والسودان وفلسطين. وهذه محددة باتفاقات قديمة. وبعد ذلك صدرت اتفاقية من الأمم المتحدة عام 1982 بترسيم الحدود البحرية.. وهذه الاتفاقية موقعة من دول العالم كلها فيما عدا 3 دول هي الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وتركيا. وتتعلق قواعد تقسيم الحدود البحرية بخط الأساس الذي هو نقطة التقاء البحر بالبر آخذا في الاعتبار الفرق ما بين حالتي المد والجزر. ومن هذا المتوسط (خط الأساس) يتم تحديد المياه الإقليمية التي تبدأ من خط الأساس بطول 12 ميلا بحريا في عمق البحر وغير مسموح لأي أحد بالدخول فيها إلا بتصريح.

ثم لديك مسمى آخر هو المياه الاقتصادية الخالصة. وهذه بطول 200 ميل بحري من خط الأساس إذا كانت المسافة بينك وبين الدولة المقابلة تزيد عن 400 ميل بحري. أما إذا كانت لا تزيد فتطبق قاعدة «خط المنتصف»، مثل المسافة بين مصر وقبرص. فالمسافة بينهما لا تبلغ 400 ميل، وإنما 203 أميال. وبعد خط الـ200 ميل، إذا وجد في حالة الدول المتقابلة، ما يسمى بالمياه الدولية التي لا تتبع أحدا. والمياه الاقتصادية هي التي يجوز لك فيها الصيد والبحث عن الثروات المعدنية والبترولية منفردا، ولا يجوز لأحد الدخول فيها للبحث عن الثروات أو البترول أو الصيد، لكن يجوز المرور فيها من دون إذن. وتطبيق هذه القواعد لا علاقة له بما إذا كانت الدولة المعنية موقعة على الاتفاقية أو غير موقعة عليها مثل إسرائيل. ولم توقع مصر اتفاقية ترسيم الحدود (في البحر) مع الجانب الشمالي الشرقي من الحدود. لأنه في سنة 1993 جرى توقيع اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشهد على هذه الاتفاقية 3 دول هي مصر وأميركا وروسيا، وهذه الاتفاقية تعطي لقطاع غزة الحق في مياه اقتصادية أمامه بعمق 55 كيلومترا. ولو افترضنا أن مصر تريد ترسيم حدود لا بد أن توقع مع دولة موجودة في الأمم المتحدة.. وبالتالي لا يوجد غير التوقيع مع إسرائيل، ولو قامت مصر بذلك لتسببت في ضياع الحق على الفلسطينيين. وهذا حتى لا يزايد أحد على مصر ويقول لماذا لا توقعون. لكن عدم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود لا يعني اختراق أي جانب لحدود الآخر. مصر وقبرص وقعتا اتفاقية في عام 2003 وإسرائيل وقبرص وقعتا في عام 2008. وتوجد نقطة لتلاقي حدود 3 دول هي مصر وقبرص وإسرائيل. وفي داخل الاتفاقيتين المنفصلتين تعد إحداثيات النقطة رقم 12 هي نفس إحداثيات النقطة رقم 8. بما يعني أن هذه النقطة متفق عليها ضمنيا بين الأطراف الثلاثة رغم عدم وجود اتفاق ثلاثي بترسيم الحدود عند هذه النقطة.

* من أين يأتي اللغط إذن بشأن حقوق مصر في غاز البحر المتوسط داخل حدودها المائية الاقتصادية؟

