المغرب يدخل عصر النفط والغاز بعد اكتشاف احتياطي يقدر بـ20 مليار برميل

TT

الدار البيضاء: لحسن مقنع فيما تترقب الأوساط الاقتصادية والنفطية الكشف عن تقديرات احتياطي المغرب من النفط والغاز، عقد العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء أمس الأول اجتماعا في الرباط بحث خلاله مع كبار المسؤولين سياسة المغرب النفطية مستقبلا.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد اعلن الليلة قبل الماضية في الرباط، عن اكتشاف مادة النفط والبترول بكميات وافرة ومن النوع الجيد بمنطقة تالسينت (شرق المغرب) قرب اقليم فّيّ جنوب شرق البلاد. وأكد العاهل المغربي في الخطاب الذي وجههه بمناسبة ذكرى «ثورة الملك والشعب» وعيد الشباب على ضرورة «التدبير العقلاني» لهذه الثروة المكتشفة و«تسخيرها لتفعيل الاقلاع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وتسريع وتيرتها». مؤكدا أن هذه الثروة «وسيلة وطاقة جديدة منّ بها الله علينا كي نضاعف من الجهد ومن العمل لتحقيق هذا الاقلاع وليست ولن تكون أبدا غاية في حد ذاتها أو ثروة تدعونا للتواكل والخمول والاستهلاك وتعطيل طاقاتنا ومؤهلاتنا البشرية والطبيعية».

ومن جهة أخرى، حدد العاهل المغربي استثمار هذه الثروة على الخصوص في تأهيل الموراد البشرية وتمتين النسيج الاقتصادي وعصرنته وتنمية العالم القروي وتنمية الزراعة من خلال تكثيف البحث الزراعي للاستفادة من التطور التكنولوجي، كما ذكر العاهل المغربي أن الثروة النفطية التي اكتشفت «لن تحجب عن بالنا عطاء مكانة الصدارة لتقوية وتنمية قطاعاتنا المنتجة الواعدة والتي نتوفر فيها على قدرة تنافسية دولية والمتمثلة في السياحة والصيد البحري والتكنولوجيات الحديثة للاعلام والتواصل والخدمات والصناعة التقليدية والنسيج».

وقد وقع المغرب لأول مرة اتفاقية لاستغلال النفط مع شركة «سكيدمور» (لونستار) الأميركية خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بمنطقة تالسينت الشرقية للمضي في هذه الاستراتيجية الجديدة حيث ستقوم الشركة بمواصلة انجاز برنامج حفر الآبار للاستكشاف تغطي مساحة اجمالية تقدر بحوالي 6 ألف كلم مربع تشمل 8 سنوات كمدة صلاحية للاستغلال باستثمار أولي قدر بأزيد من 120 مليون دولار، في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لتغيير قانون الهيدروكاربونات (المحروقات) الذي شرعت الحكومة المغربية في مناقشته منذ فترة، حيث يخول هذا القانون الجديد للشركات الدولية التي تبرم اتفاقيات مع المغرب في هذا القطاع من أخذ نسبة 75 في المائة من مجموعات الاكتشافات النفطية بمقتضى هذا القانون في حين تحتفظ الدولة المغربية بنسبة 25 في المائة اضافة الى تقديم اعفاء جبائي تصل مدته الى 10 أعوام لتشجيع الشركات التي تقوم بالتنقيب والحفر.

وعلى صعيد آخر، تبدي عدة شركات أجنبية متعددة الجنسية اهتمامها بالتنقيب في المغرب واهتمامها بالمغرب «كفضاء نفطي» مستقبلي، بعد أن كان مسؤولو مغاربة قد أجروا لقاءات مكثفة ومثمرة مع بعض مسؤولي شركات دولية.

وأوضحت بيانات أن مناطق مغربية كثيرة تبدو فيها مؤشرات واضحة المعالم مثل منطقة الصويرة ومنطقة «أونار» التي توجد على ساحل المحيط الأطلسي، ومنطقتي تاونات وفاس وسط المغرب وفي الشمال، حيث ترجح معطيات جيولوجية ان المغرب امام فرصة بديهية لدخول المغرب قريبا نادي الدول المنتجة للنفط.

وتجدر الاشارة الى أن المغرب يعتبر من الدول المستهلكة للنفط والغاز، حيث تقدر نسبة استهلاك الطاقة بالمغرب بحوالي 8.4 مليون طن سنويا أي بحوالي 53 مليون برميل سنويا حيث يشكل الخام والغاز نسبة حوالي 68 في المائة من مجموع الواردات (أساسا من السعودية والعراق وايران) حيث يساهم قطاع الطاقة بنسبة 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

وتوجد بالمغرب حوالي 8 شركات متعددة الجنسية («كابر» و«توريس» و«انتربريز أويل» و«لاسمو» البريطانيتان و«روك أويل» الاسترالية و«شيل» و«فانكو» و«سكيدمور» الأميركية) حصلت بعضها على رخص للتنقيب والبعض الآخر على اذن للاستطلاع بمناطق مختلفة بالمغرب سواء بأعالي البحار أو مناطق أخرى. ويكتسي اكتشاف البترول بالمغرب أهمية بالغة، حسب ما أدلى به فرانسيس بران خبير فرنسي بقطاع البترول لاحدى قنوات الاذاعة المغربية، حيث يعتبر أول اكتشاف لهذه الثروة بالمغرب منذ سنوات، حيث سيمكن الحقل البترولي المكتشف ابان استغلال انتاجه (والذي لم يحدد بعد) من تقليص الفاتورة البترولية التي تثقل الميزان التجاري المغربي بحوالي 500 و800 مليون دولار سنويا، كما أنه ستمنح الفرصة لاستعمال هذه النفقات لتطوير الموارد الداخلية، وعلى صعيد ثان ستبدي عدد من الشركات النفطية الأجنبية اهتماما بالمغرب كونه قاعدة استثمارية في قطاع النفط. وقدرت اوساط لرويترز الاحتياطي المكتشف بحوالي 20 مليار برميل.

وقد ترأس العاهل المغربي عقب اعلانه نبأ اكتشاف البترول والغاز جلسة عمل خصصت لدراسة السياسة النفطية التي يتعين اتباعها، حيث أوضح بيان صدر عن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس عين أمينة بنخضراء مديرة عامة للمكتب الوطني للأبحاث والاستثمارات النفطية، حيث أعطى العاهل المغربي تعليماته للحكومة في ميدان التنقيب عن النفط والمحروقات بصفة عامة واستثمارها وفق التوجيهات الملكية. وتقدر واردات المغرب من النفط 7.2 مليون طن خلال سنة 1999 بزيادة 20 في المائة، ومن حيث القيمة شكلت هذه الواردات 8.5 في المائة من إجمالي قيمة واردات المغرب السنوية من النفط. وسجلت الفاتورة النفطية المغربية زيادة بنحو 65.4 في المائة خلال عام 1999. وترجع هذه الزيادة بالخصوص إلى ارتفاع أسعار البترول والدولار، أكثر مما تعود لنسبة نمو الكميات المستوردة التي لم تتجاوز 20 في المائة.