- في بعض الأحيان يمكن أن توجد خزانات مشتركة تحت البحر في المياه الاقتصادية لهذه الدولة وتلك الدولة. وحين يكون هذا أمرا واقعا، يتم اللجوء إلى طريقة لتقاسم الإنتاج مثلما يحدث في الخليج العربي، الذي تطل عليه 7 دول تسحب من خزان واحد. وتقول هذه الطريقة إنه بعد المسح والاستكشاف، بما يعطيك تخيلا لشكل الخزان تحت الأرض وإحداثياته وامتدادات الخزان، يلتزم أي طرف يسحب من الخزان بالنسب التي تقع في نطاقه، حتى لو لم يقم أحد الطرفين ببدء أعمال السحب من الخزان. ولكي يثبت أنه يوجد إنتاج لا بد من البدء في أعمال بحث واستكشاف. ولهذا اتخذت مصر قرارا في وزارة البترول في عام 2012 بطرح كل المناطق الحدودية الواقعة على حدود مياهها الاقتصادية في مزايدات وتم ترسيتها على الشركات الفائزة بحيث إن كل شركة أخذت منطقة تبدأ في التنقيب فيها.

* لكن هل توجد مناطق واعدة في هذه الأماكن؟

- نعم يوجد.. لأن منطقة شروق في المربع 9 جرى العمل فيها من قبل. ومنذ سنة 1999 حتى 2011 تم إنفاق 621 مليون دولار. ووجدوا كميات من الغاز وبدأوا في تقديرها واختلفنا على تسعيرة شراء الغاز منهم. ولم نتوصل لاتفاق سعري يحقق عائدا اقتصاديا للشريك، فتم التخلي عن المنطقة طواعية وتخارجوا بعد إنفاق الـ621 مليون دولار. وقلنا لكي نقطع الشك باليقين في موضوع حدود المياه الاقتصادية أيضا بدأنا نعمل في كثير من المناطق الأخرى. وطرحنا منذ 2012 مناقصات وجرت الترسية عليها في 2013، لكن في هذا العام والعام الذي يليه لم يكن لدينا برلمان. كما أن الحياة السياسية كانت مضطربة. هذه اتفاقيات امتياز لا بد أن تصدر بقانون والقانون لا يصدر إلا من برلمان أو من رئيس الدولة في حالة عدم وجود برلمان إلى أن يعود، فيقر الاتفاقية أو يعدل عليها، ولهذا حين يصدر القانون من رئيس الجمهورية يكون متضمنا أنه لا بد أن يراجع فيما بعد في مجلس الشعب. وهذا يتسبب في بعض القلق من جانب المستثمر أو الشريك الأجنبي الذي سيبدأ في العمل والإنفاق. وسبب القلق أن البرلمان حين ينعقد يمكن أن يقوم بتعديل الشروط في العقد، بعد أن تكون الشركة قد أنفقت ملايين الدولارات في أعمال التنقيب. ومع هذا نحن أرسينا 23 اتفاقية منها 15 في المياه العميقة، على حدودنا البحرية، واعتمدها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ نحو شهرين، ومن المفترض أن هذه الشركات بدأت في الاستعداد للعمل. وعملية البحث والاستكشاف والتنقيب تستغرق عادة من عام ونصف العام إلى 3 أعوام. ولهذا فالشركات لديها طمأنينة لأنه هناك وقت حتى يبدأ مجلس الشعب في العمل.

* حين كنت وزيرا في الحكومة ظهر أنه يوجد أزمة في الطاقة في مصر. ما حقيقة هذا الموضوع، خصوصا أن الناس لمست المشكلة بشكل كبير من خلال نقص الوقود وانقطاع الكهرباء؟ هل توجد مشكلة حقيقية للطاقة في مصر، وكيف تم حلها؟

- المشكلة لم تحل حتى الآن.. في العام المالي الذي سبق «ثورة يناير» مباشرة، أي في 2010 / 2011.. كانت احتياجات السوق من السولار 12.5 مليون طن في السنة، يتم توفيرها عن طريق تكرير جزء من الخام بمعامل تكرير الدولة لتغطية 50 في المائة من الاحتياجات ثم شراء جزء من معامل التكرير الاستثماري بمصر، (نحو 25 في المائة) واستيراد 25 في المائة من الخارج. احتياجات البوتاجاز نحو 4.5 مليون طن في السنة.. مصر تنتج منها نحو 27 في المائة وتشتري من الشركات الاستثمارية داخل مصر نحو 19 في المائة ونحو 55 في المائة يتم استيراده من الخارج. نفس الكلام بالنسبة للبنزين والمازوت. وتستطيع أن تعتبر ما نأخذه من الشركات الأجنبية في مصر استيرادا، لأن هذه الشركات الاستثمارية ليست تابعة للدولة فأنت تنتج محليا 50 في المائة من البنزين وتشتري 50 في المائة أخرى، جزء منه استيراد وجزء منه من الشركات المنتجة بمصر. (من الشركات المنتجة بمصر 38 في المائة ومن الاستيراد من الخارج 14 في المائة). والسولار 50 في المائة من إنتاجك، و25 في المائة من الشركات الاستثمارية الموجودة في الداخل، و25 في المائة مستورد. حتى سنة 2005 / 2006 كنا نستطيع تغطية رقم الدعم (42 مليار جنيه) من إيرادات قطاع البترول مباشرة. وفي السنة التالية لم نتمكن.. لأن الرقم صعد إلى 71 مليار جنيه. وبدأ يظهر في موازنة الدولة بند اسمه دعم المنتجات البترولية، لأنه كان قد بدأ التطور الشديد في الاستهلاك السنوي. رقم الاستهلاك تطور بطريقة رهيبة من المنتجات البترولية، من سنة 2001 إلى سنة 2010، الرقم زاد من 41 مليون طن في السنة إلى 70 مليون طن في السنة. ولو لم نكن قد طورنا في تلك الفترة من عمليات الاستكشاف والبحث عن الغاز الطبيعي لتغطية هذه الزيادة الرهيبة في الاستهلاك، لكنا في مشكلة كبيرة. السولار كان 8 ملايين طن في 2001، وفي 2010 وصل إلى 12.5 مليون طن. والمشكلة الكبرى تكمن في زيادة حجم الاستهلاك. هناك 16 في المائة من استهلاك السولار يذهب للصناعة بينما يذهب للنقل 30 في المائة. وكم كبير آخر يذهب للكهرباء. وبالنسبة للمازوت تحصل الكهرباء على ثلثي الاستهلاك الإجمالي (مصر تنتج محليا نحو 9 ملايين طن، بينما الاستهلاك وصل إلى 12 مليون طن، وبالتالي تستورد 3 ملايين طن مازوت إضافية لحساب الكهرباء). قيمة الدعم زادت في العامين الماليين 2006 / 2008 من 43 مليار جنيه إلى 71 مليار جنيه. ولو لم نكن قد دخلنا في هذا التوقيت بالغاز الطبيعي لكانت مصيبة.

* مشكلة الطاقة في مصر قديمة، لكن ما أسبابها؟

- لدينا 8 معامل تكرير قديمة جدا ولم يتم تطويرها، ومعمل واحد فقط جديد. وأحدث معمل لدينا بدأ العمل في سنة 2000، بينما أقدم معمل بدأ سنة 1913، وما زال يعمل حتى اليوم. ولم يتم تطوير أو زيادة معامل التكرير في مصر. والدليل أننا نستورد منتجات، بينما كان الأفضل لنا أن نستورد الخام ونكرره في مصر. في الوقت الحالي لدينا طاقة تكريرية نحو 32 مليون طن ونظرا لقدمها وقلة كفاءتها أصبحت هذه الطاقة التكريرية تصل بالكاد إلى 26 مليون طن. وتستطيع مصر أن تكرر محليا من الخام الذي تنتجه نحو 24 مليون طن وتستورد سنويا مليوني طن خام تكرره في مصر أيضا. ولو كانت توجد لدينا طاقة تكريرية استيعابية أكبر فكان الأفضل أن نستورد الخام ونكرره محليا بدلا من استيراد منتجات. الشيء الآخر.. عمليات التنمية في مجال الغاز الطبيعي وتوقيع الاتفاقيات تستغرق وقتا طويلا جدا في مصر.. ولو كانت قد زادت كميات الغاز الطبيعي ولو قليلا لكان يمكن أن تدخل في استهلاك الكهرباء والصناعة بدلا من العجز الذي يعاني منه هذان القطاعان. وكذلك من أسباب مشكلة الطاقة أننا نعتبر أن الكهرباء والمنتجات البترولية، منتجات نهائية، بينما هي في الأصل ليست كذلك.. بل هي منتجات وسيطة لزيادة القيمة المضافة. الكهرباء على سبيل المثال.. كهرباء البيوت والمتاجر تقريبا تساوي 45 في المائة من إجمالي استهلاك الكهرباء والصناعة 55 في المائة. نصف الـ45 في المائة استخدام منازل.. أي تقريبا لديك 25 في المائة من إنتاج الكهرباء موجه للاستهلاك المنزلي.. مكيفات وإضاءة وخلافة، بقيمة منخفضة ومدعمة وبمحطات متهالكة فاستخداماتها من الوقود مرتفعة جدا ومتضاعفة. و92 في المائة من محطات الكهرباء بمصر تعمل بوقود البترول (سواء غاز أو مازوت أو غيره). و8 في المائة من السد العالي. وهذا خطر حتى من ناحية الأمن القومي لأنه لو حدث خلافات أو مشكلات في آبار البترول أو دخلت الدولة في حرب وتوقفت عن الإنتاج لأي سبب من الأسباب، فهذا يعني أن البلاد ستعيش في ظلام. يجري هذا بينما لا يتم ترشيد استخدام الكهرباء، لأنك تدعم الوقود بشكل كبير جدا. من المفترض أن تغلق الضوء بعد أن تغادر الغرفة التي كنت فيها، ومصابيح الشوارع التي تترك مضاءة نهارا، وسرقة التيار الكهربي، وبيع الوقود في السوق السوداء وتهريبه خارج الحدود بسبب بيعه في السوق المحلية بسعر متدنٍ جدا يشجع المهربين. كل هذا أدى إلى حدوث الأزمات، لأنك لم تحسن استخدام هذه الثروة من الطاقة. أنت تسمح بدخول أجهزة تكييف تستهلك كهرباء عالية جدا وتسمح بوجود سيارات ذات كفاءة منخفضة تستهلك وقودا أعلى بكثير عن الطبيعي. ونصف عدد السيارات التي تسير في شوارع مصر ذات محركات قديمة تستهلك وقودا أعلى. تحتاج مصر إلى إعادة النظر في منظومة الطاقة بشكل كامل حتى سنة 2050.

* ولماذا حدثت الأزمة في 2012 / 2013، ولماذا لم تحدث الآن؟

- اطبخي يا جارية.. كلف يا سيدي.. في سنة 2012 / 2013، كنا نغطي من إنتاجنا المحلي من 60 في المائة إلى 65 في المائة ونستورد الباقي من الخارج. وفي الفترة ما بين 2011 / 2012 و2012 / 2013 تراجعت موارد السياحة وتراجعت الصادرات الزراعية والصادرات الصناعية فأصبح لديك عجز في الموارد، ومطالب في نفس الوقت بأن تستمر بنفس كفاءة توفير الوقود في السوق المحلية. وفي 2013 / 2014 قام إخواننا العرب، السعودية والكويت والإمارات، بالتدخل ودعم مصر بـ23 مليار دولار منها تقريبا 10 مليارات دولار وقود بترولي.

* وكيف ستسير الأمور فيما تبقى من العام المالي 2014 / 2015؟

- أنت الآن لا تحصل على دعم من الخارج ولكن تحصل على تسهيلات سداد لمدة سنة. وما اشتريته يوم الأول من يوليو 2014، ستضطر لسداده يوم 30 يونيو 2015. وهنا سيظهر من بداية موازنة 2015 / 2016 الموقف من توافر المنتجات البترولية في السوق.

* وما توقعاتك للموقف؟

- حتى الآن مصر لم تتخذ إجراءات جدية في تحسين كفاءة منظومة الطاقة. وحتى الآن ما زلنا ندرس موضوع الطاقة الشمسية.

* ألا توجد زيادة في إنتاج مصر من البترول؟

- توجد زيادة لكن الإنتاج اليومي الذي تسمع عنه، لو لم يكن هناك اكتشافات جديدة تعوض الآبار القديمة التي تنضب، لانخفض الإنتاج.. مثلا في سنة 2010 كان متوسط إنتاجك في اليوم 1.7 مليون برميل، انخفض في وقت من الأوقات إلى 1.6 مليون برميل. واليوم وصل إلى 1.650 مليون برميل. وهذا يعني أن هناك آبار بترول جديدة دخلت وعوضت الانخفاض الطبيعي الذي يحدث للآبار، بل زادت عليه قليلا. وبعض آبار البترول والغاز يحدث فيها انخفاض يصل إلى نحو 15 في المائة سنويا. وهنا نأتي إلى اقتصادات التشغيل.. الكهرباء تحصل على ثلثي كميات الوقود ولا تسدد ثمنها. وبالتالي هناك مديونية كبيرة. ومن هنا أكون كدولة غير قادر على سداد ثمن البترول الذي أحصل عليه من الشركاء الأجانب ومن القطاع الخاص. ومن هنا تسارع مصر لسداد أموال الشركاء الأجانب حاليا، من أجل أن يسرعوا بعمليات التنمية التي تعد الأمل الوحيد في أن ترفع الإنتاج المحلي بدلا من الاستيراد من الخارج. هذه عملية متشابكة ومعقدة جدا.. وللتغلب على هذا لا بد أن تسير كل أجهزة الدولة بنفس السرعة. وما أراه أن مؤسسة الرئاسة تسير بسرعة كبيرة جدا، وتريد أن تحقق الكثير من الخطوات، لكن بقية مؤسسات الدولة لا تُعاون في هذا وعلى رأسها وزارة الكهرباء ووزارة المالية.

* ما حجم الاستهلاك مقارنة بالمتاح من الوقود في السوق؟

مصر تضخ في السوق سنويا ما بين 72 مليون و74 مليون طن منتجات بترولية يفوق ثمنها 370 مليار جنيه بحسابات الفرصة البديلة، بينما الدولة تبيع هذه الكمية بـ100 مليار جنيه. مصر تستورد طن البنزين بـ750 دولارا، (الطن فيه 1100 لتر) وهذا يعني أن سعر طن البنزين ذي الـ750 دولارا يساوي 5 أو 6 آلاف جنيه.. إذن يكون لتر البنزين في حدود 6 جنيهات على الأقل، بينما هو يباع بربع هذا الثمن تقريبا. ولو وفرته محليا ولم أستورد فإنني أكون قد وفرت مبالغ ضخمة، كما أنني لو وفرت من الإنتاج للتصدير فستكون هناك مزيد من العملة الأجنبية لخزانة الدولة. ومن قياس عدد المركبات والرقعة الزراعية وغيرها من الاحتياجات، نجد أن الاستهلاك ينبغي ألا يتجاوز 60 مليون طن إلى 62 مليون طن. وهذا يعطي مؤشرا أن هناك 10 ملايين طن يتم تهريبها. أي ما بين 15 في المائة إلى 20 في المائة من الاستهلاك. ولذلك يجب أن يتم تقليل الدعم عن طريق بدائل حقيقية وليست نظرية. مصر أخطأت حين قامت بدعم السلعة وليس بدعم الفقير. نحن ندعم الكهرباء التي يشتريها الغني والفقير وكذا البنزين، بينما الغني استهلاكه من البنزين والكهرباء أكبر بكثير من الفقير. وبالتالي إذا دعمت الفقير بـ1600 جنيه فإن دعم الغني يصل إلى 16 ألف جنيه.